النجاح الإخباري - للمرة الأولى منذ 15 شهرًا، سيحظى سكان غزة بفرصة للنوم دون صوت القذائف أو ويلات القصف، الذي أودى بحياة نحو 47 ألف مواطن، أغلبهم من النساء والأطفال، ودمّر ما يزيد على 70% من مباني القطاع.

قلة فقط من نجوا بحياتهم وبقيت منازلهم قائمة، وسيعيش هؤلاء لحظة لمسوها في أحلامهم: "إحساس المفاتيح التي احتفظوا بها طيلة أشهر الحرب وهي تنزلق في الأقفال، صوت الأبواب وهي تُفتح بين أيديهم، وأخيرًا الغوص في أسرتهم التي اشتاقوا إليها كأنها واحة أمان وسط صحراء الموت".

لكن بالنسبة لغالبية مواطني القطاع، ستظل الخيام هي الملاذ المؤقت، حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن إعادة إعمار القطاع قد تستغرق سنوات طويلة.

وتسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي في تهجير أكثر من 85% من مواطني قطاع غزة أي ما يزيد على 1.93 مليون مواطن من أصل 2.2 مليون، من منازلهم بعد تدميرها، كما غادر القطاع نحو 100 ألف مواطن منذ بداية العدوان.

ووسط الاحتفالات بوقف إطلاق النار، ذرف الناس أيضا الدموع على قبور أحبابهم بعدما أتيح لهم دفنهم، وراح آخرون يجرون اتصالات للبحث عن شاحنات أو عربات صغيرة تجرها الحمير يستأجرونها لنقل أشيائهم.

ويتسأل بعضهم وهم يحزمون خيامهم: "أين سنعيش، فمنازلنا لم تعد قائمة!".

فدوى الفرا (35 عاما)، تبحث عن أقاربها الذين لم ترهم منذ شهور: "أريد أن أعرف من منهم بقي على قيد الحياة لكي أفرح ثم أبكي عن ما لم يكتب لهم النجاة".

وفيما يلملم الناس جراحهم، فإنهم يخشون الاقتراب من كل جسم غريب أو مشبوه.

وتقول دائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام في أبريل/نيسان 2024 إن ما يقدر بنحو 7500 طن من الذخائر غير المنفجرة منتشرة في جميع أنحاء غزة، وهي عملية تنظيف قد تستغرق ما يصل إلى 14 عاما.

وبكى محمود أبو موسى (55 عامًا) على ركام منزله، محتضنًا طفله الوحيد المتبقي، وعندما حاول بعض الشبان تهدئته، قال: "خلوني أعيط، وأنفّس إلي بداخلي".

وسيسمح الاتفاق الموقع بين حماس وإسرائيل إلى النازحين العودة لمنازلهم من جنوب قطاع غزة إلى الشمال في اليوم السابع من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

لذلك كان عبدالله الفرا يبحث عن شاحنة كبيرة لنقل خيمته وأغطيته إلى الشمال، منشغلاً عبر هاتفه في تحديد مكان يجمعه بأقاربه المتبقين في مدينة غزة.

وقال: "سنعانق بعضنا بعد عام من النزوح، نريد أن نبكي على أكتاف بعضنا البعض، ونشكر الله على النجاة من هذه الحرب المميتة".

وأضاف: "بعد ذلك سنبحث عن ركام منازلنا لنعاق طوبها وحجارتها، ولنشيد فوقها خيامنا، أملين بفتح صفحة حياة جديدة".

ويخشى الكثيرون من عودة الحرب، لا سيما أن اتفاق وقف إطلاق النار يتضمن العديد من البنود الهشة، التي يمكن لكل طرف تفسيرها وفقاً لوجهة نظره.
  
حتى عندما أعلن الوسطاء عن دخول سريان التهدئة صباح الأحد، كانت قوات الاحتلال تواصل قصفها للقطاع مما أوقع 13 شهيداً والعديد من الجرحى.

بين دموع الفقد وأحلام العودة، تكتب غزة فصلًا جديدًا من قصص الصمود، حيث يبقى الأمل في الحياة أقوى من كل الدمار.