غازي مرتجى - النجاح الإخباري - كتب غازي مرتجى

جريمة في رام الله كشفت عورة "الثقافة" في فلسطين ,الرواية التي أثارت ضجّة بعد قرار النائب العام بحظرها وجمعها من الأسواق لا يُمكن تصنيفها إلا مزيد من قتل الثقافة الفلسطينية . ينسى بعض الكُتّاب أن فلسطين لا تزال تحت الاحتلال فيُحاولون الولوج إلى سوق الحداثة والانسياق نحو ضرورة عدم تقييد حرية الرأي والتعبير مُعتبرين أن "الكاتب أو الأديب" مُقدّس وكُل ما يُكتب يصب في صالح الأدب الفلسطيني  .

لقد أثبتت هذه الرواية وما تبعها من ردات فعل أنّ الطبقة التي من المفترض أن تكون أكثر تأثيرًا في القضايا المفصلية لا تزال على بُعد أميال من ذلك – بل أثارت ردّة فعل بعض المسؤولين أيضًا -ومن ضمنهم وزير الثقافة- أنّ بعض المُحرمات تزول عند الانسياق نحو شعار فضفاض نُطلق عليه حرية الرأي والتعبير .

نُكرر دوما أن حرية الرأي تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين , هذه الرواية التي لا يُمكن وصفها إلا بأوصاف احتوتها وكتبها الكاتب بقلمه فمن إسفاف وابتذال في المعاني والمفردات إلى الطعن بزوجات الشهداء وعفّة نساء فلسطين وصولًا إلى محاولة التقزيم لصورة ياسر عرفات برمزيته التي توارثتها الأجيال .

أما من دافع عن تلك الرواية من جانب الحفاظ على حرية الرأي والتعبير –وهم قلّة- فهو بالتأكيد من مؤيدي عدم حظر المواقع "الاباحية" فمن دافع عن الرواية كاملة بما تضمنتها من مفردات وألفاظ لا أعتقد بأنه سيسمح لابنه او ابنته بقراءتها حفاظا على حيائهم . قد أتفهّم دفاع البعض عن "الأساس" بمصادرة رواية لضمان عدم تكرار الحظر في وقائع مختلفة لكن من يعتبر الألفاظ الواردة بالرواية تُناسب الأذن فهو يحتاج لإعادة النظر برؤيته العامة للثقافة والأدب .

الألفاظ التي وردت بالرواية لا تمت لـ"الأدب" بصلة - حتى وصفها بـ"الألفاظ السوقية" به ظلم كبير - فدور الأدب هو الارتقاء بالثقافة العامة لا الوصول بها إلى الدُونية .

إن التطاول على الرموز سواء بالتصريح أو الغمز كما كان في "جريمة رام الله" هو أسلوب يجب التوقف كثيرًا عنده – فاعتبار التطاول على رمزية الشهداء حرية رأي وتعبير هو بداية سقوط الرمزية الوطنية التي شيّدت الحواجز أمام كل من حاول التطاول على الثقافة الوطنية المُحترمة .

أعتقد أننا بحاجة لتوضيح أكثر دقّة من وزير الثقافة الفلسطيني الذي عبّر عن رفضه لقرار حظر الرواية – نتمنى أن ينتهي من قرائتها قريبًا (كما وعد) وليُبلغنا برأيه النهائي بالألفاظ والإيحاءات الواردة بالجريمة المذكورة .