غزة - مارلين أبو عون - النجاح الإخباري - تنتظر بعض العائلات بفارغ الصبر قدوم فصل الشتاء ، ليتناولوا فيه أكلاتهم المحببة إلى قلوبهم وبكثرة.

في الشتاء تنمو بعض النباتات البرية التي تشتهر بها فلسطين مثل السبانخ والخبيزة والحمصيص ،وهي تنمو تلقائيا دون تدخل الإنسان في أغلب الأوقات ، عدا عن سعرها الرمزي في الأسواق ،لذلك تجد أن العائلات الفقيرة بالتحديد يطهونها كثيرا.

فتة العدس تزين مائدة فلسطينية
على مائدة عائلة فلسطينية وفي أوقات هطول الأمطار تجتمع أسرة عاصم الريفي حول طبق “فتة العدس “وبجواره البصل والزيتون والفلفل الأحمر والفجل، تلك الأكلة الشتوية تمدهم بالطاقة والاحساس بالشبع في البرد الشديد.

يقول عاصم:” تقوم زوجتي معظم أيام الأسبوع بطهي العدس بعدة طرق، لوجوده في البيت بوفره نظراً لأننا نستلمه من وكالة الغوث “الكابونة”،والعدس من الأطباق المحببة عند أطفالي الصغار يحبونه وقت الشتاء كثيراً

أسرة الريفي ليست الوحيدة التي تطهو العدس خلال المنخفضات الجوية والبرد الشديد، إذ أن تلك الأكلة

وإلى جانبها مجموعة من الأكلات شاعت بين الفلسطينيين، لتصبح ضمن أبرز أطباق  الشتاء

اذ يتجهون إلى عدد من الأكلات الساخنة خلال الشتاء، ومنها "العدس، الحماصيص، الخبيزة، المفتول، الملفوف، البسارة، فتة الحمص، المعجنات ، فطائر السبانخ، المجدرة، المسخن، وغيرها من الأكلات ذات السعرات الحرارية العالية

إم محمد حبوب تقول ل النجاح الاخباري، أنها لا تحتار حين تذهب للسوق، اذ تكون النباتات البرية الشتوية موجودة بكثرة مثل السبانخ والحمصيص والخبيزة، وهي اعتادت أن تطبخها بكثرة أوقات الشتاء، وتقدم لحظة نزولها عن النار لكي تعطي الدفء والطاقة

تقول: "أجمل أوقات العام بالنسبة لكثير من العائلات الغزية هو وقت إجتماع كل العائلة حول "كانون" النار ، فيجلسون لساعات طويلة وهم يشوون البطاطا الحلوة والكستنة ويحتسون الشاي المطهوعلى نار الحطب
 


"فتحية خليف ، لديها قطعة أرض صغيرة بجوار منزلها، شمال القطاع تجمع منها ما تيسر من النباتات البرية الشتوية التي تنمو بين المزروعات بشكل تلقائي فتجمعها لتعد منها وجبة شتوية لذيذة مثل الخُبيزة و الحماصيص. ، بالإضافة الى ما تجمعه لبيتها، وتبيع الفائض منها في السوق ، لتوفير دخل  بسيط لأسرتها يومياً ، لا سيما في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه معظم سكان قطاع غزة

جدير بالذكر أن الخُبيزة و غيرها من الأعشاب البرية تنمو في الأسابيع الأولى لفصل الخريف، و تزامناً مع سقوط الأمطار على قطاع غزة، وتنتشر على مساحات واسعة من الأراضي، ويستخدمها الفلسطينيون كأكلات "شعبية".

الحمصيص اكلة لذيذة ومفيدة جداً

نور مهنا 40 عاما يحدث مراسلة النجاح عن عشقه اللامتناهي للحمصيص يقول:" أشعر بسعادة كبيرة حينما تطبخ زوجتي الحمصيص ،فهي أكثر الأكلات التي أعشقها ،حتى أنني أحبها أكثر من اللحوم والأسماك

ويضيف :" الحمصيص سعره بسيط جدا بالسوق ،وهي لا تتواجد غير في فصل الشتاء لأنها تعطينا طاقة كبيرة وتحسسنا بالدفء،

ومن النوادر التي حدثت معه يقول نور :" في يوم طلبت مني زوجتي أن أذهب للسوق واجلب لها نوع من الأسماك لم أجده فاستبدلت السمك بالحمصيص وعدت للمنزل سعيداً ،وأن زوجتي ستستسلم للأمر وتطهو الحمصيص ،وحينما عدت للمنزل وجدت أختها عنده وعلمت من زوجتي أنها عزمت أختها على أكلة سمك ، مع علمي المسبق أنهما لا تحبان الحمصيص ،كان يوما محرجا ، ولم نأكل يومها سمك ولا حمصيص ،وطهت لنا زوجتي صنفاً آخر من الطعام."
 


وعن طريقة إعداد بعض الأكلات الفلسطينية ، تقول إم رمزي مسلم ، أن أبرز تلك الأكلات في بيتها،  أكلة الكشك، التي يغلب عليها اللبن الحامض المطبوخ، ويعطي للجسم حرارة وطاقة، إضافة إلى أوراق الخبيزة والتي تنمو بكثرة في فصل الشتاء، ولها فوائد طبية كثيرة، أبرزها التغلب على نزلات البرد".
تقول" من الأكلات التي يحبها زوجي وأطفالي أيضاً وقت الشتاء، المجدرة فهم يطلبونها مني بكثرة، وهي عبارة عن أرز وحبوب العدس "غير المقشرة"، والتي يضاف إليها البصل المقلي".

وتضيف :" تتجه العائلات إلى تلك الأكلات جاء نتيجة التعود أولاً، والتجارب التي أكدت نجاحها في مواجهة البرد، ومد الجسم بالطاقة والحرارة المفقودة، عدا عن أن أسعارها متوسطة، وبإمكان شريحة كبيرة من الناس توفيرها دون عناء.

 

أخصائي تغذية

يشجع أخصائيو التغذية الأشخاص الذين يتبعون حميات غذائية على إدخال العدس في وجباتهم اليومية، كونه غني جداً بالألياف والبروتينات التي تعزز حالة الشبع وتؤخر الإحساس بالجوع وتقلل من الشهية. ويحتوي كل كوب مطبوخ منه على ما يقارب 230 سعرة حرارية.

اخصائية التغذية منال منصور تتحدث ل النجاح عن فوائد الأكلات الشتوية تقول:" الأكلات الشتوية الشعبية بعضها جزء لا يتجزأ من النباتات العشبية، فيقبل عليها الناس لأغراض استطبابية وغذائية، فلها أهمية كبيرة لاحتوائها على عناصر مهمة".

وذكرت منصور الأهمية التي تكمن عند تناول هذه الأغذية في أنها تؤدي إلى زيادة الطاقة في الشتاء، ويفضل إضافة بعض الخضراوات للتخفيف من السعرات الحرارية ،  وكثيرًا منها يحتوي على الفيتامينات والعناصر المعدنية، مثل الخبيزة، فهي تؤكل مطبوخة مع إضافة بعض المكونات إليها كالبصل والليمون الذي يحتوي على فيتامين (ج)، الذي من شأنه أن يساعد على امتصاص الحديد، ويقي الجسم من نزلات البرد والأنفلونزا.

 وأضافت: "وللخبيزة فوائد كثيرة وعديدة؛ فهي تحافظ على نضارة البشرة، وتساعد على إدرار البول، وكذلك الجرجير الذي يحتوي على نسبة عالية من فيتاميني (ج) و(أ)، والكالسيوم بمعدل 250 ملغم، والفسفور والحديد، وهو هام للوقاية من نقص هذه العناصر الغذائية، وهو منقٍّ للدم، وملين للمعدة، ويزيل النمش والبهاق".

وأشارت إلى ضرورة الاهتمام في فصل الشتاء بالشوربات الساخنة، كشوربة الخضار والعدس؛ لأنها تمد الجسم بالطاقة والدفء، فشوربة العدس غنية بالبروتينات، وشوربة الخضار والفريكة تحتوي على الألياف التي تقي من الإصابة بالإمساك، وتحتوي على كمية من السوائل، خاصة أن الإنسان في فصل الشتاء لا يمد الجسم  بالكمية المناسبة من الماء. وأكدت أهمية تناول المشروبات الساخنة، لأنها تساهم في التخفيف من حدة الاحتقان، وترفع حرارة الجسم الداخلية والخارجية، وتمده بالطاقة، وتعالج بعض الأمراض، كالبابونج (مخفف للسعال)، والزعتر (معالج لالتهاب الحلق واللوزتين)، والسحلب (يزود الجسم بالطاقة مدة أطول، خاصة أنه يضاف إليه السكر، ويحتوي على 180 سعرًا حراريًّا في الكوب).