تيسير محمود العميري - النجاح الإخباري - يقولون في الأمثال العربية "الولد سر أبيه" وفي موضع آخر "من شابه أباه ما ظلم"، وكذلك "فرخ البط عوام"، في دلالة على توريث الصفات والمهنة بين الأجيال، وعندما يكون الولد مشابها لأبيه في صفاته وطباعه.
عند الدقيقة (115) في الشوط الإضافي الثاني من مباراة الدنمارك وكرواتيا، ضمن دور الستة عشر من مونديال روسيا (2018)، نفذ النجم الكرواتي "لوكا مودريتش" ركلة جزاء في توقيت قاتل، كان يمكن للكروات من خلالها حسم النتيجة وبلوغ دور الثمانية من دون الحاجة إلى ركلات الجزاء الترجيحية أو ما يعرف بـ"ركلات الحظ".. تصدى الحارس الدنماركي "كاسبر شمايكل" للركلة ومنح فريقه بارقة أمل جديدة.
وما أن صد "كاسبر " "32 عاما" الركلة حتى توجهت الكاميرات نحو شخص جالس على المنصة الرسمية.. قفز هذا الشخص في الهواء وقام بحركة بيديه تدل على الشعور بالزهو والفخر.. ذلك الشخص كان "بيتر شمايكل" "55 عاما" والد "كاسبر".
في العام (1992) شارك منتخب الدنمارك في بطولة الأمم الأوروبية التي اقيمت في السويد.. لم يتأهل الدنماركيون من التصفيات بل جاءت مشاركتهم بـ"قرار سياسي" نتيجة إقصاء "يوغسلافيا" بسبب الحرب هناك.. حضر الدنماركيون إلى السويد بفريق رائع ضم حارسا للمرمى يساوي نصف الفريق.. تألق "الأب بيتر" على مرأى من عيون "الابن كاسبر" البالغ آنذاك من العمر (6) سنوات، وعاد الدنماركيون بالكأس الى كوبنهاجن، وخلال عامين متتاليين "1992 و1993" حصل بيتر شمايكل على لقب أفضل حارس مرمى في العالم.
يفخر "بيتر" بنجله كما يفخر "كاسبر" بأبيه، وإن كان "كاسبر" تضايق ذات مرة حين بات يُعرف بأنه "نجل بيتر" وليس "الحارس كاسبر" رغم أنه شارف على الاعتزال.
بالفعل كان أول من أمس "يوم حراس المرمى".. الحارس الروسي "ايغور اكينفيف" تصدى لركلتي جزاء ترجيحيتين، وساهم بفاعلية في تأهل "الدب الروسي" والاطاحة بـ"الثور الاسباني" من المونديال، وبعد ساعات قليلة شهدت مباراة كرواتيا والدنمارك تألقا لافتا للحارسين الدنماركي "كاسبر شمايكل" والكرواتي "دانيال سوباشيتس"، فتصدى "كاسبر" لركلة خلال الشوط الإضافي الثاني وكذلك لركلتين ترجيحيتين، فيما تصدى "سوباشيتس" لثلاث جزاء ترجيحية دنماركية، حملت الكروات الى حيث يرغبون وأقصت الدنماركيين وسط احترام الحضور.
على النقيض من ذلك، فقد شهد المونديال أفول نجم بعض حراس المرمى الكبار، ممن كان يتوقع لهم أن يكونوا حاضرين بقوة.. لم يعتقد أحد أن الحارس الاسباني "دي خيا" سيكون على هذا النحو من الضعف، عندما كان سببا في تعادل بطعم الخسارة أمام البرتغاليين، وفشل فشلا ذريعا في الاختبار الروسي، والأمر ينطبق على الحارس الألماني "مانويل نوير"، الذي غاب مطولا بسبب الإصابة، وعاد في المونديال لكن العودة لم تكن موفقة.
يبدو أن الدور أصبح على حراس المرمى لحمل فرقهم نحو منصة التتويج، بعد أن عجز النجوم المألوفين عن تأدية ذلك الدور.

مدير تحرير الدائرة الرياضية/ التحدي في "الغد"