عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - في اجتماع مغلق لكتلة حزب الليكود، وفي ظل التباين في وجهات النظر بين رئيس الوزراء وباقي اعضاء الكنيست بشأن كيفية التعامل مع الرئيس ترامب، أكد نتنياهو للمجتمعين: "لا يوجد لدينا شيك مفتوح في السياسة". بتعبير اوضح اراد رئيس الحكومة الإسرائيلية، ان يوضح لزملائه في الحزب الحاكم: تريثوا ولا تطلقوا الخيال لأحلامكم الاستعمارية، لا اعرف حدود الصفقة، التي يريد عقدها بيننا وبين الفلسطينيين. لا سيما انه (ترامب) مؤمن بأن الرئيس ابو مازن شريك قوي للسلام. ورغم ان رئيس الائتلاف الحاكم ومعه وزير الأمن الداخلي، اردان وغيرهما حاولوا التحريض على الفلسطينيين عموما والرئيس عباس خصوصا، لوضع اسفين في العلاقة الإيجابية بين الرجلين، إلا انهم جميعا فشلوا. وحتى ما نشر عن تسريبات إسرائيلية "عليمة" تفيد "ان اجتماع الرئيسين ترامب وابو مازن في بيت لحم كان صاخبا"، باءت محاولاتهم بالفشل، لأن الحقيقة مغايرة لما نشرته تلك التسريبات المخابراتية او الممولة من قبل فريق رئيس الحكومة المصدوم بترامب.

ما تقدم يشير إلى ان نتنياهو، بات على يقين، ان الرئيس الأميركي بقدر ما يقف مع إسرائيل وتوجهاتها العامة في مسار العملية السياسية، ورغم انه حرص على ترك الباب مفتوحا أمام خيارات الصفقة (الحل) ولم يحدد حتى اللحظة قبوله من عدمه بخيار حل الدولتين او الدولة الواحدة، بقدر ما يرغب بتحقيق تسوية سياسية تضمن للفلسطينيين وجودا وحدودا في الجيوبوليتك. ولكن كيف؟ وما هي حدود وسقف تلك الصفقة؟ لا احد يعلم. ويخطئ اولئك الغاوون السباحة في مياة السيناريوهات المتداولة في وسائل الإعلام في تقديراتهم الخاطئة. 

لذا كشكل من اشكال الإملاء، التي يريدها الحاكم الإسرائيلي وبايعاز من بعض الجهات الأميركية، قام نتنياهو بالتقدم والتمدد داخل اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 لفرض وقائع جديدة على الأرض، مستغلا ذكرى مرور خمسين عاما على احتلال الأرض الفلسطينية في حرب حزيران 67 عموما والقدس خصوصا، وزيارة الرئيس ترامب لحائط البراق ليعقد اجتماعا لحكومته الاستعمارية تحت ظلاله، مع ما يحمله ذلك من دلالة سياسية ودينية تتناقض مع التاريخ والقرارات الدولية، وهو ما يعني ان قيادة دولة التطهير العرقي الإسرائيلية ماضية في خيار ضم القدس، وأقرنت تلك الخطوة ايضا في نفس اليوم الأحد الماضي بتدشين خط القطار الهوائي، الذي قاده وزير المواصلات الإسرائيلي في عاصمة فلسطين المحتلة، الأمر الذي دعا سفراء دول الاتحاد الأوروبي لرفض المشاركة بالانتهاك الإسرائيلي، كما اعلنت الإدارة المدنية قرارا بناء مستعمرة جديدة على اراضي فلسطينية ما بين سلواد وترمسعيا ودير استيا كبديل لبؤرة "عمونة"، التي تم تفكيكها بداية العام الحالي، فضلا عن وضع خطة لتهويد التعليم في مدينة القدس، ورصد مبالغ كبيرة للاستيطان الاستعماري .. إلخ من الانتهاكات الإستعمارية.

يلاحظ من خلال الخطوات الإسرائيلية الحذرة والمدروسة ان نتنياهو يحاول زيادة قيمة الشيك، الذي يرغب بالحصول عليه من الرئيس الأميركي في الصفقة، التي يعمل من اجلها. وهو ما يتطلب من القيادة الفلسطينية والقيادات العربية التصدي للخطوات الإسرائيلية، وتحميل الرئاسة الأميركية المسؤولية عن اي تهديدات لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وضمان العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194. لا سيما ان هذا الخيار، هو الخيار الأنسب والأكثر واقعية في الشروط السياسية القائمة في المنطقة والعالم، وتؤمن الحد الأدنى الممكن للشعب الفلسطيني من تأكيد هويته الوطنية على الأرض الفلسطينية. زيادة قيمة الشيك الإسرائيلي من عدمه، تقع مسؤوليتها على الإدارة الأميركية والأشقاء العرب وقبلهم القيادة والشعب الفلسطيني.