وكالات - النجاح الإخباري - نجحت مجموعة من الشباب الفلسطينيين في مخيم شاتيلا في بيروت في إطلاق مشروع لفرز النفايات. ربّما لا تكون الفكرة جديدة، إلا أنها ضرورية.

أزمة النفايات التي يعيشها لبنان، تشمل أيضاً المخيمات الفلسطينية. يقول بعض أهالي مخيّم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت، إن عمال النظافة لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) يتوقفون عن العمل عند الساعة الثانية عشرة ظهراً أو قبل ذلك، ما يؤدي إلى تراكم النفايات خلال النهار. وبسبب تراكم النفايات في الشارع، عمد بعض الشباب في المخيّم إلى جمع النفايات من البيوت وفرزها. والهدف من هذه الفكرة إيجاد فرص عمل للشباب الفلسطيني الذين لا يستطيعون العمل خارج المخيم، إضافة إلى التوعية حول أهمية الفرز والأثر الإيجابي على البيئة. الخطوات العمليّة لهذا المشروع تتمثّل في توزيع أكياس نفايات لكل عائلة في المخيم، ودفع بدل اشتراك شهري قيمته سبعة آلاف ليرة لبنانية (أقل من 5 دولارات)، في مقابل جمع النفايات من أمام البيوت بين الساعة الرابعة والسادسة مساء، أي في الوقت الذي لا يعمل فيه عمال النظافة، وفرزها. بهاء العقلة (30 عاماً)، هو صاحب فكرة هذا المشروع. 

يقول الشاب الذي يتحدّر من بلدة الناعمة قضاء صفد في فلسطين، والذي ولد في مخيم شاتيلا وما زال يعيش فيه: "فكرة جمع النفايات وفرزها جاءت بعد أزمة النفايات التي شهدها لبنان. عرضنا الفكرة على مشروع الشباب الفلسطيني الذي يمول مشاريع للعمل في الميدان المجتمعي، وجاءنا ردٌّ إيجابي بعد ثمانية أشهر. وبعد الموافقة، تسلمنا المعدات المطلوبة، وهي أكياس النفايات، وبعض الملابس، وأدوية للرش وغيرها". يتابع العقلة: "في البداية، كنّا خمسة شباب ثم وصل عددنا إلى ثمانية، إضافة إلى ثلاثمائة مشترك". ويشير إلى أن الأهالي رحّبوا بالفكرة ووافقوا على الاشتراك معهم، وبدأوا عملية الفرز. وصار معظم الناس يتولون الفرز قبل جمع النفايات. من جهة أخرى، فإن أشخاصاً آخرين لم يشتركوا معهم في المشروع، فصاروا يتولون أيضاً فرز النفايات داخل بيوتهم. ويوضح العقلة: "بدأنا العمل في هذا المشروع قبل نحو عام. نتولّى رشّ المبيدات، وجمع النفايات وفرزها، وتنظيف الطرقات، وفتحها أثناء الشتاء والعواصف. كذلك، زرعنا خمسين شتلة من الأزهار بالتعاون مع بلدية الغبيري (ضاحية بيروت) داخل المخيم". 

يتابع العقلة: "منذ بدأنا العمل في مشروعنا، لم نتوقف عن أداء مهامنا يوماً واحداً، حتى أيام الآحاد" (عطلة رسمية في لبنان). يضيف أن قيمة الاشتراك زهيدة، وهي 7 آلاف ليرة. ويحصل المشتركون على أكياس للنفايات، "كما ننظّف الشوارع والزواريب، ونفتح الطرقات في أيام الشتاء". ويشير إلى أن العمال الذين يتولّون جمع النفايات وفرزها يتقاضون مائتي دولار شهرياً لقاء عملهم. وعن المواد التي تُفرز، يقول العقلة إنه "بعد فرز المواد، نبيعها. والمبلغ الذي نجمعه نخصّصه لصيانة الشاحنات الصغيرة التي نستخدمها". وعن الأسعار، يقول العقلة: "نبيع كيلوغرام البلاستيك بـ250 ل. ل (0.17 دولار)، والتنك بـ150 ل.ل (0.10 دولار)، والكرتون بـ100 ل.ل (0.07 دولار)، والنايلون بـ50 ل.ل (0.03 دولار)، والحديد بـ600 ل. ل (0.4 دولار)، والألمنيوم بـ1300 ل.ل (0.86 دولار)، ما يعني أن الأسعار زهيدة جداً". 

وبات لهذا المشروع منافسون في المخيم، خصوصاً أنّه شبه تطوّعي، وما يحصل عليه العاملون فيه قليل جداً. إحدى الجمعيات ربّما رأت في هذا العمل فائدة مالية لها، بحسب العقلة، وبدأت تجمع بدل اشتراك رمزي من البيوت في إطار التبرع، وبالاتفاق مع إحدى اللجان في المخيم. وبعد أخذ ورد، تبيّن أنّ البدل المالي الذي تحصل عليه كبير، في وقت لا يتقاضى عمال النظافة أكثر من 50 دولاراً شهرياً. ويسأل العقلة: "أين يذهب المبلغ المتبقي؟ ولماذا تؤخذ هذه الأموال من الناس؟ وهل باتت الجمعيات الأهلية التي عادة ما تُموّل من منظّمات دولية، تبحث عن تمويل إضافي من الأهالي؟". 

في ختام حديثه، يقول بهاء: "هدفنا من هذا المشروع تشغيل أكبر عدد من الشباب". ويشير إلى أن من بين العاملين شاب من ذوي الإعاقة كان عاطلاً من العمل، وآخر يعاني من مرض مزمن ويحتاج إلى شراء دواء شهرياً، إضافة إلى آخرين في حاجة إلى تأمين مصاريفهم اليومية. كما أنّ هذا العمل ساهم في الحدّ من تراكم النفايات في الشوارع، وحماية البيئة من التلوث وانتشار الأمراض والروائح الكريهة". ويشير إلى أن "ما نجمعه من عملنا هو لسد بعض الاحتياجات من أجل متابعة العمل، وتوفير مبلغ شهرياً للعاملين في المشروع، وجعل الناس يهتمون بالفرز المنزلي". (العربي الجديد)