نابلس - هيا قيسية - النجاح الإخباري - سألت الشيخ وقال حلال؟!

    ربما هذه العبارة قد يفهمها الناس بطريقة مختلفة وهي مااعتدنا عليه من خلال إفتاء "الشيوخ" أو رجال الدين والدعوة إن صحت التسمية، للبت في قضايا مجتمعية خلافية، حتى لايقع المسلم في الخطأ أو الحرام أو المعصية.

ولكن أن تسمع هذه الجملة في كلمات أغنية!، نعم أغنية يتداولها الشباب العربي عبر تطبيق "التيكتوك" الذي يثير الجدل دوما حول طبيعة محتواه التي يشاهدها ويتابعها الجيل الشاب والأطفال أحيانا.

فما هي قصة أغنية " سألت الشيخ وقال حلال" ؟!

انتشرت هذه الأغنية بهذا المقطع تحديدا عبر تطبيق  “TikTok” الشهير ، الذي ينجذب له رواد الإنترنت بطريقة فاقت بأشكالها وأساليبها بقية تطبيقات التراسل والتواصل الإجتماعي، والذي من خلاله يكرر مستخدمو هذا التطبيق مقطعا صوتيا يتم تركيبه على صور وفيديوهات لهم وكأنهم يغنونها بأنفسهم، ويكتبون عليها عبارات تتناسب مع حالتهم أو الرسالة التي يودون إيصالها.

أما أغنية "سألت الشيخ وقال حلال" فتم تركيبها على العديد من المقاطع والأفكار والرسائل التي تهين الدين الإسلامي وتثير السخرية من إفتاء "الشيوخ" لتحليل الحرام وإجازة الممنوع وإثارة الجدل.

فنجد أحدهم يغني هذه الأغنية مرفقا نص مكتوب جاء فيه "أن الناس يسألوه لماذا تعمل على رسم الوشم للناس فهذا حرام"، ليأتي الرد على أغنية" سألت الشيخ وقال حلال".

وأخرى استخدمت هذه الأغنية وهذا الرد على سؤال أحد المتابعين لها:  "لماذا تلبسين ملابس قصيرة تكشف العورة"، وتكون قد لبست هذه الملابس العارية فعلا وتغني وتبتسم بطريقة وكأنها أخذت الرخصة الشرعية من هذه الأغنية.

وغيرها من الأمثلة التي لاترتقي لأن يشاهدها الناس على اختلاف أديانهم، والتي تعرب عن انحطاط الأخلاق بين الشباب والمراهقين سواء الذكور أو الإناث، وفي بعض الأحيان بعض المستخدمين من الأجيال الكبيرة.

 

المال المكتسب من نشر المحتوى غيرالأخلاقي ..حرام

تابع النجاح الإخباري رأي أهل الشريعة في محتوى هذه التطبيقات والبرامج المختلفة عبر السوشال ميديا، إذ بدء جواب الداعية الإسلامي والمحاضر الجامعي،الشيخ الدكتور أحمد شرف، بحديث شريف حيث قال:

 "عن أبي هريرة - رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (من دعا إلى هدى، كان له من الأجر مثل أجور من تبعه؛ لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) رواه مسلم.

وتابع شرف: إن هذا الحديث يدل على أن الإنسان إذا دعا الآخرين إلى طاعة الله، فله أجر من فعلها لا ينقص من أجورهم شيئا، وإن دعاهم إلى معصية، فهذه المعصية كتبت في صحيفته وصحيفة من فعلها إلى يوم القيامة، لأن الإنسان الذي دل عليها, سيتحمل إثم فاعلها.

واعتبر شرف أن برنامج “TikTok” يندرج ضمن هذا الحديث النبوي الشريف، فكل شخص يقدم شيئًا هادفا من خلال هذا البرنامج دون خدش للحياء أو أي إثارة لفتن أو محرمات، أو يقدم أموراً دينية لا تثير فتنا فهذا جائز، بل يندب إليه>

 أما إن خرج المحتوى عن إطار الأدب، أو كان هناك استهزاء وسخرية من الآخرين ونحو ذلك، فهذا حرام ويأثم صاحبه، بل كل مال يتكسبه الإنسان من نشر مثل هذه البرامج التي تؤدي إلى المنكرات حرام>

ووجه الشيخ الدكتور أحمد شرف دعوة لأولياء الأمور بضرورة مراقبة أولادهم لما يشاهدونه أو ينشرونه من خلال هذه البرامج، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).

وشدد على ضرورة الحرص عند استخدام مثل هذه البرامج والتي انتشرت في الآونة الأخيرة بين الناس وما لها من تأثير، فعلى من يستخدمها توخي الحذر وانتقاء ما يقدمه لعموم الناس، واتخاذ مثل هذه البرامج لتقويم بعضنا البعض، والبعد كل البعد عن ما تخلقه من تشوهات سلوكية وأخلاقية بين الشباب.

 

نواجه مشكلة وعي وأزمة أخلاقية

وبهذا الخصوص قال المحاضر في قسم الصحافة الاتصال والإعلام الرقمي بجامعة النجاح الوطنية، د. فريد أبو ضهير، للنجاح الإخباري : إنه يجب أن نعترف أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت واقعا، ومحاربتها لن يكون مجديا. ويجب التعامل معها وفق هذا المنظور، معتبرا أن تطبيق "التيكتوك" هو حلقة من حلقات التواصل الاجتماعي التي تطغى على السطح عندما تكون حديثة، فقد سبقها مثلا تطبيق ask وكذلك سناب شات، والتي أحدثت ضجة في المجتمع. ولكنها تراجعت إلى الخلف، حيث مل الجمهور منها، وانطلق نحو تطبيقات جديدة أكثر إثارة.

ويتابع أبو ضهير حديثه، "من الضروري أن نفهم طبيعة الجمهور الذي تجذبه الأمور الغربية، لكن ما تلبث أن تتلاشى، إلا أننا يجب أن ندرك أن الأثر قد يبقى لفترات طويلة، بل قد يمتد إلى شرائح واسعة من المجتمع، وقد يتعمق في ثقافة ووجدان قطاعات من الجمهور".

واعتبر أبو ضهير أن المشكلة التي تواجهنا هي مشكلة الوعي، أو ما نسميه الثقافة الإعلامية، أو نطلق عليه اليوم مصطلحا علميا هو "التربية الإعلامية"، إذ بدأت فكرة التربية الإعلامية تنتشر اليوم في جميع دول العالم، حيث نجد أن وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية تقوم بتطبيق تجريبي للتربية الإعلامية في عدة مدارس فلسطينية. والتربية الإعلامية تهدف لرفع مستوى الوعي لدى الإنسان، من الصف الأول الأساسي، وحتى المرحلة الجامعية، ليفهم ما هو الانترنيت، وما هي مواقع التواصل الاجتماعي؟ وكيف يجب أن نتعامل معها، سواء بالاستقبال أو الإرسال.

وختم حديثه بأن "الحل الوحيد حاليا لهذه التحديات هو التوعية، وغرس ثقافة التعامل مع التيك توك.  ويجب على الحكومة أن تقوم بواجبها ومسؤولياتها الدينية والأخلاقية والوطنية، من خلال فتح الباب واسعا أمام حملات التوعية وزيادة جرعة الدروس الدينية التي تعمق الوعي لدى المواطن، سواء الأطفال أو الوالدين، لإنقاذ الأجيال من حالة التدهور الأخلاقي، فالأزمة هي أزمة أخلاقية بالدرجة الأولى".

 

   وتبقى التكنولوجيا سلاح ذو حدين، وكل مستخدم يغني على ليلاه، ويستخدم هذه التقنية بما ينضح به إناؤه، ولكن الحذر واجب بل ضروري لئلا تنتشر بعض الثقافات الغريبة عن مجتمعنا وأخلاقنا بين أوساط الشباب والأجيال القادمة، التي نعول عليها كثيرا بالنهوض بالمجتمعات والحضارة التي تليق بالشباب العربي كما يجب أن يكونوا.