عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - لم تتوانَ حكومة الاحتلال الإسرائيلي اليمينة المتطرّفة للحظة في استغلال الفرص للتغول الاستيطاني في الضفة الغربية ومدينة القدس، فمنذ توليها الحكم والاستيطان يشهد ارتفاعًا كبيرًا خاصة أنَّ جرائم المستوطنين تزداد يومًا بعد الآخر ضد المواطنين الفلسطينيين.

تعدَّدت الأسباب لاستفراد الاحتلال في تغوّله الاستيطاني، والتي كان آخرها مصادقة السلطات الإسرائيلية على خطط لبناء أكثر من (1000) وحدة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، كما افادت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية.

ومن أهم هذه الأسباب، بحسب خبراء في شؤون الاستيطان، تولي ترامب حكم الولايات المتحدة، والذي أعطاهم الضوء الأخضر لزيادة جرائمهم ضد الفلسطينيين، خصوصاً بعد إعلانه القدس عاصمة لإسرائيل.

أما السبب الآخر، فيشير الخبراء خلال أحاديثهم لـ"النجاح" إلى قانون القومية العنصري والذي أعطى عبارة أرض إسرائيل، دون الحديث عن الحدود، مؤكّدين أنَّ هذه العبارة تحمل الكثير من الأشياء التي تدلل على تهويد الضفة الغربية.

وتشير تقارير إسرائيلية إلى أنَّ لجنة وزارة  الاحتلال أقرَّت خططاً جديدة في مراحل مختلفة، وتشمل (370) وحدة استيطانية في مستوطنة "آدم" التي تعرض فيها ثلاثة إسرائيليين للطعن، في تموز الماضي، ما أدّى إلى مقتل أحدهم.

وستتوزع المستوطنات الأخرى على عدد من المستوطنات، على الشكل التالي: 55 وحدة في مستوطنة بيت إيل، و200 وحدة في مستوطنة معالي أفريم، و30 وحدة في مستوطنة عتنائيل، جنوب الخليل، بالإضافة إلى مئات الوحدات في مستوطنات ألفي منشي، وبيت آريه.

الضوء الأخضر

الخبير بشأن الاستيطان، عبد الهادي حنتش أوضح أنَّ هناك ثلاثة أسباب رئيسة للتغول الاستيطاني في الضفة، أهمها هو أنَّ الحكومة الإسرائيلية أصدرت قبل عدَّة سنوات ما يسمى بتبييض الأراضي الفلسطينية، وهذا يعني عمليًّا إتاحة الفرصة لأيّ مستوطن أو جهة حكومية أن تصادر أي قطعة أرض أو تستولي عليها دون سابق إنذار.

وذكر حنتش في حديثه لـ"النجاح" أنَّ الموقف الأمريكي المنحاز للاحتلال أعطى الضوء الأخضر للتمادي في عملية الاستيطان، خاصة بعد اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، لافتاً إلى أنَّ السبب الثالث وهو قانون القوميّة الذي تحدَّث عن أرض إسرائيل ولم يعطِ أيَّة حدود.

وأضاف: "بالتالي الاحتلال الإسرائيلي وضع الاستيطان رقم واحد بالنسبة لقانون القومية"، مشدِّدًا في الوقت ذاته على أنَّ التغوّل الاستيطاني الذي يجري الآن هو ممنهج ومخطط له مسبقاً.

وخلافاً عن التغول الاستيطاني، أشار حنتش إلى أنَّ هناك جرائم متزايدة من قبل المستوطنين تمثّلت في الاعتداء على أراضي وبيوت وممتلكات المواطنين الفلسطينيين، لافتاً إلى أنَّ سلطات الاحتلال تعرف بهذه المنظمات الإجرامية لكن دون أن تعتقلهم كمنظمات تدفيع الثمن.

وكانت وزارة الخارجية والمغتربين قالت: "إنَّ التصعيد الاستيطاني الحالي غير المسبوق الذي بدأ بوتيرة متسارعة منذ دخول الرئيس الأميركي دونالد ترامب البيت الأبيض، واتّخاذه جُملة من السياسات والمواقف المنحازة بشكل أعمى للاحتلال والاستيطان، يُترجم بشكل ميداني فاضح تفاصيل ما تُسمى بـ"صفقة القرن"، ويُبدِّد أيَّة أوهام قد تُعقد على نوايا الإدارة الأميركية، وما تروج له من (صفقات).

وأكّدت في بيان صحفي، أنَّ التصعيد الاستيطاني الراهن يُغلق الباب نهائيًّا على أيَّة فرصة لتحقيق السلام على أساس حلّ الدولتين، ويكشف زيف أسس ومرتكزات الدعاية الأميركية حول ما تُسمى بـ"صفقة القرن"، خاصة أنَّ مفهوم الصفقة يتطلب موافقة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي عليها.

مخططات جهنمية

في السياق، أكَّد مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة، غسان دغلس أنَّ حكومة اليمين المتطرِّفة كانت تنتظر الوقت المناسب لتنفيذ العديد من المشاريع والمخططات الاستيطانية، مشدداً على أن الوقت الآن مناسب لتنفيذ ما يحلو لها.

وقال دغلس لـ"النجاح": "إنَّ الوقت الآن مناسب لحكومة الاحتلال في ظلّ وجود ترامب الذي أعطاهم الضوء الأخضر، ووجود نتنياهو وأعضاء كنيست يمين متطرف، وانقسام فلسطيني والحديث عن فصل غزّة عن الضفة، وحالة الفوضى وما يجري في المحيط العربي كل ذلك فرصة مواتية لتهويد الضفة الغربية".

وأضاف: "الفرص أصبحت مواتية لبناء أكبر تجمع استيطاني لتهويد الضفة، هم يريدون توزيع المستوطنات حتى في البؤر الاستيطانية لتكون حيًّا داخل المدينة"، لافتاً إلى أنَّ هذه المخططات جهنمية تهويدية بمعنى الكلمة"، حسب وصفه.

وأشار الخبير بالشأن الاستيطاني إلى أنَّ هناك زيادة كبيرة جداً في الاستيطان بالضفة الغربية، حيث شهد العام الماضي (2017) بأكثر أضعاف عن الأعوام العشر الأخيرة، منوِّهًا في الوقت ذاته إلى أنَّ عام (2018) هناك مخططات لبناء المزيد من المستوطنات وفي حال تم تنفيذها فسيكون العام الجاري أكثر بكثير من الأعوام الماضية بنسبة (75%).

وكان الاتحاد الأوروبي، قد جدَّد رفضه لسياسة الاستيطان التوسعيّة التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، واستنكر موافقة حكومة الاحتلال على بناء نحو (1000) وحدة استيطانية جديدة في القدس المحتلة.

وقال الاتحاد الأوروبي في بيان: خلال الأسبوعين الماضيين، قامت السلطات الإسرائيلية بالترويج لخطط ومناقصات لأكثر من (2000) وحدة سكنية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية"، مشيراً إلى أنَّ تنفيذ الاحتلال لمخططه وبناء هذه الوحدات الاستيطانية سيعرّض "إمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة" في المستقبل للخطر بشكل كبير.