اياد عبادلة - النجاح الإخباري - شكَّلت الاستعدادات الفلسطينية لانطلاق مسيرة العودة على الحدود الشرقية لقطاع غزة، هاجسًا قويًا لدى الإحتلال، زادت حدته بعد حوادث التسلل التي شهدتها الحدود منذ أيام، بدءًا من احراق الحفار جنوب شرق القطاع، ومرورًا بتسلل ثلاثة شبان صباح اليوم الثلاثاء، ووصولهم إلى بوابة احدى المستوطنات وتوغلهم بعمق 200، داخل الأراضي التي يسيطر عليها الإحتلال، حادثتي التسلل إلى عمق الإحتلال، أربك حسابات قادته في الوقت التي تهيء المؤسسة الأمنية للإحتلال الرأي العام في دولتها بأنها مسيطرة تمامًا على الحدود، وأنها قادرة على حمايتها بكل السبل، لكن ما حدث غير كل المفاهيم واستدعى قادة حرب الإحتلال للاشراف شخصيًا على الاستعدادات، وتأتي مزامنة حوادث التسلل مع قيام الفصائل الفلسطينية بأكبر عملية مناورة داخل الحدود، حملت عدة رسائل تهديدية للإحتلال، مفادها أنها قادرة على لجم أي عدوان والرد عليه حال ارتكب حماقة بحق شعبنا والمواطنين العُزَّل الذين سيشاركون في المسيرة المزمع تنظيمها الجمعة المقبل، لكن السؤال الأبرز يكمن في أن، هل تشكل انطلاق مسيرات العودة بداية التصعيد المحتمل على قطاع غزة، في ظل ما يشهده من حصار خانق وانسداد في الأفق السياسي، وتصريحات حماس اليوم الرامية إلى البحث عن خيارات أخرى، بديلة للمصالحة؟.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي، د. هشام أبو هاشم أن استعدادات الإحتلال على الجبهة الجنوبية لدولة الإحتلال وتحديدًا على الحدود الشرقية لقطاع غزة، مؤشرًا خطيرًا يُنذر بتصعيد من شأنه أن يقود إلى حرب تبدأ من ما انتهت فيه عام 2014، حسب مزاعم قادة حرب الإحتلال، لكنه أرجح إلى أن سخونة الوضع في الميدان، هي من تحدد فعليًا التطورات التي ممكن أن تقود غلى حرب أم أنها ستنتهي في اطار التصعيد المؤقت.

وأوضح في تحليل خاص لـ"النجاح" أن الإحتلال لازال يخشى التصعيد ويحاول تجنبه، قدر الإمكان، مشيرًا إلى أن تصريحات وزير الحرب الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، تبين أن الإحتلال على استعداد كامل لأي تصعيد حال فرضت معادلة الميدان ذلك، وفي ذات الوقت أشار إلى تهديدات الفصائل وتعهداتها بحماية الجماهير التي ستخرج في مسيرة العودة، والدفاع عن المشاركين فيها حال ارتكب الإحتلال حماقة بالتصعيد.

وقام وزير حرب الاحتلال، افيغدور ليبرمان بجولة على حدود غزة رافقه فيها رئيس اركان قوات الاحتلال، ايزنكوت، للاطلاع على استعدادات عناصره لمسيرة العودة، المزمع تنظيمها الجمعة المقبل، وقال تعليقاً على الاستعدادات لتنظيم المسيرة: "آمل من الطرف الآخر عدم ارتكاب حماقة من شأنها استفزاز القوات وتوتير الأوضاع"، على حد تعبيره، وأشار إلى حادثة تسلل الشباب، صباح اليوم الثلاثاء، وصرح: "الموضوع قيد التحقيق وطلبت تسليمي نتائج التحقيق أقصى حد يوم الخميس ولن أتحدث المزيد إلا بعد ظهور النتائج".

وحذَّر الناطق باسم كتائب القسام، الجناح العسكري التابع لحركة حماس، أبو عبيدة الإحتلال من القيام بأي جريمة ضد الفلسطينيين، وأشار إلى أن المقاومة بغزة سترد بقوة على أي جريمة يرتكبها العدو، وقال، ستدفع قوات الإحتلال الثمن باهظا، وجاءت تهديداته في الوقت الذي أنهت فيه حركة حماس مناوراتها، بالتزامن مع انهاء قوات الإحتلال الإسرائيلي استعداداتها لمواجهة مسيرات العودة الكبرى يوم الجمعة القادم، ونقل موقع "روتر" العبري أن قوات الإحتلال حذرت حماس من تسخين الجبهة الجنوبية، وأن أي تصعيد سيكون له أبعاد خطيرة.

وأشار أبو هاشم إلى أن الإحتلال يحذر من تسخين الجبهة الجنوبية، مشيرًا إلى أن قطاع غزة يعتبر الحلقة الأضعف في المعادلة القائمة بالنسبة له، مستبعدًا في الوقت ذاته أي تصعيد على الحدود الشمالية، واكتفاء الإحتلال فقط بخوض غمار الحرب ضد غزة، بعد تهديدات قادته الأخيرة بتصعيد للقضاء على الأنفاق وفق مزاعمهم.

ونصبت الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار مساء اليوم الثلاثاء، خيام العودة في نقاط محددة على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة ضمن الاستعدادات للمسيرة الكبرى التي ستنطلق يوم الجمعة المقبل، وقال عضو اللجنة الإعلامية في الهيئة هاني الثوابتة: "بدأنا بالتجهيزات اللوجستية والفنية لمسيرة العودة الكبرى في كافة محافظات قطاع غزة بنصب خيام العودة في 5 تجمعات رئيسية من الشمال حتى الجنوب"، وأكد على أن فكرة الخيام جاءت للتأكيد على حقنا في العودة وعدم قبول شعبنا الفلسطيني نهائياً بحل غير العودة للأراضي المحتلة، مبيناً أن المسيرة الكبرى ستوحد الطاقات والفصائل تحت علم واحد، وأشار إلى وجود تفاعل كبير وايجابي من قبل المواطنين لمساعدتهم في التجهيزات للمسيرة الكبرى، قائلاً: "شعبنا يغلب عليه الحماس ومعروف بحيويته ودفاعه عن قضيته الوطنية".

واعتبر أبو هاشم أن مسيرات العودة حق لكل فلسطيني مر على احتلال أرضه عقود، أن يخرج ويعبر عن سخطه، في ظل تردي الأوضاع المعيشية في القطاع، وانسداد الأفق السياسي، على الصعيد المحلي والعربي والدولي، والبحث عن حلول ومخارج أخرى، تتوافق مع القرارات الدولية الرامية إلى إنهاء الإحتلال واقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

وشدَّد على أن مسيرة العودة، تحمل عدة رسائل للمجتمع الدولي، مفادها بأن الشعب يريد أن نيل حريته واستقلاله، والحفاظ على مقدراته وأراضيه وفق الشرائع الدولية، فضلًا عن استنكاره عمليات التهويد المستمرة في العاصمة الفلسطينية القدس المحتلة ومحاولات الإحتلال الرامية إلى تفريغ المدينة من سكانها الأصليين، وإعلانها عاصمة مزعومة للإحتلال بعد إعلان ترامب المشؤوم، الذي تحدى فيه كل القرارات والشرعيات الدولية الصادرة عن مؤسسات الأمم المتحدة، وحقه في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وقال مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة ماتياس شمالي اليوم الثلاثاء إن فكرة "المسيرة الكبرى" (مسيرة العودة الكبرى) المقرر بدء تنفيذ فعالياتها يوم الجمعة المقبل (30 مارس) من الممكن أن تتحول لتصبح "مبادرة قوية، إذا تم تبنيها بصدق"، وأكد في رسالة وجهها أمس للجنة الوطنية العليا للمسيرة، الثلاثاء، أن "أونروا تدعم حق الفلسطينيين بالتجمع السلمي والاحتجاج اللاعنيف"، وأبدى الاستعداد لتقديم المراكز الصحية لـ(أونروا) الدعم المناسب للاجئين الفلسطينيين الذين قد يختاروا المشاركة في المسيرة الكبرى، أو قد يتأثروا بها بشكل أو بآخر.
وفي اشارة إلى تصريح نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، د. خليل الحية، بأن المصالحة انتهت وباتت حركته تبحث عن خيارات أخرى، وعلاقته بامكانية حدوث تصعيد لإحداث تغيير في المعادلة، بين أن حركة حماس تبحث الآن مرحلة ما بعد الرئيس محمود عباس، وتسعى بكل السبل لمكاسب سياسية، وتجنب أي تصعيد عسكري من شأنه أن يحد من قدراتها العسكرية، لكنه، أكد على أن الميدان هو من يحدد طبيعة المعركة.

وأعلنت قوات الاحتلال "الإسرائيلي" عن انتهاء استعداداتها لمسيرة ال100 الف فلسطيني الذين سينطلقون ضمن مسيرة العودة من مدن وبلدات قطاع غزة نحو السياج الفاصل مع "إسرائيل" يوم الجمعة المقبلة 30 آذار/مارس ،ووفقا للاستعدادات لصد تلك المسيرة نشر موقع "المستوطنين 7" جملة من القرارات والاستعدادات ومن ابرزها، تعيين قائد المنطقة الجنوبية "ايال زامير" مسؤولاً عن جميع القوات التي تتمركز حول قطاع غزة، ونشر كتيبة كاملة من قوات الجيش وهي كتيبة 162 مجهزة بكل عتادها لجانب وحدة عسكرية من لواء جفعاتي، ونشر وحدة 401 التابعة للواء المشاة، بالإضافة غلى نشر وحدات القناصة وحدات الكلاب البوليسية، وهددت باستهداف أي فلسطيني يقترب من السياج الحدودي الفاصل.

وكانت اللجنة التنسيقية لـ"مسيرة العودة الكبرى" أعلنت في شباط/فبراير عزمها الانطلاق بمسيرات سلمية جماهيرية شعبية تشمل جموع اللاجئين من شتى أماكن لجوئهم المؤقت صوب فلسطين المحتلة عام 1948 لتحقيق العودة التي نصت عليها القرارات الدولية، وشددت على أن "حرب عام 1948 توقفت منذ 70 عامًا ولم يعد هناك أي مبرر لبقاء اللاجئين بعيدين عن ديارهم"، وهناك قرارات دولية تقضي بعودة اللاجئين أبرزها قرار 194، وهؤلاء اللاجئون هم من سيمارسون حق العودة بطريقة سلمية "متى أرادوا".