النجاح الإخباري - وسط حالة من الترقب الحذر لما ستفرزه الساعات المقبلة لنتائج المباحثات المكثفة التي تجري في قطر من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، تُجري المؤسسات المختصة والمعنية بشؤون الأسرى جهوداً حثيثة لترتيب التفاصيل كافة فيما يتعلق بالأسرى الفلسطينيين المنوي الإفراج عنهم ضمن الصفقة.

وفي هذا الصدد، قال رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى أمين شومان "إن الشعب الفلسطيني والحركة الأسيرة داخل السجون يعيشون حالة من الترقب، مع الاستعداد لإطلاق سراح مجموعة من الأسرى، من بينهم الأسرى القدامى، والمؤبدات، وأسرى صفقة شاليط الذين أعيد اعتقالهم"

وبين شومان في حديث خاص للنجاح، "أن المرحلة الأولى ستشمل الإفراج عن 45 أسيراً من هؤلاء، بالإضافة إلى الأسرى الأطفال والأسيرات والأسرى المرضى، موضحاً وجود بعض الاشتراطات الإسرائيلية التي تتضمن إبعاد العديد من الأسرى إلى خارج الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك دول مثل قطر وتركيا ومصر".

الأسرى معزولون عن العالم الخارجي ..

من جهة أخرى أكد شومان للنجاح، أن الأسرى في السجون الإسرائيلية لا يملكون أي وسائل اتصال مع العالم الخارجي، وقد تم مصادرة جميع الأجهزة الخلوية والمقتنيات الخاصة بهم، مما يجعلهم معزولون عن الأخبار والتطورات، ولفت إلى أن المعلومات التي تصلهم تقتصر على ما يتم نقله من خلال زيارات المحامين أو الأسرى الجدد الذين يدخلون السجون، وأكد شومان أن الأسرى في قطاع غزة على وجه الخصوص، مغيبون عن الأحداث الجارية خارج السجون.

هيئة شؤون الأسرى: المفاوضات وصلت إلى مرحلة "اللاعودة" 

وفي وقت سابق، ذكر قدورة فارس رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، في تصريحاته من العاصمة القطرية الدوحة أن المرحلة الحالية في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وصلت إلى مرحلة “اللاعودة”، مشيرًا إلى أن الأخبار الواردة حتى الآن “مبشرة ومطمئنة”.

 وأضاف أن التفاؤل الذي يسيطر على الأجواء بشأن إتمام الصفقة ليس عاطفيًا بل هو “تفاؤل موضوعي” وهو ناتج عن تقدم ملموس في المفاوضات.

وكشف فارس عن تفاصيل جديدة في عملية الإفراج عن الأسرى، حيث أوضح أن عملية الإفراج ستتم على دفعات ولن يتم إطلاقهم دفعة واحدة، مما يشير إلى تطور جديد في سير المحادثات.

وفيما يتعلق بالضغط السياسي في إسرائيل، أكد فارس أن الصفقة ستتم كما هو مخطط لها، وأنه لن يكون بإمكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو “التخريب” على هذه الصفقة كما حدث في محاولات سابقة.

الصحة الفلسطينية توعز للمستشفيات بالاستعداد لاستقبال الأسرى

وأوعزت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم الثلاثاء، للمستشفيات بالاستعداد لاستقبال الأسرى المحررين ضمن الصفقة المرتقبة بين إسرائيل وحماس.

ودعت الصحة المستشفيات إلى العمل الفوري على تهيئة وتجهيز عيادة باطني وعيادة جراحة عامة مع أخصائيين في كل مستشفيات الوطن، وبشكل عاجل، وذلك لفحص ومعالجة الأسرى وتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم.

كما أكدت على حسن الاستقبال وتوثيق عدد الأسرى وأسمائهم وتشخيصهم في سجلات خاصة.

الخطة المطروحة .. وإدارة غزة

وفي قراءة تحليلية لما ينشر حول الصفقة وأبعادها، ذكر المختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن الخطة المطروحة ليست مجرد إطلاق سراح أسرى أو وقف الحرب، بل تتعلق أيضًا بالمرحلة الثانية التي تركز على من سيحكم غزة وكيفية إدارة شؤونها، وهذا السؤال لا يمكن الهروب منه لكي تستمر الصفقة، ويجب الإجابة عليه، ويضيف منصور قائلاً "من الواضح أن حماس لن تظل في السلطة بغزة، ولن يقبل أحد بذلك، وفي الوقت نفسه، من غير الممكن إزاحة حماس بالقوة، لذلك، سيحتاج الأمر إلى تفاهمات فلسطينية داخلية وتوافقات بين الأطراف الفلسطينية، وهذا يستدعي البحث في كيفية إدارة غزة في المرحلة القادمة"

"يبدو أن نتنياهو يفضل بقاء حماس ضعيفة في غزة بعد الحرب، وحماس لم تهزم بشكل كامل، ورغم أنها لم تحقق انتصارًا حاسمًا، إلا أنها لا تزال قائمة وتستطيع التسبب في خسائر لجيش الاحتلال" يستكمل منصور حديثه.

من جانبه يشير أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية أ. رائد الدبعي، إلى أننا أقرب من أي وقت مضى إلى تنفيذ هذه الصفقة، ولكن يجب أن نكون واعين تماماً بأن هذه الصفقة لا تزال تواجه العديد من التحديات لإتمامها بشكل نهائي، تحديداً في مرحلتيها الثانية والثالثة، ومن الواضح أن هذه الصفقة لا تأتي بإرادة كاملة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لم يحقق أهدافه حتى اللحظة، فهو لا يزال يخشى من عودة حركة حماس إلى الحكم أو استمرارها في السيطرة على قطاع غزة، إلا إذا تم التوصل إلى بديل ناضج، سواء كان اتفاقاً إقليمياً أو دولياً، أو حتى اتفاقاً بين السلطة الوطنية الفلسطينية، ويمضي الدبعي في حديثه قائلاً " فكرة الإدارة الإقليمية التي تشمل الإمارات وقطر وتركيا لا تزال مرفوضة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، كما أنه لا يوجد حتى الآن اتفاق فلسطيني حول اليوم التالي للعدوان على الشعب الفلسطيني"

ويضيف الدبعي "هناك أهدافاً خفية وواضحة لدى نتنياهو، إذ يرى أن مرحلة ما بعد الحرب مع حزب الله، وانهيار النظام السوري، وكذلك الحرب في قطاع غزة، تمثل فرصة لتحقيق مشروعه، الذي يسعى إلى إبقاء حالة من عدم الاستقرار لتعزيز فكرة ضرب إيران وتوجيه ضربة للمفاعلات النووية الإيرانية، و وقف العدوان على قطاع غزة يجعل هذه المقاربة صعبة جداً، خاصة مع قدوم ترامب إلى السلطة، مما يزيد من تعقيد الأمور"..

ويلفت الدبعي إلى أن القضية الفلسطينية اليوم لا تشكل أولوية رئيسية في أجندة الإدارة الأمريكية القادمة، والتي تركز بشكل أكبر على قضايا أخرى مثل الحرب في أوكرانيا والصراع مع الصين، إلى جانب الملف الإيراني. وبالنظر إلى هذا الواقع، فإن هناك احتمالاً كبيراً لوقف إطلاق النار، لكن يجب أن نكون يقظين وألا نتسرع في التفاؤل، لأن التوصل إلى وقف شامل للعدوان على الشعب الفلسطيني يتطلب الكثير من الحذر والحيطة".

وفي وقت سابق من اليوم، أفاد المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، بأن مفاوضات وقف إطلاق النار تجري الآن حول التفاصيل الأخيرة، وأن الأطراف عند أقرب نقطة من التوصل لاتفاق.

وقال الأنصاري في مؤتمر صحفي، في الدوحة: "تجاوزنا العقبات الرئيسية في المفاوضات، ونترقب أن يكون الإعلان عن اتفاق إطلاق النار في غزة قريبا".

وأضاف: "أصبحنا في أقرب نقطة لاتفاق في غزة، وتجاوزنا العقبات الرئيسية في الخلافات بين الطرفين".

وأشار الأنصاري إلى أن تفاصيل عالقة بين الطرفين تتعلق بآليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وبشأن تفاصيل الاتفاق، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية، إنها سيعلن عنها بعد وقت قصير جدا من التوصل إلى الاتفاق.

وتقود قطر إلى جانب الولايات المتحدة ومصر جهوداً منذ أشهر للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس لإنهاء الحرب في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن المحتجزين فيه. وتجرى مباحثات غير مباشرة بهذا الصدد منذ مطلع يناير في الدوحة.