نابلس - النجاح الإخباري - إن التقارير التي تخرج من غزة تكشف هول المذبحة، وتوثق قصص الموت والحزن المستمر بينما يحول الاحتلال القطاع بأسره إلى وادي الموت.

وفي هذا الجحيم المفتوح، حيث يختلط دخان الحرائق بغبار الأنقاض، تتحول حسابات المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أرشيف مروع يوثق بشكل مباشر معاناة شعب بأكمله.

وبين سطور الحرب، نقرأ تفاصيل الوجع ونستمع لآهات الفقدان، فحين يتيسر لأهل غزة وسيلة اتصال وبعض الوقت يكتبون على الفضاء الواسع والافتراضي مآسي وحكايات وقصص من واقع الحرب ومن مرارة ما يتجرعونه بعيدا عن لغة الأرقام المتصاعدة.

وهنا نرصد بعض القصص كما نقلها "أهل مكة" فهم أدرى بشعاب جروحهم.

سامي أبو سالم كتب على صفحته على الفيسبوك: 

"قبل قليل كنت في زيارة مصاب في مشفى شهداء الأقصى بدير البلح، قابلت صديقا من عائلة أبو مراحيل قال إنه يزور أبناء عمومته الذين أصيبوا في قصف مدرسة "الجاعوني" مساء امس في النصيرات، أحدهم تلقى شظية في رأسه، مشينا بصعوبة في ممر مزدحم بالمصابين والنازحين والمتسولين والمرضى، سألني مصاب من مخيم الشاطئ من عائلة النحال عن المعبر وهل سيفتح أم لا، لأنه في انتظار سفر لعلاج في الخارج، سألته عن رقم جواله، ضاع في القصف، رقم أي حد من العائلة، لا أحد

- أبوك: - استشهد، - امك:- استشهدت،  اخوانك : - أستشهدوا هم واولادهم، - اخواتك: -واحدة استشهدت هي وأولادها والتانية استشهدت والتالتة اتصاوبت وطلعت تتعالج

هيطنا السلم المزدحم يالزوار والمصابين وروائح غرييبة، عرق وكحول وعفن ودم ورطوبة وعطر وقهر.

قابلنا شاب من عائلة عابد من مخيم المغازي، بعد التحيات قال لصديقي انه خسر كل شيء. دمروا البيت والسيارة والسوبرماركت وكل شي تملكه العائلة.. ثم ابتسم بألم وقال "احسن من غيرنا"،

كانوا يفرون من المخيم عندما اقتحمته قوات الاحتلال، كان عددهم ٢٠، قال أبوه وهم يركضون (إذا صفينا على خمسطعش بركة كويس".

خرجنا عن الباب الرئيس وجدنا مجموعة من الصبايا يقبلن أخاهم شعره كثيف وحاجبيه خميلان اسودان سوادا شديدا وشاربه بدأ بالبزوغ، الشهيد ساجد الحمارنة ١٤ عاما. قبلنه وبكين بوقار بصمت على استحياء ووقفن بعيدا يراقبن بضعة رجال حملوه في صندوق جيب وانطلقوا يبحثوا عن متسع في أي مقبرة أو أي قبر".

 

فيما كتبت ربا غباين عن مرارة فقد أهلها والأصعب أين قبورهم.. فقدتهم وهي بعيدة دون وداع.. فيما تشتت شمل العائلة بالمقابر أيضا بعد الاستشهاد..

وفي التفاصيل كتبت: 

"لما استشهدو اهلي في الجنوب أول الحرب، كنّا انا وعائلتي بالشمال، ما كان في وقت ولا فرصة ابداً نودّعهم او نزور قبورهم، كان بابا أصلا جثمانه مفقود، كنت اشوف صور الناس اللي بتودّع الشهداء و واقفة على قبورهم و أتحسّر، 29 شهيد من أقرب أقربائي ما شفت حدا فيهم، من ضمنهم ماما و بابا وأختي،  نزحنا جنوب، ورجعنا نفكّر نزورهم، بس المنطقة االي اندفنو فيها كانت خطر كتير وما حد بيوصل، لقو بابا بعد فترة تحت الأنقاض، دفنوه بعيد عن الكل في مقبرة ثانية، حسب الظروف وقتها،  و ضليت افكر كتير، كيف بابا ضل لوحده تحت البيت المقصوف، وكيف اندفن لحاله في مكان غريب، رغدة بنت عمي وبنت خالتي، نزحت جنوب بعد أحداث محيط الشفاء، نزحت مشي من محيط الشفاء شمال غرب غزة، لرفح في الجنوب، أول ما حطّت رجلها في الجنوب، قالت بدي ازور اهلي، وين قبور اهلج

بس وين يا رغدة مكانك في رفح، ووين أهلك !

اجتاحت اليهود رفح بعد وقت قصير، ورجعت نزحت رغدة للوسطى، واول ما وصلت الوسطى رجعت تسأل، وين قبور اهالينا؟

بتحكي انها سألت عنهم في المقبرة، ناس كثار استشهدوا اول الحرب و حطّوهم في قبور جماعية، وينهم ؟

بتحكيلنا انه كل مجموعة في قبر، وانه كل قبر عنده حجر، وانه كل حجر فيه ورقة ملفوفة بنايلون،  مكتوب عليها مين المدفون، وهذه كانت ورقة قبر ماما و اختي".

بعدد سكان قطاع غزة.. وأضعاف ذلك هناك قصص وأوجاع تحكى وقد لا تحكى وتنسى بين طيات الحرب.