بسام سعيد - النجاح الإخباري -  

ربما يعترض البعض على العنوان ، ويقول ان امريكا وخاصة فى عهد إدارة ترامب ،  حاولت بكل السبل الحد من الهجرة ،  ومن وصول مهاجرين جدد اليها ، وأصدرت قرارات بهذا الخصوص،  وخاصة موجات الهجرة من القادمه من  المكسيك واقامت جدارا يحول دون وصول مهاجرين جدد ، وفى نفس الوقت أصدرت أمرا تنفيذيا بوقف التأشيرات الجديدة للباحثين الأجانب ، حيث لاقى هذا الإجراء استهجانا واستغرابا وخاصة ان الولايات المتحدة تاريخيا كانت دوله جاذبه و  مشجعه قدوم المهاجرين إليها!

يذكر الخبير الاقتصادي" نوح سميث " ان الاقتصاد الأمريكى يقوم  على الهجرة ، حيث يدعم المهاجرون الصناعات الحيوية ، ويدفعون مبالغ ضخمه كضرائب ، ويعتنون بالأطفال وكبار السن ويحافظون على الابتكار الأمريكى وخاصة ما نشاهده اليوم من تسابق لتطوير لقاحات وعلاجات جديدة .

فإذا كانت الصين هى ورشة العالم ، فإن الولايات المتحدة هى مجمع ابحاثها ففيها أفضل الجامعات البحثية،  و التى بدورها تعتمد بشكل اساسي على جذب أفضل والمع العلماء من جميع أنحاء العالم فى  وادى السيليكون ، وهيوستون وغيرهما من مؤسسات  تحتاج إلى مهندسين وفنيين حتى تكون فى الصدارة .

وما يؤكد رؤيتنا فى استفادة اميركا من المهاجرين مشاهدتنا  فى أزمة كورونا الخبراء فى الجامعات والمؤسسات الطبيه والذين تصدوا وتصدروا المشهد فى البحث العلمى والإعلام جلهم مهاجرين ، وأن المؤسس المشارك ورئيس مجلس إدارة شركة " مودرنا " الأمريكية،  و التى يعد لقاحها بانقاء ملايين البشر من " كوفيد 19" لبنانى المولد ، وغيره الكثير من العلماء والباحثين .

وما يجب الإشارة إليه هنا ان كثير ا  من الباحثين الأجانب ليسوا موظفين فى الواقع ، بل هم طلاب فى النظام البحثى المختلط بين القطاعين العام والخاص ، وأن طلاب الدراسات العليا يعتبرون العمود الفقري للعديد من المختبرات ، وغالبا ما تتمسك بهم جامعاتهم بعد التخرج  وخاصة مجالات الطب والتكنولوجيا والهندسة.

والسبب الاخر الذى يشجع على استقدام مهاجرين حسب الخبراء ان نظام الهجرة يميل إلى اختيار الأشخاص الناجحين اقتصاديا ، لأن معظمهم أفراد ماهرون حتى من لم يحصل منهم على تعليم جامعى ، لأن الانتقال من بلد إلى آخر هو نوع من المبادرة والريادة والجرأة والمخاطرة !

فى هذا العرض الموجز حاولت بشكل مختصر توضيح كيف تنهض الأمم ومنها على سبيل المثال لا الحصر  أمريكا ،   وكيف تستغل طاقات المهاجرين ، وكيف توظف مهاراتهم وذكائهم فى التقدم العلمى والرقمى ، وبين بلادنا العربية الطاردة للكفاءات ليس لقلة  المال  بل لعشوائية الإدارة والعقلية القبلية البيروقراطية المقيته التى تحكم مؤسساتنا!

فكيف  سينتج المواطن والموظف الذى يعيش  فى بلد عربى منذ فترة طويلة ويحرم حق الاقامه الدائمة الا بصعوبة بالغة وبكفيل  حاد الطبع وسادى المزاج ، ويكون مهدد بالترحيل باستمرار مع الابتزاز المالى ، وكذلك يحرم أبنائه  من تكملة   دراستهم الجامعية داخل الدوله التى يعمل بها بشكل محترم ؟ فمن أين سياتى الابداع والابتكار والانتماء  فى ظل غياب الأمن المعيشى والوظيفى  والتقدير ؟ !

ويختتم الخبير الاقتصادي سميث راية بالقول : " حتى لوكان الأمر صعبا على بايدن من الناحية السياسية إعطاء الباحثين الأجانب والطلاب التأشيرات والعمل بعد التخرج ، إلا أن الولايات المتحدة بحاجة الى هؤلاء ، ولم يغير الوباء ولا ترهات وعهد ترامب هذه الحقيقة " !!