نابلس - النجاح الإخباري - الليلة الفائتة شن الاحتلال هجمة دامية على مدينة رفح راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى من النازحين، بينما كانوا أمنين في خيامهم في منطقة لطالما زعم الاحتلال أنها أمنة.

كعادتها تجاهلت جل وسائل الإعلام الإسرائيلية هول المشاهد من قتل لأطفال ونساء وشيوخ فلسطينيين وحرقهم وقتلهم بدم بارد وهم يغطون في نومهم، وبعد ساعة أو ساعتين خرج الإعلام العبري برواية نسجها الجيش، وهي أن القصف استهدف قياديين أثنين من حماس كانا في المكان، وقدم هذه الرواية كتبرير للجريمة مع تجاهل أي صور أو فيديوهات تكشف الحقيقة أمام العالم، زاعمًا أنه يحقق في إمكانية تضرر مدنيين من قصف طائراته الحربية.

ما سبق يشكل نموذجا مصغرا عن استراتيجية إسرائيل في إظهار نفسها بمظهر الضحية المجبرة أحيانا على قتل بعض الفلسطينيين فقط لأنهم تواجدوا في المكان الخطأ، وحاولت الدولة العبرية عبر التاريخ تسويق تلك الرواية، لكن أصوات المتطرفين مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريش بتصريحاتهم المعادية للفلسطينيين والداعية إلى قتلهم وتهجيرهم بدأت تحطم هذه الاستراتيجية وتكشف عن الوجه الحقيقي لإسرائيل، كما يرى العديد من الخبراء والمحللين الذين تحدثوا لـ “النجاح".

يقول الباحث والمختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور إن المتطرفين في حكومة الاحتلال يكشفون وجه إسرائيل الحقيقي، وتابع في حديث لـ “النجاح": بن غفير والمتطرفين كشفوا الوجه الحقيقي، وبدأوا يتحدثون بلهجة مختلفة، وبدأوا يتحدثون بشكل مباشر عن تطهير عرقي، عن إبادة، عن احتلال وتسوية مناطق بالأرض. وهذا ربما أكثر ما استفز الإسرائيليين. ولذلك ترى معلقين كبار أو مسؤولين سابقين ووزراء ممن عاشوا في فترات سابقة يقولون هذا فقط يضر بنا. نحن بإمكاننا أن نقوم بنفس الأشياء، ولكن أن نستخدم لغة مختلفة.. وهم يقول كذلك إن جزء من دعاوي المحاكم التي توجهت سواء باعتقال نتنياهو من الجنائية أو محكمة العدل الدولية بسبب هذه التصريحات وهذه السياسات وهذا المسؤول".

ويقول منصور: "عندما تصبح مجزرة كالتي حدثت بالأمس لا يكون موقف مثلا الإسرائيليين أن هذا أخلاقي أم لا؟ قانوني أم لا؟ جريمة حرب أم لا؟ أنما ما أضرارها وما فائدته علينا (كإسرائيليين)... وأحيانا قم بالجريمة. ولكن ليس هناك داعي أن يخرج إيتمار بن غفير ليصرح للعالم سنقتل كل الفلسطينيين. إنما يجب أن نخرج للإعلام بالعالم، ونقول هذا وقع بالخطأ، هذا هو الوجه الذي يريدون أن يقدموه للعالم الضحية التي تدافع عن نفسها التي تتألم لأنها تقتل الآخرين، لكنها مضطرة لذلك".

وضرب عصمت مثال: "مثل عبء الرجل الأبيض. كانوا يقولون مسؤوليتنا تخليص البشرية من هؤلاء السود والعبيد الخ ونبني حضارة".

وتابع: "هم يحاولون تسويق صورة للغرب إنهم يقتلون الفلسطينيين وهم يتألمون لأنهم مضطرين لذلك فقط، وهذا واجبهم وهذه مسؤوليتهم، وهذا هو العبء الملقى على عاتقهم، هكذا تريد النخب التي تطرح نفسها كيسارية ومتنورة أن تكون صورة إسرائيل دولة متحضرة ديمقراطية نظيفة جميلة، ولكن تواجه إرهاب وتضطر أحيانا أن تستخدم القسوة في مواجهته".

  • مضطرون لقتلهم

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري مع عصمت منصور، حيث يقول إن إسرائيل تمارس كل أنواع القتل والإجرام والمجازر ولكن تقدم خطابا يبدو كأنه خطاب الضحية والحزن على هذه المجازر ويعني مثل ما قالت جولدا مائير إنها "حزينة" على الفلسطينيين لأنهم (كإسرائيليين) مضطرون لقتلهم، يعني هذه صورة قابلة للتسويق".

لكن المصري نوه إلى أن وجود الأحزاب اليمينية المتطرفة في الحكم في إسرائيل مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش ساعد على الانتفاضة العالمية ضد إسرائيل، لأن إسرائيل ظهرت على صورتها كما لم تظهر من قبل على صورتها الحقيقية".

وأضاف المصري في حديثه لـ “النجاح": "لو كان هناك تيارات أخرى تحكم في إسرائيل ستكون أذكى، ونحمد الله أنها ليست فقط متطرفة فقط، لأنها لا تتمتع بالحكمة ولا بالحنكة ولا بالخبرة، وتدفع مصاري تدفع عربون عداوة العالم. وهذا يساعدنا إذا أحسنا التصرف لاستخدام كل هذا التطرف والعنجهية والغطرسة في معركتنا. ولكن للأسف الحاضنة الفلسطينية ليس كما يجب، وبالتالي غير قادرة على استخدام كل هذه التطورات الإيجابية، سواء داخل إسرائيل من خلال التناقضات الداخلية والضغوط الداخلية أو الخارجية من خلال الضغوط الخارجية على إسرائيل".