وكالات - رامي مهداوي - النجاح الإخباري - الاستعمار بكل مراحله تعامل معنا ضمن رؤية "فرّق تسد". أعتقد أننا الآن في مرحلة مختلفة وهي تفكيك ما تمّت تجزئته ليس فقط جغرافياً، وإنما بنيوياً وأيديولوجياً. ما يسهّل سيطرة الاحتلال على الكل تفكّك المجتمع وتشرذمه، وهي إستراتيجية وضعها الاحتلال منذ سنوات على الصعيد العربي وبالتحديد داخل مكونات القضية الفلسطينية.
سياسات الاحتلال الإسرائيلي أصبحت واضحة وضوح الشمس في تفكيك القضية الفلسطينية بكل مفاصلها، وتفكيك جزء كبير من الفلسطينيين، ليس فقط بعيداً عن السلطة الوطنية الفلسطينية، بل أيضاً بقدرته على بناء ذاته كشعب تحت الاحتلال مع تطلعات تحقيق حق تقرير المصير!!
بالتالي عمل الفكر الصهيوني على تجزئة المجتمع الفلسطيني كإستراتيجية قوة، لهذا يعمل على بناء أو تلفيق مجموعات اجتماعية منعزلة "أقليات"، ولتوليد ممارسات "حرب" بين تلك الأقليات بعضها البعض، في شتى الأشكال والأنواع، انظر إلى ما يحدث في الداخل الفلسطيني: الانقسام السياسي، والكثير من التفكيك والصراعات التي تتم ولادتها بشكل يومي.
المجتمع المتشرذم هو حال شعبنا للأسف، يتعامل في تناقضات سطحية ومربكة.. فقد الأهداف المشتركة، فقد مسار قضيته الوطنية. ما أدى إلى ولادة العديد من المجموعات الاجتماعية المنظمة ولكنها معزولة عن بعضها البعض، والأخطر أنه فقد القدرة على إقامة تحالف وبالتالي، فهو في حالة استحالة مطلقة لبناء الهيمنة السياسية ولا يطور طرق التعاون فيما بينهم، بل الدخول في حروب ضد بعضهم البعض، حيث يهاجمون ويتبادلون أدوار الضحايا والجناة، حيث لا تتوفر لديهم إمكانيات لبناء إستراتيجيات دفاعية فعالة ضد ما يفككهم ويشرذمهم.
لذلك، فإن أول عمل مقاوم ضد إستراتيجيات التجزئة هو استعادة المستقبل كمساحة للسياسة. ثم استعادة القدرة على لمّ الشمل الوطني وتجميع الكل الذي تم تفتيته على المستويات كافة، والأهم المستوى الفردي، من خلال إعادة تقييم المساحات الشخصية للحوار الذي بدأنا نفقده ونكفر به، وهي الفكرة الأساسية والمركزية بأن الحياة لا يمكن تصورها وغير قابلة للتفكير كعمل فردي ومنفرد.
في الخلاصة، أود أن أختم بالقول: إنّ محاولات تجزئة فلسطين - أرض وإنسان - ستستمر، وهذا هدف إستراتيجي للصهيونية، ما يُحزنني كفلسطيني، أن أشاهد النزاعات الفلسطينية الفلسطينية تتكاثر بكافة مناحي الحياة وتتجذر، ما يجعل الكثيرين يكفرون بقضيتنا ويبتعدون عن مساعدتنا.. وربما الكثير منّا كشعب أصبح يؤمن بما هو مجزّأ للحفاظ على ذاته على حساب قضيتنا الأساسية.