وفاء ناهل - النجاح الإخباري - قرار الإنفكاك عن الاحتلال سياساً واقتصادياً يتم تداوله بعمق في كافة أوساط السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير منذ أكثر من عامين، بدءاً من تحديد العلاقات الأمنية مع الجانب الإسرائيلي، والتحرر من قيود اتفاق باريس الاقتصادي بما يلبي متطلبات النهوض بالاقتصاد الوطني.

وقال أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح اللواء جبريل الرجوب، إن لدينا قرار استراتيجي بالانفكاك عن الاحتلال، مؤكداً أن ذلك يقتضي اجماعا وطنيا وتوافقاً على برنامج سياسي تنظيمي، وإن الظروف القائمة مناسبة لتنفيذ قرارات المجلس الوطني والمجلس المركزي.

وقال الرجوب في حديث لبرنامج "ملف اليوم" عبر تلفزيون فلسطين:" إننا في حركة فتح ذاهبون نحو الانفكاك عن الاحتلال ، لكن انفكاك يقود الحالة الوطنية الفلسطينية إلى اقناع المجتمع الدولي بضرورة توفير الحماية لشعبنا، ومن هنا سنضع الملف أمام المجلس المركزي ليقرر".

ووسط هذه التصريحات تبرز تسؤالات حول الجاهزية لهذا الانفكاك، وهل هذا هو التوقيت المناسب؟ والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه هل يمكن أن نعتبر قرار الانفكاك عن اسرائيل الورقة الرابحة، في ظل تعنتها وضربها بعرض الحائط كافة الإتفاقات الموقعة؟

التطبيق سيكون تدريجياً

المحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم أكد انه وبالمعنى السياسي لدينا القدرة على اتخاذ هذا القرار، بمعنى القطيعة مع كل القنوات السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية.

 وتابع:"  لكن بالنسبة للإعتبارات الأمنية والإقتصادية لا أعتقد باننا نستطيع الاقدام على هكذا خطوات دفعةً واحدة،  لان هناك علاقات مفروضة من قبل الاحتلال علينا إقتصادياً وسياسياً، فالكثير من معاملات المواطنين تتعلق بنوع من التنسيق المدني ولذلك المسألة ليست بهذه السهولة، فمن الممكن أن نأخذ هذه القرارات،  لكن أعتقد  ان التطبيق سيكون تدريجي وحسب الظروف وليس دفعةً واحدة، ولا يجب أن نعطي اسرائيل فرصةً لممارسة ضغوطاتها علينا".

وأضاف سويلم خلال حديثه لـ"النجاح الاخباري": التنسيق الامني الذي يتم الحديث عنه بوسائل الاعلام بين السلطة الفلسطينية واسرائيل، هو موجود من أجل مصالح المواطنين في العديد من المعاملات، ولا نقوم بأي شيء لإرضاء الاحتلال، إنما ليكون وضعنا الدخلي بعيداً عن كل ما يمكن ان يعطي اسرائيل فرصة لضربنا او القضاء علينا".

 فهذا التنسيق (99%) منه يأخذ طابعاً مدنياً، والتنسيق الأمني بالمعنى المباشر فيما يتعلق مثلاً بمحاربة الإرهاب يتم بحدود ضيقة ولا يوجد لها أي قنوات رسمية حقيقية، ولا يوجد تنسيق أمني بالصورة التي يروج لها البعض، فالتنسيق بشكل أساسي لإعتبارات مدنية فلسطينية".

وتابع :" لا اعتقد اننا يمكن أن نستقل بالمعنى الكامل لان هناك اعتبارت في العلاقة ما بين السلطة والاحتلال، فالهويات مثلاً والأرقام الوطنية، فكيف يمكن أن يحدث الإنفكاك في ظل هذه المعطيات، لكن يمكننا أن نخفف الامور لأدنى المستويات، فالانفكاك يحدث عند الاستقلال الوطني الكامل، ومع ذلك ستضل هناك علاقة بصورة أو اخرى قائمة، والمهم ان لا نكون رهينة لها".

قرار الانفكاك ليس بالجديد

المحلل السياسي د. رويد أبو عمشة قال:" أن قرار الانفكاك عن الاحتلال ليس بالجديد، ويتم تداوله منذ عامين، فمنظمة التحرير هي صاحبة الولاية بالاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل، وبالتالي هذه السيناريوهات تم دراستها في أروقة منظمة التحرير والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية وأيضاً مؤسسات السلطة الوطنية، وتم تشكيل لجان لدراسة الأمر من الناحية السياسية او الاقتصادية والبدائل التي يجب أن تتحملها منظمة التحرير أو ان يتحملها جزء من المؤسسات الأهلية أو المواطنون أنفسهم لان البدائل ليست بسيطة".

وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": الترتيبات الامنية أو الاتفاقات الامنية هي جزء من الاتفاقيات السياسية ككل وبالتالي التمسك الاسرائيلي والرعاية الامريكية للجانب الأمني فقط وأهمالها لأي إستحقاق سياسي يؤبد أن العلاقة فعلاً أمنية وهذا ما لا نريده فقضيتنا سياسية بامتياز وتتلخص بالحق بتقرير المصير واذا اسرائيل اغفلت الجانب السياسي وامريكا قضت عليه بقراراتها الاخيرة وتريد فقط ان ترعى الجانب الامني فنحن بدورنا حتى نضغط عليهم بجانب الأنفكاك الأمني".

وأضف أبو عمشة:" الاحتلال بالقانون الدولي هو المسؤول عن المواطنين في الاراضي المحتلة، من حيث توفير احتياجات التنقل الحركة، وغيرها وبالتالي العبئ الأمني سينتقل له ليتحمل مسؤولياته،  لانه لا يعقل ان الاحتلال فقط يريد علاقة امنية مع السلطة ولا يريد ان يلتزم بأي استحقاقات سياسية، فهي مكملة للإتفاقيات السياسية  ولكن في حين ان الاحتلال يرد أن  يجردنا من الاتفاقيات السياسية ومضمونها بقي لدينا "العبء الامني" وهذه الورقة يجب ان نلوح بها".

وحول تداعيات مثل هذا القرار قال:" سيكون هناك ضرر  على المواطنين ولكن العبء سيكون مضاعفاً على الاسرائيليين، فالأمر لن يقتصر فقط على المعاملات الشخصية، فما سيحدث هو إنفكاك بسجل السكان والمعاملات الأخرى، فاسرائيل تعتبر السلطة الوطنية طرفاً في الترتيب الأمني اليومي، ولا يجب أن نستمر بهذا الوضع فإما شركاء سياسياً وامنياً وإما انفكاك، فالعلاقة بهذه الصورة تحدث خللاً في المعادلة، كما وأعتقد  انه سيكون هناك اجراءات من السلطة الفلسطينية بكل الاتجاهات التي لها علاقة بالملف السياسي خلال الأشهر القادمة".

الانفكاك الاقتصادي في ظل الظروف القائمة صعب

وفيما يتعلق بالإنفكاك الاقتصادي عن الاحتلال قال الخبير الاقتصادي د. طارق الحاج:" من الناحية الاقتصادية الامر صعب المنال على المدى المتوسط اذا بقيت الظروف الحالية قائمة،  اما اذا تغير الواقع السياسي، فمن الممكن على المدى البعيد أن يحدث انفصال على الصعيد الاقتصادي،  نتيجة تفاهمات واتفاقيات سياسية جديدة،  لكن حاليا الامر ليس بالوارد،  لان التجارة والاستقلال الاقتصادي بحاجة لمقومات منها ان يكون للدولة سيطرة على الموارد ونحن لا نسيطر على الموارد، فالمياه مثلاً لا نستطيع استغلالها أو حفر ابار الا بمسافات محددة، وهي بحاجة لموافقة من اسرائيل، والشيء نفسه فيما يتعلق بالنفط".

وتابع في حديث لـ"النجاح الاخباري": كما وانه لتحقيق الانفكاك الاقتصادي يجب ان نتمكن من المعابر، فعملية دخول السلع والخدمات والمواد يجب أن تكون بدون أي عوائق، واسرائيل تتحكم بكل شيء".

وأضاف الحاج:"  كما وانه ليس لدينا مقدرة على التحكم وتطبيق السياسات النقدية المتعارف عليها باي دولة بمعنى انه ليس لدينا عملة نستطيع من خلالها التحكم بسياساتنا النقدية وأن نوائم ما بينها وبين السياسات المالية".

كما وأن هناك عوائق تقيمها اسرائيل مع اي دولة تريد أن تقيم علاقات اقتصادية وتجارة حره معنا، فهناك الكثير من الدول مستعدة لادخال الصادرات الفلسطينية لأراضيها دون جمارك، وهناك دول مستعد لتزويدنا بالنفط مجاناً، ولكن هذا الأمر غير ممكن لأن اسرائيل لا تسمح به وفي ظل هذه المعطيات الانفكاك الاقتصادي صعب، ان لم يكن هناك انفكاك سياسي واعتراف بحدودنا واقامة دولة كاملة السيادة".

وفيما يتعلق بتوفر عناصر الانتاج قال الحاج:" الايدي العاملة سواء من الجانب الذهني أو العضلي موجودة ولا مشكلة، وكذلك الموارد موجودة، وكذلك رؤوس الاموال، ولكنها ليست تحت سيطرتنا، فعناصر التنظيم والادارة والجاهزية لدولة مستقلة ادارياً وتنظيمياً موجودة ولكن لن يتم الامر الا من خلال اتفاقات واعتراف قانوني كفلسطينيين".

يذكر أن  أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح اللواء جبريل الرجوب، قال في وقت سابق لدينا قرار استراتيجي بالانفكاك عن الاحتلال، مؤكدا أن ذلك يقتضي اجماعا وطنيا وتوافقا على برنامج سياسي تنظيمي، وإن الظروف القائمة مناسبة لتنفيذ قرارات المجلس الوطني والمجلس المركزي.

وأضاف: "إننا في حركة فتح ذاهبون نحو الانفكاك عن الاحتلال، انفكاكا يقود الحالة الوطنية الفلسطينية إلى اقناع المجتمع الدولي بضرورة توفير الحماية لشعبنا، ومن هنا سنضع الملف أمام المجلس المركزي ليقرر".