نابلس - منال الزعبي - النجاح الإخباري - ظلمة حالكة بعد إشراقة شمس، أقل ما يوصف به قلب الشابة أم محمد نيفين عودة من مشروع بيت لاهيا في غزة.

وأصل الحكاية أنّ نيفين عودة رأت أطفالها الثلاثة شمس ومحمد وخالد مصدر النور لحياتها، فقطعت على نفسها عهدًا أن تمنحهم كل ما يضمن نجاحهم وتألقهم.

ثلاثة أطفال بعمر الزهور، شكلوا لنفين عالمًا خاصًا احتوته بقناة على اليوتيوب حملت اسم شمس؛ ليشهد العالم صنيعها وكيف يمكن للمرأة أن تصقل شخصية أطفالها، كان حلمها يكبر يومًا بعد يوم، وإثر كلّ فيديو تصوّره معهم بعد تدريب وتعليم، يعمّ البيت صخب وفرح بضحكات الأطفال ونقاشاتهم، خاصة محمد (6 سنوات) تميّز بخفة روح طاغية، بملامحه الجميلة ولباقة حديثه لجمهوره، ودون سابق إنذار حلّت مصيبة قلبت حالهم رأسًا على عقب.

 بصوت بحّه الحزن واستنزفته تهجدات ليالي رمضان والإلحاح على الله بالدعاء، تحدّثت نيفين لـ"النجاح" عمّا حصل، شرحت وقلبها يعتصره الألم تحت تأثير صدمة لم تصحُ منها بعد كيف تبدلت تلك الصور المبهجة لمحمد على مواقع التواصل الاجتماعي لصور مفجعة دامية تطلب الدعاء بالشفاء، فماذا حصل؟

قالت: "حادثة ما كانت بالحسبان، غيّرت مسار حياتنا، كنا عند أهلي كنت ألاعب أولادي وأدرسهم، وأنا أولادي أغلى ما أملك، غاب محمد عني دقائق، طلع برّة ليفجعنا صوت انفجار، الصرخات، ولمّة الناس، ثمّ محمد مرمي على الأرض وكله حروق ودم، لم أفهم ما حصل".

وتابعت، محمد وردة، محمد زينة الأولاد، فقد عينه اليمين، وخضع لعملية إلصاق شبكية بالعين الثانية، وأصابعه بترت، وبعاني من حروق بوجهه وإيديه، لما صحي بالمستشفى كان واعي للي حصل معه، قبل ما ينفجر فيه الجسم المتفجر إلي لقيه".

 مدّ محمد يديه بدافع الفضول ليتفحص جسمًا غريبًا فكانت الكارثة، غابت ملامح محمد، وغاب معها فرح الأم المكلومة،أرادت أن تكون الأم المثالية، وهبت نفسها لبيتها وأطفالها، لكن القدر قال كلمته الفصل.

ونظرًا لصعوبة حالة محمد ناشد أهله الرئيس محمود عباس أبو مازن الذي لبى النداء وتبنى علاجه، تمَّ تحويل محمد إلى مستشفى اتش كلينك في رام الله، وسيتم نقله للقدس لتركيب عين زجاجية.

محمد ابن الست سنوات من وقت الحادثة يعيش حالة هلع وخوف، يطلب منه أمه ألا تفارقه، قالت بحرقة: "تضيق الدنيا بعيني كلما كرّر سؤال ماما الدنيا ليل وإلا نهار؟"

يتحسس يديه التي لا يراها ويسأل أمه، ماما أصابعي راحت؟ احكيلي لا، ويكرر سؤاله، هو رح يطلعلي بدالها، أسئلة تفجر قلب الأم وتغرقها بالدموع، سائلة الله أن يحظى محمد بفرصة تركييب طرف صناعي يعيد له بعض أمل حين يدرك الحقيقة.

وتابعت: "من حينها بتهيأله حاجات، عايش حالة خوف، كلنا لا زلنا تحت تأثير الصدمة، نفسي حد يحكيلي هاد كابوس ورح أصحى منه، أنا مؤمنة بقضاء الله وقدره لكن محمد الآن يحتاج رعاية وعلاج مستمر، كل ما أطلبه وأتمناه الآن أن يرد الله بصر محمد".

أسرة الطفل محمد تعيش واقعًا جديدًا لا يشبه ما قبله، أمه التي تركت أسرتها وطفليها منذ شهرين لترقد جنبه في أسرّة الشفاء تتمنى أن يجد محمد من يأخذ بيده لحياة أفضل تضمن مستقبله المجهول، وتتمنى لو يحظى بفرصة علاج في الخارج تعيد له جزءًا من بصره لترى طفولته الحياة من جديد.