مهند ذويب - النجاح الإخباري - 18 عامًا على ما سمّيت عمليّة "السورِ الواقي"، أو إعادة اجتياحِ مدن الضّفة الغربيّة. حكومةُ الاحتلال اتّخذت قرارًا طارئًا ليلة الخميس/الجمعة 28/29-03-2002، يقضي بإعادة اجتياح مُدن الضّفة الغربيّة، بعد انطلاق انتفاضة الأقصى بنحو عامين، وتعثّر مفاوضات الحلّ النّهائي لأوسلو، بل وفشل كلّ محادثات التّسوية، فعقد ارائيل شارون رئيس وزراء الاحتلال آنذاك، اجتماعًا لحكومته؛ بهدف الحصول على دعمٍ كبير للخطوات التي سوف يتّخذها، لتقويضِ السلطة الوطنية الفلسطينية.

بدأت قوّات الاحتلال باجتياحٍ كاملٍ مدن الضّفة الغربيّة، إضافة إلى محاصرة الرّئيس الفلسطينيّ، ياسر عرفات، داخل غرفتين من مقره الرسمي الذي اقتحمته القوات الإسرائيليّة من الداخل، وأحاطته بطوق محكمٍ من دباباتِها وآلياتها العسكريّ بهدف عزلِه، وارتكبَت المجازرَ الرهيبة التي جنين ونابلس وغيرها من المدن والمناطق الفلسطينيّة الأخرى، واستمرّت بحصارِها لكنيسة المهد في بيت لحم. 

استشهَد في العمليّة نحو 497 فلسطينيًا، وأصيبَ قرابة 1447، واعتقلَ مئات الشّبان الفلسطينيين؛ بحجة انتمائِهم للمنظماتِ والمجموعاتِ المسلّحة، وتم تدمير البنيّة التحتيّة الفلسطينيّة، وهدم مؤسسات السّلطة الوطنيّة، ومقارّها الأمنيّة، وقُتل من قوّات الاحتلال 29 جنديًا، وأصيب نحو 100 آخرين.  

لم يحدّد أرئيل شارون رئيس وزراء الإحتلال آنذاك هدفًا للعمليّة غيرَ محاربة الإرهاب، مما أثار حديث الصّحافة العبريّة حول هذا، فزيئيف شيف كتبَ أنّ أهداف العملية الإسرائيلية غامضة حتى لكبار الوزراء، حيث إنّ إقرار الهجوم لم يترافق مع خرائط مفصّلة، أو إجراء مناقشات داخل الحكومة، لكن وبعدَ عدّة سنوات أصبحَ من السّهل معرفة هدف العمليّة كما رأى محلّلون، وأوّلها حصارُ الرّئيس عرفات، واغتيالِه، وثانيها التّمهيدُ لتسوية جديدة تكونُ على أساس الأرض مقابِل السّلام، والتّفاوض على الأمر الواقع. 

بعد 18 عامًا من الحِصار، والاجتياح يستمر الحصار، وهو ما أكده الرئيس محمود عباس أمس من مؤتمرِ بيت المقدس عندما اوضح للعالم أنّ الحصارَ السّياسيّ، والجغرافيّ مستمرٌ على الشّعب وقيادَته، وعلى القُدس، والضّفة وغزّة، وقال الرئيس:"أنتم تزورون سجينًا، وليس سجانًا، فهذه حجج سخيفة، عليكم أن تزورا أهلكم في القدس وتدعموهم، عليكم أيّها العرب والمسلمون والمسيحيون أن تقفوا إلى جانبنا، القدس بأهلها وليس بحجارتها، وهم يريدون أن يرحلوهم جميعًا، إنكم بحضوركم الكثيف إلى الأرض تكسرون الحصار، فزيارة السجين ليست اعترافًا بالسجان، فلا تتركونا وحدنا". 

هذه المُحاولات اليَوم التي تسعى لعزلِ وحصارِ المقاطعة في رام الله سياسيًا لن تنجح أمام الحراكِ الشّعبي المؤيّد والمسانِد، وستتكسّر مساعي صفقة القَرن على حجارة المقاطَعة، فلن تقبلَ القيادة الفلسطينيّة شيئًا من أمريكا المنحازَة، ولن يزيدها الحديثُ عن صفقة القرن إلّا ثباتًا على موقفها الوَطنيّ الفلسطينيّ.