طلال عوكل - النجاح الإخباري - مضلل الحديث عن نوايا أمريكية، لتأجيل الاعلان عن صفقة القرن، والاكثر تضليلاً واستغباءً للبشر ، ان يجري الحديث عن ان الولايات المتحدة بصدد ادخال تعديلات على الافكار التي تضمنتها الصفقة بما قد يخفف من حدة الرفض الفلسطيني والعربي لتلك الصفقة . الاعلان عن الصفقة او تأجيلها لا يغير من واقع ان السياسة الامريكية تتماهي كليا مع السياسات والمخططات الاسرائيلية، التي تتسم بالتوسع والعنصرية والعدوانية. اذاً من يرغب في معرفة المفاصل الاساسية لما يعرف بصفقة القرن، ليس عليه سوى ان يتمعن في قراءة السياسات والمخططات الاسرائيلية، التي تؤكدها وقائع السلوك العملي لحكومة اليمين العنصري المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو . ما هو معلن الآن من سياسات ومواقف اتخذتها الإدارة الامريكية فعلا يكفي تماما  للكشف عن طبيعة واهداف تلك الصفقة، التي بدأت بإعلان القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، والحقت ذلك بسياسة واضحة وصريحة بشأن مصادرة حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وشطب الاونروا من قاموس الامم المتحدة، باعتبارها احد اهم الشهود على ثبات الحق الفلسطيني. ويستمر التضليل والكذب والاستغباء بشأن غزة باعتبارها المفصل الثالث من مفاصل صفقة القرن التي تعتبرها الولايات المتحدة الحلقة الاولى تحت عنوان غزة اولا، بما يذكرنا بعناد اسرائيل عند بداية تطبيق اتفاقية اوسلو، حين اصرت على غزة اولا، قبل ان ترضخ تحت إلحاح الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي اصر على ربط غزة بالضفة من خلال شعار غزة اريحا اولا. خلال الاربع والعشرين سنة الماضية منذ تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، مارست اسرائيل فعليا سياسة غزة اولا واخيرا، ولا نظن ان الولايات المتحدة تسعى الى اكثر من ذلك. لا يخفى عن اهل السياسة ما تعنيه تصريحات نتنياهو بشأن غزة التي يمكن ان تصبح سنغافورا، وتصريحات اخرى عن جرينبلات تتحدث عن غزة التي يمكن ان تصبح منتجعا سياحيا مثل شرم الشيخ المصرية. الحديث عن سنغافورا وشرم الشيخ الغزاوية لا يشمل بأي حال الضفة الغربية فهذه لها ترتيبات اخرى، تأخذ بعين الاعتبار مبدئيا واقع الاستيطان الاسرائيلي، وربما تمتد الى فرض السياسة الاسرائيلية على المنطقة المصنفة "ج" والتي تصل مساحتها الى نحو 60% من مساحة الضفة. ليس علينا ان ننتظر التسريبات الاخبارية والشائعات التي تصدر عن الصحافة الإسرائيلية، او بعض الصحف العربية فضلا عن نشطاء شبكة التواصل الاجتماعي، فثمة مؤشرات على محدوديتها تقود الى الاعتقاد بأن غزة  ستدخل قريبا مرحلة جديدة. مصر تتحرك بقوة، على جبهة الوساطة، ويكمل دورها المبعوث الخاص للأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف، من اجل اتمام المصالحة، ومعالجة ما اسماه ميلادينوف بعض المشاكل السياسية التي تعترض سبيل تنفيذ خطته الخاصة بغزة. ثمة معنى مهم وجدي جدا لوصول صالح العاروري نائب رئيس حركة حماس وعدد من اعضاء المكتب السياسي لغزة، وهو المطلوب من قبل اسرائيل، لولا وجود ضمانات مصرية. وجود الوفد في غزة يعني ان بعض الملفات قد نضجت ، وتحتاج الى قرار حاسم من قبل حركة حماس. حين يترافق ذلك مع تأجيل نتنياهو زيارته لكولومبيا والحديث عن اجتماع للكابينت الاسرائيلي يوم الاحد لمتابعة ملف غزة والوساطات الجارية فأن الامر يصبح اكثر من واضح. قد لا تنتهي كل الملفات دفعة واحدة، ولكن هذا الحراك من شأنه ان يؤمن بداية مرحلة جديدة، تتواصل معها معالجة بقية الملفات. والسؤال هو هل سيكون ذلك عبر الخيار الوطني الفلسطيني الذي يتطلب انجاح المصالحة، ام ان موجبات الحراك والقوى الدافعة يمكن ان تتجاوز الخيار الفلسطيني؟ بكل الاحوال فان الجواب رهن باستعداد حركتي حماس وفتح، لتقديم ما يلزم لإنجاح المصالحة طالما ان بالإمكان تقديم ما يلزم على مسار المفاوضات غير المباشرة بين اسرائيل وحماس.

حاص بالنجاح الاخباري