وليد العوض - النجاح الإخباري - عضو المجلس الوطني الفلسطيني

في اجتماعها المنعقد في أوائل شهر اذار الجاري قررت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عقد المجلس الوطني الفلسطيني في الثلاثين من نيسان المقبل على ان يكون انعقاده هذا بدورة عادية وجدول اعمال كامل يتضمن تقييم المرحلة السابقة والاتفاق على استراتيجية وطنية جديدة للحفاظ على المشروع الوطني وضمان مواصلة الكفاح الحقيقي علاوة على تجديد الهيئات واللجان كافة حسب النظام والقانون.

ومن الملاحظ ان الدعوة لعقد هذه الدورة العادية جاء بعد ان اصطدمت كافة المحاولات السابقة لعقد دورة جديدة وفقا لتشكيل جديد للمجلس بالتوافق او الانتخاب هذه المحاولات اصطدمت بجدار الانقسام الذي ما زال خنجرا تستله كل القوى المعادية لشعبنا بهدف الطعن بالتمثيل الموحد لشعبنا والسعي لتبديده مقدمة لتصفية الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا الفلسطيني.

ان هذا الخطر الماثل يستدعي حرص الجميع في الحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية واستعادة مكانتها ودورها في قيادة شعبنا في مرحلة التحرر الوطني وتجديد هيئاتها. وهذا بدوره يتطلب انعقاد المجلس الوطني، وما من شك فان عقد المجلس الوطني بمشاركة الجميع بما فيها كافة قوى منظمة التحرير وحركتي حماس والجهاد يمثل حاجة مهمة ولذلك نعتقد انه من الضروري بذل كل الجهود خلال ما تبقى من وقت، ومحاولة إقناعهم بالمشاركة.

وفِي هذا السياق اذا ما توفرت النية الحقيقية لهذه المشاركة فلن يكون من الصعب الاتفاق على مزيد من الوقت لتحقيق ذلك ، شريطة ان يتفق مسبقا على عدم رهن ذلك بموقف هذا الفصيل او ذاك خاصة وأنه لم يعد من الممكن أو الجائز الانتظار تحت أي ذريعة من الذرائع، في ظل تصاعد مخاطر تصفية القضية الفلسطينية، وفقا لما يسمى بصفقة القرن، التي بدأت بإعلان ترامب القدس عاصمة لدولة الاحتلال ومن ثم التوجه لتصفية قضية اللاجئين والانتقال من ملف الى اخر وصولا للإجهاز على مجمل الحقوق الوطنية.

وفِي ضوء ذلك على كل مهتم ان يلاحظ انه لا يمكن تنفيذ بنود الصفقة كاملة الا بتنفيذ مخطط تبديد التمثيل الفلسطيني الموحد المعبر عنه بمنظمة التحرير الفلسطينية ، وهذا يستدعي كما قلت الحفاظ عليها وتجديد مؤسساتها وانقاذها من فقدان شرعيتها القانونية واحداث فراغ قانوني لسبب او لآخر يضع الحالة الفلسطينية برمتها في مهب الريح ويدرك كل صاحب بصر وبصيرة انه يمكن لأي حدث أو عاصفة أن يبدد هذه الشرعيات ويمكن الخصوم من الانقضاض عليها، الأمر الذي سيدخل الوضع الفلسطيني برمته في دوامة من الارتباك والفوضى في وقت نحن بأمس الحاجة فيه للحفاظ على مكانة القضية الفلسطينية في ظل ما يشهده العالم تبدلات في التحالفات تسعى فيها امريكا وإسرائيل ولو مؤقتا التاكيد على سيطرتها على العالم وعلى المستوى الإقليمي تكون فيه القضية الفلسطينية وحقوق شعبنا هي الضحية.

هذه الأيام وفِي ظل ما تمر به المنطقة من تبدلات ومؤامرات وصوغ للتحالفات علينا ان ندرك ان الاختبار الحقيقي الذي نواجهه اليوم يتمثل في القدرة على الحفاظ على انجازاتنا وأهم هذه الانجازات منظمة التحرير الفلسطينية التي قادت نضال شعبنا وأضحت بفعل تضحياته الجسام ممثله الشرعي والوحيد وقد اكتسبت هذه المكانة بفعل عاملين أساسين العامل الأول: تمثل بما قدمه شعبنا من تضحيات أجبرت العالم على الاعتراف به وبعدالة قضيته ووقف الى جانب حق شعبنا في إقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس.

اما العامل الثاني فتحقق بفعل البيئة والمناخ الدولي والاقليمي الذي ساعد في حينه أن تتشكل منظمة التحرير وأن تحظى بما حظيت به من اعتراف ومكانة، وإذا كان العامل الأول ما زال متوفرا ويتمثل بالمخزون الكفاحي لشعبنا ويتمثل اليوم بالهبة الشعبية المتواصلة احتجاجا على اعلان ترامب وسعيه المحموم لتصفية القضية بصفقاته المشؤومة، فإن العامل الثاني أي البيئة والمناخ الدولي ودوائر صنع القرار كلها لم تعد كذلك بل وفي بعض تفاصيلها التي نراها اليوم نلحظ المسعى المعادي لشعبنا ومحاولات تبديد المنظمة وتقويض مكانتها كجامعة للشعب الفلسطيني في كافة مناطق تواجده ومجسدة لهويته الوطنية.

ان الدوائر التي تتربص شرا بشعبنا وقضيتنا بما في ذلك التي تريد ان تتحلل من مسؤولياتها تجاه القضية الفلسطينية تتحين الفرصة الان اكثر من اَي وقت مضى للانقضاض على هذه الشرعية وهي تدرك تماما صعوبة الحصول مثل هذه الشرعية الموحدة والجامعة للشعب الفلسطيني مجددا في ظل موازين القوى الماثلة اليوم، ان هذا الواقع الملموس يجب أن يدفع كل الوطنيين الحريصين على بقاء هذه الشرعية البحث عن كيفية الحفاظ عليها وهذا لا يتم بالدعاء وتوفر النوايا الحسنة و فقط، بل يحتاج لعمل دؤوب في حماية الشرعية الفلسطينية التي يمثلها المجلس الوطني الفلسطيني كمظلة للشرعية الفلسطينية وحاميها في مواجهة كافة المخاطر والتحديات التي تواجه شعبنا وقضيتنا.