النجاح الإخباري - تبحث دولة الاحتلال سبل التصدي لاعتزام المدّعي العام في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي كريم خان إصدار أوامر اعتقال ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت. وفوجئت إسرائيل بتصريحات خان، خاصة أنها أجرت من وراء الكواليس اتصالات مكثفة مع مكتبه من أجل إقناعه بعدم وجود صلاحية للمحكمة للتعاطي مع هذا الموضوع، وفق ما أوردته وسائل إعلام عبرية اليوم الثلاثاء. وكان من المنتظر أن يزور خان إسرائيل في الأسبوع المقبل، وأن يصل فريق من مكتبه قبل ذلك خلال هذا الأسبوع، وهي الزيارة التي ألغيت في اللحظة الأخيرة.

ونقلت القناة 12 العبرية عن مسؤولين إسرائيليين لم تسمّهم، قولهم إن إعلان خان موقفه على الملأ لم يكن بنية طيبة، وإن التوقيت ليس صدفة، وقد يرتبط أيضاً بقرارات محكمة العدل الدولية المرتقبة في الدعوى التي تطالب بوقف الحرب على غزة. كما نقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن أوامر من هذا النوع ستمسّ بالجهود الرامية للتوصل إلى صفقة مع حركة حماس تعيد المحتجزين الإسرائيليين. وتخشى إسرائيل عدم توقّف الأمر عند المستوى السياسي، وأن يطاول شخصيات في جيش الاحتلال من ضباط وجنود، فضلاً عن مسؤولين في المؤسسة الأمنية.

وسارع المسؤولون الإسرائيليون منذ الأمس للتنديد بإعلان المدّعي العام في المحكمة الجنائية الدولية اعتزامه إصدار أوامر اعتقال، وتسعى للضغط على الدول الأعضاء في المحكمة، لتعلن عدم التزامها بتطبيق الأوامر في حال صدورها، بذريعة "مبدأ التكامل"، بحيث تزعم إسرائيل أنها دولة ديمقراطية، لديها جهاز قضائي مستقل وقوي، ويمكنه النظر في مثل هذه القضايا، وهي الذريعة التي لطالما استخدمتها إسرائيل باسم الديمقراطية المزعومة. كما تعمل إسرائيل على تحريك التواصل مع الديمقراطيين والجمهوريين في الولايات المتحدة، للضغط بدورهم على الإدارة الأميركية من أجل فرض عقوبات تعطّل عمل المحكمة الجنائية الدولية.

غالانت: لا نعترف بسلطة المحكمة

وفي السياق، كتب يوآف غالانت عبر حسابه على منصة إكس، اليوم الثلاثاء، إن "محاولة عكس الترتيب الصحيح لن تنجح. مقاربة المدّعي العام بين حماس وإسرائيل، محتقرة ومثيرة للاشمئزاز. دولة إسرائيل ليست طرفاً في المحكمة ولا تعترف بسلطتها". وأضاف غالانت أنه "يجب رفض محاولة المدّعي العام حرمان دولة إسرائيل من الحق في الدفاع عن نفسها وتحرير مختطفيها، بشكل قاطع"، زاعماً أن جيش الاحتلال الإسرائيلي "يقاتل وفقاً لقواعد القانون الدولي، مع بذل جهود إنسانية فريدة من نوعها، لم يُتخذ مثلها في أي نزاع مسلّح".

من جهته، قال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن تل أبيب تدعو "دول العالم المتحضر" إلى رفض طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرتي اعتقال بحق اثنين من قادتها وإعلان عدم احترامها لأي مذكرات من هذا القبيل. ورداً على سؤال عمّا إذا كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أو وزير الحرب يوآف غالانت سيتجنبان زيارة أي دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية إذا صدرت مذكرتا اعتقال بحقهما، قال "لننتظر ونَرى"، بحسب ما نقلت وكالة رويترز. من جانبه، قال نتنياهو في حديثه مع شبكة إيه بي سي: "لا أخشى السفر حول العالم بعد قرار المدعي العام، وعلى المدعي العام أن يشعر بالقلق إزاء وضعه ووضع المحكمة، وآمل ألا يقبل القضاة التوصيات".


وأجرى نتنياهو في الأيام القليلة الماضية، أي قبل صدور القرار، مكالمات كثيرة مع جهات سياسية ودبلوماسية وقضائية، ويواصل إجراء المشاورات بشأن كيفية التعامل مع احتمال إصدار أوامر الاعتقال، كما تقوم وزارة الخارجية الإسرائيلية بفحص عدة خطوات في محاولة لمنع إصدار الأوامر. وتفحص وزارة الخارجية إقامة غرفة عمليات من أجل تحريك جميع ممثلي إسرائيل حول العالم لإيصال رسالتها، وعلى رأسها أنه ليس من المعقول وضع نتنياهو وغالانت في الخانة نفسها مع قيادات حركة حماس يحيى السنوار ومحمد ضيف ورئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، وأن مثل هذا الإجراء يمس جداً باحتمالات إعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.

كما ستعمل الخارجية الإسرائيلية على تجنيد دول للإعلان أنها تعتمد على المحاكم الإسرائيلية بتولي الأمر بموجب مبدأ التكامل، وأيضاً حث العديد من الدول على مناشدة المحكمة الجنائية الدولية بعدم إصدار أوامر الاعتقال. وستجري إسرائيل محادثات مع وزراء خارجية بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، واليابان، باعتبارها من أكثر الدول دعماً للمحكمة الجنائية الدولية، وكذلك إرسال رسائل إلى مسؤولين كبار حول العالم. ومن المتوقع أن يسافر وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى باريس قريباً، ويلتقي نظيره الفرنسي ويبحث معه الموضوع.