النجاح الإخباري - منذ إعلان وقف إطلاق النار على قطاع غزة في 19 من شهر يناير الحالي، بدأت حربٌ أخرى أشد ضراوة وقسوة أمام المدنيين، فالغارات الإسرائيلية لم يكن ثقلها أقل أثراً من مشاهد الدمار والخراب الذي حل بمنازل وممتلكات المواطنين، لتتحول جلّ آمالهم وطموحاتهم إلى أطنان من الحطام.

وسرعان ما بدأت فرق البحث في غزة وآلاف العائلات في البحث عن بقايا لأحبائهم من تحت الأنقاض، لدفنهم وحفظ كرامتهم، إلا أن الكثير من هؤلاء الشهداء لم يجدوا لهم أثراً بفعل تحلل جثثهم أو تبخرها.

جثة 2840 شهيداً بلا أثر..
وقدر الدفاع المدني في غزة عدد الشهداء الذين تبخرت جثامينهم ولم يجدوا لها أثراً 2840 شهيداً، وذلك بفعل استخدام جيش الاحتلال أسلحة تنتج عنها درجات حرارة ما بين 7000-9000 درجة مئوية تصهر كل ما هو في مركز الانفجار.

وقد أشار المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل للنجاح، "إلى أن مهاماً شاقة وصعبة تواجههم في صعوبة انتشال الشهداء، خاصة في شمال القطاع، حيث يُقدر عدد الشهداء تحت الأنقاض بأكثر من 12 ألفاً"

وقد عثر الدفاع المدني على بعض الجثامين وقد تحولت إلى رفات وعظام وجماجم هياكل عظمية بسبب طول مدة بقائها تحت الأنقاض، حيث جرى انتشال رفات 153 شهيدا منذ بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع الأحد الماضي.

ويمضي بصل قائلاً " تنفيذ هذه المهام يتطلب معدات وأدوات متخصصة غير موجودة، وهذا يعيق الجهود الرامية لإنهاء هذه المهمة الإنسانية"، ودعا بصل الأطراف الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار إلى الضغط على الاحتلال لوقف انتهاكاته المتواصلة وضمان تنفيذ الاتفاق بشكل كامل، محذراً من أن استمرار هذه الأعمال يُفاقم من المعاناة الإنسانية في قطاع غزة"



جثث بلا هوية ..

ويقول المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة، "قضية المفقودين تمثل مأساة أخرى، نهاية الحرب لا تعني نهاية البكاء والألم، نحن أمام مشاهد مروعة تتكرر يومياً، مما يعكس عمق المأساة الإنسانية".

ويضيف، "يجب أن تسمح إسرائيل بدخول فرق فنية وخبراء في الطب الشرعي والفحص الجنائي، إضافة إلى المعدات اللازمة إلى قطاع غزة، للمساهمة في انتشال جثامين الضحايا من تحت الأنقاض".

ويوضح ثوابتة أن غزة في حاجة إلى فرق من خبراء الطب الشرعي والفحص الجنائي للتعرف على هويات الضحايا، خصوصاً أن الدفاع المدني وجد جثامين متحللة يصعب التعرف عليها إذ لم يتبق منها سوى الجماجم وبعض العظام"

تقديرات: 21 ألف مفقود في قطاع غزة

ووفقاً للأحصائيات الأخيرة، فقد تسلمت الجهات الحكومية في غزة 11,200 بلاغاً عن مفقودين، ولكن هذا ليس العدد الإجمالي لهؤلاء، إذ تقدر الأمم المتحدة أن عدد المختفين في القطاع وصل إلى 21 ألفاً، وأن هذه مأساة بدأت تتكشف مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار.

وبحسب منظمة "أنقذوا الأطفال" يشكل الصغار أكثر من نصف تعداد المفقودين، إذ وثقت الفرق الميدانية للمؤسسة 21 ألف حالة لأطفال مختفين، ويشمل هذا الرقم القاصرين الذين وصلوا إلى المستشفيات ولم تستطع الطواقم التعرف عليهم ويصنفون في خانة "طفل جريح بلا عائلة على قيد الحياة".

بفعل الحرب..خمسون مليون طن من الأنقاض

وأظهر تقييم للأضرار أصدرته الأمم المتحدة هذا الشهر أن إزالة أكثر من خمسين مليون طن من الأنقاض، التي خلفها القصف الإسرائيلي، قد يستغرق 21 عامًا وقد يكلف ما يصل إلى 1.2 مليار دولار.

وذكر تقرير للأمم المتحدة صدر العام الماضي أن إعادة بناء المنازل المدمرة في غزة قد تستغرق على الأقل حتى عام 2040، لكن الأمر قد يستمر لعدة عقود.

ويُعتقد أن الأنقاض ملوثة بمادة الأسبستوس، إذ من المعروف أن بعض مخيمات اللاجئين التي ضربت أثناء الحرب بُنيت بهذه المادة.


1.8 مليون شخص بحاجةٍ إلى مأوى في غزة

ووفقا لبيانات الأقمار الصناعية للأمم المتحدة في ديسمبر، فإن ثلثي المباني في غزة قبل الحرب، أكثر من 170 ألف مبنى، تهدمت أو سويت بالأرض، وهذا يعادل حوالي 69 بالمئة من إجمالي مباني قطاع غزة.

وفقا لتقديرات الأمم المتحدة فإن هذا الإحصاء يتضمن ما مجموعه 245123 وحدة سكنية. وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن أكثر من 1.8 مليون شخص يحتاجون حاليا إلى مأوى في غزة.

وذكر تقرير للأمم المتحدة والبنك الدولي أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية تقدر بنحو 18.5 مليار دولار حتى نهاية يناير 2024، وأثرت على المباني السكنية وأماكن التجارة والصناعة والخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والطاقة.

واعلنت صحة غزة، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 47,161 شهداء، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وارتفعت حصيلة الإصابات إلى 111,166 جريحًا، منذ بدء العدوان، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.

ويدخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل يومه الرابع، حيث تم التوصل له بعد أشهر من مفاوضات شاقة، وأصبح حيز التنفيذ في 19 من يناير الحالي، فيما تكثر التساؤلات حول إمكانية صمود هذا الإتفاق، وعدم إنهيار الهدنة، وسط عدة خروقات إسرائيلية، ومطالبات يمينية من داخل الإئتلاف الحكومي لاستئناف الحرب والقضاء على حماس.