غزة - مارلين أبو عون - النجاح الإخباري - رغم أنَّ الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط  معيّنة مع الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أنَّ المجتمع لا يرحم في أحكام يطلقها على المطلقة دون النظر في صحة المواقف، وهناك نظرة سائدة ضد "المطلّقة" على أنَّها "الأرملة السوداء" التي تغزل شباكها العنكبوتية للايقاع بالرجال المتزوجين طمعًا في أن تحظى بأحدهم، وقد تقع "المُطلقة" فريسة سهلة للضغوط النفسية والاجتماعية وتنطوي على ذاتها رغم أنَّها في أمسّ الحاجة للتعافي من آثار العلاقة القديمة.

قصص كثيرة نسمعها كلّ يوم، بعضها سطحي ويمسخ العلاقة الزوجية التي ينبغي اعتبارها مقدّسة، وبعضها يفيض ألما ووجعًا، يجعلنا نقف عندها نفتّش عن الأسباب والحلول.

عقدة الطلاق وشؤم سيطه

ويسيء البعض معاملة المطلّقة خاصة النساء حرصًا على أزواجهن، ويطلقن عليها "خطافة رجال" أو "خرّابة بيوت"، في حين ينظر بعض الرجال لها على أنَّها فريسة وتعاني من عقدة نقص وحرمان يحاولون استغلالها ما يثقل كاهل المطلّقة  فتبقى حبيسة جدران لا تخرج منها إلا للضرورة فتصبح سوداوية النظرة للمجتمع.

آية سيّدة متزوجة لديها تجربة مع زوجها، قالت لـ"النجاح": "صادقت امرأة مطلقة وأدخلتها بيتي، وتوطدت العلاقة حتى أصبحت أطلعها على خصوصياتي ومشاكلي مع زوجي التي لا يخلو منها بيت، ويوم عن يوم ومع تكرار دخولها بيتي، تجرأت وراسلت زوجي لجرّه لعلاقة ظنّت أنَّها قد تنتهي بالزواج، إلا أنَّ زوجي تدارك الأمر وأخبرني ثمَّ قطعت علاقتي بها".

وأضافت آية، أنَّ هذه الصديقة ليست نموذجًا لكل المطلقات فالطلاق مجرد حدث في الحياة ولا علاقة له بالأخلاق، قالت: "ما أكثر النساء المطلقات لكنّهن أخوات الرجال ومكافحات وذوات خلق".

 

 

وتضاف لمعاناة المطلقة الصفات التي تلصق بها كونها فشلت في زواجها، ونظرة الأهل على أنَّها ضعيفة ومكسورة ومحاصرتها في الخروج والدخول، ما يسمح المجال للتحكم في تفاصيل حياتها إذا استسلمت.

الهام تمنت أنها لو بقيت عند زوجها الخائن ولا ظلت في بيت والدها

مُنعت الهام.ش (33عامًا)، من وظيفتها حيث كانت تعمل في العلاقات العامة في إحدى الشركات الكبيرة في مدينة غزة، قبل الزواج، واستمرت بعده، إلا أنَّها وبعد الانفصال وعودتها لبيت أهلها، منعها والدها من الخروج للعمل بحجة أنَّها مطلقة، وعند إصرارها على الخروج  ردّ عليها قائلًا: "لا أريد من أحد أن يتكلّم عنك، ويقول عن ابنتي مطلقة وتخرج للعمل"، بعدها ألحّ عليها في الزواج من رجل يبلغ من العمر (60) عامًا بحجة "الستر"، فرفضت بشدّة. 

قصة تتبعها الكثير من القصص كزهرة الفتاة العشرينية (21) عامًا، اليتيمة التي زجّ بها والدها لأول طارق باب، وبعد تدخلاته الكثيرة في حياتها ومصادرته لما لديها من ذهب، دبّت مشاكل بينها وبين زوجها أفضت للطلاق، فعادت مكسورة حزينة تجر أذيال الخيبة، وهي التي لم تر بعد من الحياة ما يوسّع مداركها، قالت لـ"النجاح": "أعاد والدي الكرّة وزوجني لرجل خماسيني بعمره مقابل شقة يكتبها باسمي، وبعد زواجنا اكتشفت فساد هذا الزوج الذي لا أطيقه ولم أتفاهم معه فتنازلت له عن الشقة وعدت لبيت والدي مجدّدًا".

وأضافت: "تلقيت كل أصناف العذاب النفسي من معاملة والدي وزوجته، وكلام الناس الذين أطلقوا علي أبشع الصفات، حتى أصبحت لا مبالية أضحك فقط فقالوا عني "هبلة"، ومرّة ثالثة عاهدت نفسي أن تكون الثابتة في حياتي تزوجت من رجل مُطلّق ولديه ثلاثة أبناء، ورغم السخريات الكثيرة من الناس لأنني تزوجت ثلاث مرات وأنا لم أتجاوز الـ(25) عامًا، إلا أنّ زواجي الأخير تكلّل بالسعادة وأنجبت طفلًا هو كل حياتي.

وتبقى الأحكام المطلقة خاطئة في نظرتها للطلاق الذي له دواعيه ومسبباته، وأجازه الإسلام كحل، والأولى بنا أن نؤسس لزواج صائب على أن نطعن بزواج فاشل.