النجاح الإخباري - خلال 48 ساعة فقط، أنهت "إسرائيل" بقذائفها حياة أكثر من 70 نازحاً بقصف خيامهم التي تدعي أنها آمنة في مواصي رفح، فيما تمضي منذ ما يزيد عن 263 يوماً في قتل المدنيين وترهيبهم وإنهاء أي فرصة للعيش في غزة، وتدير ظهرها لكل ما صدر من قرارات دولية وأممية تأمرها بوقف عدوانها الوحشي والإمتثال للقانون.

ويأتي البيت الأبيض ليبرر ما تقوم به إسرائيل، معتبراً أنه "لا يستدعي تغيير سياسات" واشنطن تجاهها، مدعياً في الوقت ذاته أنّ ما حدث في رفح لم يصل بعد إلى مستوى عملية كبيرة ولم يتجاوز الخطوط الحمراء.

إسرائيل تتصرف وكأنها في بداية المعركة...

ومن الأردن، يشير المحلل السياسي حمادة فراعنة، أن إسرائيل تتصرف وكأنها في بداية المعركة، من شراسة وعنجهية وتطرف، وترد على المحاكم الدولية بمزيد من الجرائم والإنتهاكات، فيما لا يوجد أمام الشعب الفلسطيني أيّ خيارات سوى مواصلة النضال لردع الانتهاكات الإسرائيلية.

ويضيف فراعنة للنجاح "على الرغم من التطورات الإيجابية الملموسة على المستوى الأوروبي، إلا أن الأمر يحتاج لأفعال حقيقية على أرض الواقع لردع الاحتلال، حيث يواصل جرائمه بدون أي رادع إنساني وأخلاقي وقانوني في ظل غطاء أمريكيّ واضح"

وفي غضون ما كشفته صحيفة "الغارديان" البريطانية أن إسرائيل مارست "مؤامرة سرية" ضد مدعية عام المحكمة الجنائية الدولية، يذكر المحلل السياسي حمادة فراعنة أن هذا الأمر يفترض أن يرمى في مرمى المؤسستين الدوليتين، محكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية وعبر الأمم المتحدة في ممارسة حقهم في المتابعة وتحميل لمؤسسات المستعمرة الإسرائيلية.

القرارات الدولية لم تصل لمرحلة التهديد الحقيقي 

ويوافق ما ذكره فراعنة، المحلل السياسي سامر عنبتاوي بقوله "دولة الاحتلال لا تأبه بكل السياسات الدولية والضغط الدولي وقرار محكمة العدل الدولية الصادر مؤخراً، فيما تتنامى هذه المواقف وتتطور، لكنها لم تصل بعد إلى مرحلة التهديد الحقيقي للمستوى السياسي والاقتصادي والأمني الإسرائيلي"

ويواصل عنبتاوي حديثه عبر النجاح "ما حصل من استهداف وحشي لخيام النازحين في رفح، يعتبر خرقاً للقانون الدولي وجريمة ضد الإنسانية بشكلٍ واضح، فيما تتعمد الحكومة اليمينية المتطرفة ممارسة الإجرام بحق المدنيين، وتصارع كل الضغوطات الداخلية والخارجية في الاستمرار في هذه الحرب، أمام عدة عوامل منها داخلية من تراجع قوة الجيش الإسرائيلي وعدم القدرة على تحقيق الأهداف، والخسائر التي يتكبدها الجيش بالمعدات، وانطلاق الصواريخ حتى إلى تل أبيب، وحالة الخلافات الداخلية ما بين المنظومة الأمنية والسياسية، والمظاهرات المطالبة بإطاحة نتنياهو، إلى جانب إنجازات المقاومة والتظاهرات في الجامعات الأمريكية والأوروبية"

ويؤكد عنبتاوي أن كل العوامل سابقة الذكر تثبت أن هذه الحرب العدوانية تفشل يوماً تلو الآخر.

"نتنياهو وحكومته وزمرته لا يجدون خياراً ولا مفراً سوى الاستمرار بهذه المواجهة، لأن توقفها يعني القضاء على حكومته المتطرفة وعلى مستقبله الشخصي وتدمير المشروع الصهيوني، في ظل ضوء أخضر أمريكي وإجماع في الداخل الإسرائيلي على مواصلة الحرب، رغم الاختلاف في بعض التكتيكات من حيث إخراج الأسرى، حيث لم تستطع كل المكونات السياسية والشعبية أن تكوِن لوبي قوي، لذلك ستتواصل الحرب إلا إذا تضاعف الضغط الدولي" يختتم عنبتاوي حديثه.

"الغارديان": الهجمات اللاإنسانية على رفح.. استراتيجية وحشية تتبعها "إسرائيل"

وقد تحدّث الكاتب بول روجرز، وهو أستاذ فخري لدراسات السلام في جامعة "برادفورد"، في مقال في صحيفة "الغارديان" البريطانية، عن استراتيجية "جيش" الاحتلال "الوحشية والخاسرة"، في استهدافه المدنيين في قطاع غزة.

وقال روجرز إنّ "الهجمات اللاإنسانية للجيش الإسرائيلي على رفح، ليست من قبيل الصدفة، بل هي محورية في استراتيجيته الوحشية والخاسرة".

وأضاف أنّه، خلال 8 أشهر من الحرب على غزة، أعلنت حكومة بنيامين نتنياهو، مراراً وتكراراً، أنّ "إسرائيل تستخدم القوة الموجهة ضد حماس، وليس ضد المدنيين، لكن ذلك يتعارض مع السير الفعلي لهذه الحرب"

وبحسب روجرز، يشكل هذا الاستخدام "للقوة غير المتناسبة"، امتداداً لـ"عقيدة الضاحية"، التي يُعتقد أنها نشأت في أثناء حرب عام 2006 في لبنان، ضد حزب الله، وتنصّ على استخدام القوة على نطاق واسع وطويل الأمد ضد السكان المدنيين بصورة عامة، من أجل تحقيق الأهداف.

نتنياهو في مأزق ..

ويرى المختص بالشان الإسرائيلي د. خالد معالي أن الدافع الوحيد لدى نتنياهو لمواصلة الإبادة كونه يفتقد لأي صورة نصر أو إنجاز، ولإشباع رغبة بن غفير والمتطرفين في حكومته، لكن  نتنياهو في مأزق كبير جداً وهذا دليل حجم المجازر الكبير والتي تأتي على حساب الدم الفلسطيني، وهو مدرك بأن الإدارة الأمريكية ستمنحه الحماية وتمنعه من الملاحقة كمجرم حرب" 

ويمضي معالي في حديثه للنجاح بالقول" نتنياهو يوقن أنه يمتلك حصانة دولية، ولولا هذا الإدراك لما يرتكب كل هذه المجازر، ليؤكد أنه فوق القانون والمؤسسات الدولية، لكن هذا أيضا ليس في صالحه على المدى البعيد، لأننا كما نرى العالم برمته يتحرك في مسيرات واعتصامات ومظاهرات ضد المجازر والإبادة في قطاع غزة، وبالتالي نتنياهو وإن كان يعتقد ذلك إلا أنه سيدفع ثمن ما يقوم به لاحقا طال الزمن أو قصر."

ومن الجدير ذكره أن قضاة محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة إسرائيل أمروا يوم الجمعة الماضي إسرائيل، بوقف هجومها العسكري على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، في إطار قضية مرفوعة من جنوب أفريقيا التي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.

وحديثاً، قال مندوب الجزائر في الأمم المتحدة عمار بن جامع أن بلاده سوف توزع اليوم مسودة مشروع قرار حول رفح وسيكون نصاً قصيراً وحاسماً يطالب بوقف القتل في رفح.

وقال في تصريحات صحفية عقب اجتماع مغلق لمجلس الأمن إنه "سيكون نصا قصيرا، نصا حاسما، لوقف القتل في رفح.".