نابلس - حسن البطل - النجاح الإخباري - لدى وصول «جيش الأبجديّة» الحرف الثالث، يتوزّع أرتالاً.. هذا في اللغات الساميّة/ الأوروبية، في الأقل.
الحرف الثالث «مُخيف»، لأنه مُنعطف أبجديّة الفناء النووي. لسببٍ ما، صار الحرف الثالث «غاما» في الأبجديّة الإغريقية أشبه بـ»الغُولة» التي تفترس حضارة الإنسان، إذا انطلقت الموجات الثلاث من أشعّة الطاقة النووية من عقالها السلمي إلى جنونها الحربي.
أبجديّة الحياة البشرية (حالاتها) كأنها من ثلاثة أحرف/ مراحل مترابطة: الطفولة - الصبا؛ الشباب - الرُّجُولة؛ الرُّجُولة - الشّيخُوخة. أيضاً، دورة: بيضة - دودة - فراشة. ربما يشمل ذلك «الثالوث المُقدَّس» بمعنىً من المعاني. وبشيءٍ آخر من الاستعارة ينطبق ثالوث الحياة البشرية: الابن - الأب - الجد.
***
هل ننساق مع القياس الثلاثي السابق .. إلى عمر تقييم النضال الفلسطيني الحديث، مُرمَّزاً وممركزاً في حركة «فتح».
1 - «ألفا» المرحلة الفلسطينية/ الأردنية: استمرّت ستّة أعوام 65 - 1971. للثوّار وهج أحلام الأطفال. جامحة وورديّة. يُريدون «الكلّ».. ويُريدونه جميلاً - تامّاً. لا طفل يلعب بنصف كرة، أو رُبعها.
في النتيجة الصُّوَريّة لمرحلة «ألفا»: هُزمت الحركة الوطنيّة المسلّحة. بدل أن «تقترب» من فلسطين «ابتعدت» عنها .. جغرافيّاً!
2 - «بيتا» المرحلة السورية/ اللبنانية: استمرّت عشرين عاماً (68 - 1987). لا يوجد انفصال عن أبجديّة/ مرحلة «ألفا». لم تنتهِ تماماً بالخروج الفلسطيني المسلّح الثاني 1982 (الخروج الوطني الفلسطيني الثالث منذ 1948)، لأن «حرب المخيّمات» استمرت حتى الانتفاضة، بل واكبتها عاماً.
في تلك المرحلة، تعلّم الفلسطيني «حساب المثلّثات» السياسي. صار واقعياً (البرنامج المرحلي 1974). أيضاً، دخل غمار اللعبة الإقليمية/ الدولية. الحرب الفلسطينية في لبنان كانت متوالية حروب منطقية: حرب ضد إسرائيل؛ حرب أهليّة فلسطينية - لبنانية - سورية؛ حرب أهليّة فلسطينية - فلسطينية - سورية.
أظهر الفلسطينيون عناداً رهيباً، عندما دافعوا باستماتة عن المخيّمات، كما لو أنّها فلسطين الأرض - الشعب. هذا العناد غير الواقعي للإرادة، ليس نقيضاً لـ»حساب المثلّثات» السياسي .. خلاف ما يبدو.
يجب ألا تنطفئ الشُّعلة. يجب أن تنضج كل مرحلة. يجب الانتقال المترابط من تحدّيات مرحلة سبقت إلى مرحلةٍ لاحقة.. ومهما كان الثمن (انظروا: صورة مخيّمي صبرا - شاتيلا غداة «حرب المخيّمات»). خراب لا يُصدّق. على العنقاء الفلسطينية أن تنهض من رماد الدمار.
3 - «غاما» المرحلة الفلسطينية - الإسرائيلية: تبدو الانتفاضة، في بداياتها، مُجلّلَة بالبساطة والرومانسية. حتى النشيد كان بسيطاً: الحجر؛ بساطة «الكلاشن» في البدايات الفدائيّة. ربما «الكلاشن» حجر عن بعد مُعيّن (مقارنة بترسانة إسرائيل). ربما «الحجر» «كلاشن» عن قربٍ مُعيّن.
***
في المرحلة الفدائية/ الطفولية، دار جدل حول أفضل السبل لتحول مقاتلي العصابات «حرباً شعبية». كان العائق ظروفاً موضوعية عربية .. وظروفاً ذاتية فلسطينية (حداثة التجربة. واقع التشتُّت..إلخ).
دار الجدل في المرحلة الانتفاضية حول مخاطر الاندفاع إلى الأمام (انتفاضة مُسلّحة). الحل الوسط: تزيّن الانتفاضة بزيّ «الفدائي» المُلثّم. تمسّكت الانتفاضة بالمنظّمة، والمنظّمة بالانتفاضة. انسحبت (م. ت. ف) من الورطة اللبنانية (تركت إسرائيل فيها)، وقرأت سلاماً على «آية» المخيّم في المنفى.
... واندفعت إلى الشكل الثالث/ المرحلة الثالثة (غاما) الحاسمة من الصراع: في فلسطين ذاتها، وعليها، أيضاً.
***
«فتح» الرّائدة/ القائدة عاشت وقادت هذه التحوُّلات الثلاثة. الآخرون انشغلوا بالطفولة الثورية، ثم اشتغلوا بالطفولة السياسية. أمّا «فتح»، التي لم تَخْلُ صفوفها من ثُوّار حالمين، ومن ساسة مُندفعين، فقد انتقلت من حساب المثلّثات السياسي .. إلى المعادلات السياسية (العربية، الإسرائيلية.. والدولية).
***
ها نحن في المرحلة الثالثة المصيرية: التحوُّل من سلطةٍ إلى دولة. وفي تحوُّلاتها من حركةٍ «فدائيّة» إلى «مُقاومة» إلى «مُنظّمة»، إلى «سُلطة» لا توجد انقطاعات حاسمة.
نجد الحزبي العتيق، والأكاديمي الطازج، ينظران إلى صورة الأشعّة، أو «الصورة الفوتوغرافية»، فيُحذّران: لسنا مُستعدّين للدولة.
هؤلاء ينسون أنّنا «هُزمنا» في: الأردن وفي لبنان .. والانتفاضة تبدو «أُجهضت». فهل سخر الثوريون الحقيقيون، أثناء خُروجهم من بيروت، من «برنامج السلطة الوطنية»؟
من آمن بـ»الفدائي» آمن بـ»الثورة».. فالمُنظّمة .. والسلطة، ويؤمن بـ»الدولة». أما تحديد المواعيد القاطعة - المرنة، فهو حكمة: قد يُولد طفل الدولة «سُباعيّاً».
***
«فتح» في مرحلة «غاما»؛ في عُمْر السيّد المسيح وقت صُعوده الصليب، وهي تُريد الصعود دولة على الأرض، ولا تُريد ملكوتاً في السماء.
«ألفا»، «بيتا»، «غاما»: ثورة، مُنظّمة.. وسُلطة/ دولة.
يصطفل من يُريد الاصطفال.. والثوري لا يصطفل!