وكالات - النجاح الإخباري -  انتقد أعضاء البرلمان الأوروبي، الخميس، بشدة أوضاع حقوق الإنسان في المغرب ولا سيما حرية الصحافة، معربين عن قلقهم إزاء المتابعات القضائية التي قالوا إنها شملت عددا من الإعلاميين والنشطاء الحقوقيين.

وفي قرار غير ملزم جرى اعتماده على نطاق واسع في ستراسبورغ (356 صوتًا لصالح و32 ضد وامتناع 42 عن التصويت) حثّ البرلمان الأوروبي السلطات المغربية على “احترام حرية التعبير وحرية الإعلام” و”ضمان حق الصحافيين المسجونين في المحاكمة العادلة”.

واعتبر البرلمان الأوربي أن المغرب يواصل مضايقة كل من ينتقد السلطة، مستخدماً حملات التشهير والمراقبة الرقمية والمتابعات القضائية التي لا تنتهي.

وانتقد البرلمانيون الأوربيون المحاكمات التي طالت عددا من الصحافيين، معتبرين أنها ذات “دوافع سياسية”، مستشهدا بحالات توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وربيع الأبلق، كما قالوا إنه أُغلقت بعض وسائل الإعلام وفرضت عليها غرامة؛ واستدلوا أيضا بما صدر عن مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنية بالاحتجاز التعسفي التي تحدثت عن “احتجاز توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني بشكل تعسفي”.

كما تطرق القرار إلى حالة عمر الراضي الذي حكم عليه بالسجن ست سنوات بتهمتي “الاغتصاب” و”التجسس” آذار/ مارس 2022. وقال البرلمان الأوربي إن محاكمته انتهكت العديد من المعايير الدولية، كما تعرض الراضي سابقًا لحملات تشهير واحتجاز تعسفي واعتداء جسدي وتم استهداف هاتفه الذكي ببرنامج تجسس بيغاسوس.

ودعا البرلمان إلى الإفراج المؤقت عن الراضي ريثما تتم إعادة محاكمته، مطالبا بوقف مضايقة الصحافيين في السجن واحترام جميع حقوقهم.

وحث السلطات المغربية على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الصحافيين والنشطاء المحتجزين بشكل تعسفي. كما أدان حملات التشهير واسعة النطاق، المتمثلة في اتهام المعارضين بالعنف الجنسي.

وذكر البرلمان الأوروبي بموقفه تجاه ناصر الزفزافي، الذي وصل إلى نهائي جائزة “سخاروف” عام 2018، داعيا إلى إطلاق سراحه بالإضافة إلى السجناء السياسيين التسعة الآخرين الذين ما زالوا في السجن.

وأدان ما أسماه “استخدام المغرب لتكنولوجيا المراقبة ضد الصحافيين المغاربة والفرنسيين والإسبان وغيرهم”، مستدلا على ذلك بهشام المنصوري وتوفيق بوعشرين وعلي عمار وسليمان الريسوني وإغناسيو سيمبريرو، داعيا إلى وقف بيع وتصدير ونقل جميع تقنيات المراقبة إلى المغرب.

وكلف البرلمان رئيسته بإحالة هذا القرار غير الملزم إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء والحكومة المغربية.

وكان المغرب قد استبق القرار المذكور ببيان تكذيبي موجّه من طرف رئيس “اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي”، لحسن حداد، إلى أعضاء البرلمان الأوربي، وقال إن البرلمان الأوربي “يتطرق، من خلال مشروع القرار حول وضعية الصحافيين في المغرب، ولا سيما حالة عمر الراضي، إلى ملف قضائي مفتوح أمام قضاء مستقل لبلد شريك، ويتدخل بذلك في عملية قضائية ما تزال جارية، وهو ما يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان”.

وأوضح البيان المغربي أن “عدة أطراف سعت، باسم حقوق الإنسان، إلى الدفع نحو الاعتقاد بأن هذا الشخص (عمر الراضي) قد سجن ظلما وبشكل تعسفي بسبب آرائه، بينما يتعلق الأمر في الواقع بمعتقل في إطار قضايا الحق العام متهم بالاغتصاب”.

وبعد إشارته إلى أن المغرب قام منذ سنة 2016 بحذف العقوبات السالبة للحرية في حق الصحافيين من قانون الصحافة، أكد لحسن حداد أنه جرى احترام شرط علانية المحاكمة، وأن إجراءات التوقيف تمت وفقا للقانون ومقتضيات المسطرة الجنائية، وأن دفاع المتهم طلب إجراء المحاكمة بشكل حضوري، وأنه تم قبول جميع طلباته من طرف القضاة.

وأضاف في رسالته الموجهة إلى البرلمان الأوربي قائلا “نجدد توصيتنا بأن تلتزم جميع الجهات المتدخلة بمبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها من طرف القانونين الوطني والدولي، وأن تتصرف وفقا للقانون والمعايير الدولية والقواعد الأخلاقية، كما تشير إليها المبادئ الأساسية المتعلقة باحترام استقلالية القضاء”.

وأشار حداد، من جهة أخرى، إلى أن النواب المغاربة يعتبرون أنه من الضروري ضمان استفادة النساء ضحايا الاغتصاب الجنسي، على صعيد العالم، من الحقوق والمبادئ التي تكرس المساواة والأمن والحرية والسلامة والكرامة لجميع البشر.

وأضاف قائلا “إننا ندافع بقوة عن حق ضحية جريمة الاغتصاب المزعومة التي ارتكبها صحافي بحق امرأة، صحافية أيضا، في اللجوء إلى العدالة”، مبينا أن “الحق في محاكمة عادلة لا ينبغي ضمانه فقط لرجل صحافي، وعدم تأمينه لمرأة صحافية”.

وتابع حداد أن النواب المغاربة، أعضاء اللجنة البرلمانية المشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يطلبون من جميع النواب الأوروبيين التحلي باليقظة أمام هذه القضية التي ما تزال في مرحلة المحاكمة أمام محكمة النقض وعدم التصويت لصالح هذا القرار الذي يدعم صحافيا يشتبه في ارتكابه جريمة اغتصاب في حق صحافية تتهمه بأنه اغتصبها والتي سبق وأن أصدرت المحكمة الابتدائية حكما لصالحها.

وأضاف البرلماني المغربي في رسالته “كنا نأمل في أن يثير زملاؤنا في البرلمان الأوروبي قضايا حقيقية ومثبتة لانتهاكات حقوق الإنسان في بلدان أخرى ضمن الجوار الأوروبي بدلا من التركيز على بلد شريك واحد وجار أوروبي من الدرجة الأولى هو المملكة المغربية، التي حققت تقدما ملحوظا في مجال حقوق الإنسان أكده مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ووزارة الخارجية الأمريكية، والهيئات الأوروبية المعنية بحقوق الإنسان وغيرها من المؤسسات”.