النجاح الإخباري - لفت نظري وتوقفت عند تصريح وزير الحرب الاسرائيلي ليبرمان والذي قال فيه "ليس في قطاع غزة ابرياء"، هذا التصريح العنصري والذي يعبر عن عقلية التطهير العرقي المتأصلة، يتزامن مع ذكرى مذبحة دير ياسين، والتصريح بحد ذاته استعارة توراتية استخدمها ليبرمان.
وأوضح هنا، انه في سفر التكوين  الفصل التاسع عشر من التوراة هناك حوار يدور بين داوود و"الرب" التوراتي وفي هذا الحوار الذي لا علاقه له بالإنسانية اطلاقا  يأمر "الرب"  داوود بغزو ربه عامون، ويأمره بإبادة اهلها، ويسال داوود الا يمكن اين يكون نصف أهل عامون ابرياء، ويرد عليه  هذا "الرب"، قلت لك ابيدهم كلهم، ويكرر داوود الا يمكن ان يكون اطفالهم ابرياء، ويؤكد "الرب" ابيدهم كلهم، فليس في ربة عامون ابرياء. لذلك لا يرى ليبرمان والصهاينة المتطرفين من امثاله بأن الفلسطينيين ابرياء، انهم بالنسبة له مشروع ابادة.
الكاتب الاسرائيلي ايلان بابيه، الذي الف كتاباً عن التطهير العرقي الذي مارسته المنظمات الصهيونية الارهابية  قبيل وخلال  حرب 1948، قال ان هذه السياسة العنصرية كان يخطط لها بن غوريون في "البيت الاحمر" الذي تحول فيما بعد لمقر لرئاسة اركان الجيش الاسرائيلي في تل ابيب. مذبحة دير ياسين، وعشرات المذابح الاخرى التي ارتكبت في حينه جميعها  جاءت بقرار سياسي من بن غوريون وهيئة اركانه السياسية والامنية.
حصيلة سياسة التطهير العرقي سيئة الصيت، كانت مئات الشهداء والاف الجرحى الفلسطينيين من المدنيين العزل، وتدمير ومسح اكثر من 400 قرية فلسطينية عن وجه الارض وقتل وتشريد اهلها، بالإضافة الى 11 بلدة ومدينة، ليبرمان يواصل اليوم النهج نفسه والسياسة نفسها، فهو يبرر قتل المدنيين الفلسطينيين لأنه ليس في الشعب الفلسطيني ابرياء على حد قوله.
مشكلتنا نحن الفلسطينيين ليس مع هؤلاء الصهاينة، المتعطشين للدم الفلسطيني والعربي، بل مع هذا العالم، الذي لا يزال يرى القضية الفلسطينية بعين صهيونية عنصرية. مئة عام والدول الاستعمارية الفاعلة تدعم المشروع الصهيوني، الذي جاء بكل عنصرية التاريخ البشري الى بلادنا، مئة عام والعالم يتعامل مع اسرائيل وكأنها دولة فوق القانون ترتكب الجريمة تلو الجريمة وتمنع محاسبتها.
لكن مقابل ذلك، هناك شعب فلسطيني عنيد متمسك بأرض وطنه، لم يستسلم على امتداد  الصراع وهو  يبدع ويبتكر كل يوم انماطا نضالية جديدة. ان هذا الشعب الذي يستمد اليوم صلابته وعزيمته من موقف قيادته، موقف الرئيس محمود عباس،  الذي قال للرئيس الاميركي ترامب لا لقراراتك ولا لصفقة القرن التي تحاول تمريرها علينا وعلى المنطقة، هذا الشعب الذي تقوده قيادة واعية ومسؤولة، لن يركع امام تهديدات ليبرمان ولا امام نتنياهو ولا مشاريعهم التوسعية العنصرية، ولن يركع لمشيئة ادارة ترامب الاكثر حماسا لهذا المشروع الصهيوني من الصهاينة انفسهم.