نابلس - هاني حبيب - النجاح الإخباري - ما قام به بنيامين نتنياهو، زعيم الليكود والمعارضة الاسرائيلية، من انتقادٍ حاد لميزانية الدولة العبرية التي تم إقرارها مؤخراً بعد تأخير لسنوات ثلاث، كان أمراً متوقعاً.
في سياق اعتراضه أشار نتنياهو إلى ميزة كنّا نجهلها عنه عندما قال إنّ لديه خبرة كبيرة في الاقتصاد، ومن الملاحظ في هذا السياق، أنّ اعتراضه على الميزانية كان آخر نشاط له في المعركة لإسقاط الحكومة، بعدما ظن البعض أنه بدا في الأيام الأخيرة أقل نشاطاً في توجيه الاتهامات والاعتراضات على حكومة الثنائي بينيت – لابيد مع أنّ استطلاعات الرأي وضعته في قمة المطلوبين لرئاسة الحكومة إثر انتخابات برلمانية قادمة، وربما ساعده ذلك لالتقاط الأنفاس مجدداً واستدراك معركته ضد الحكومة.
إلاّ أنّ هناك تفسيراً آخر لتراجع نشاط نتنياهو النسبي في قيادة المعارضة ضد الحكومة، ذلك أنه منهمك في ترتيب بيته الداخلي كزعيم لحزب الليكود بعدما ازدادت التوترات داخل الحزب وصراعات الأقطاب المتطلعين إلى الحلول محلّه، فقد أخذت هذه الصراعات الداخلية منحى يؤشّر على أن محيط نتنياهو من الأصدقاء والتابعين بات هدفاً للسعي لإسقاط نتنياهو إثر تقدّم هؤلاء بطلب فحص المصاريف الخاصة لأصدقاء نتنياهو لمراقب الليكود، بعد فترة طويلة من التستر عليهم أثناء رئاسة نتنياهو للحكومة وحمايته لهم.
وفي نفس الوقت، تجري في هذه الآونة عملية تنسيب أعضاء جدد لحزب الليكود والاعداد لإجراء انتخابات داخلية لفروعه، الأمر الذي يعزز طلب بعض قيادات الليكود لعقد انتخابات داخلية وتمهيدية لرئاسة الحزب، وهو الأمر الذي مازال نتنياهو يرفضه بشدة، إلاً أنّ المطالبين بهذه الانتخابات زاد عددهم وإلحاحهم باعتبار أنّ نتنياهو قد اخفق في الوصول إلى رئاسة الحكومة إثر اربع جولات انتخابية، ومن وجهة نظر هؤلاء أنه حان الوقت لتقييم التجربة الرامية إلى التغيير والذي قد يشكل تعديل القانون الداخلي لليكود المتعلق برئاسة الحزب، بحيث لا يسمح بأكثر من دورتين متتاليتين، ووراء هذا الضغط لإجراء انتخابات داخلية وتمهيدية لرئاسة الحزب وتعديل نظامه الداخلي، يقف وزير المالية السابق إسرائيل كاتس والذي يشغل حالياً منصب رئيس السكرتارية العامة لحزب الليكود.
لقد مرّ حزب الليكود بأحوال مشابهة من الصراعات الداخلية والمطالبة بإقصاء نتنياهو أكثر من مرة، وكان هذا الأخير يخرج من كل الصراعات منتصراً لكن ذلك كان إبان فترات رئاسته لحكومات إسرائيل المتعاقبة، الآن الأوضاع اختلفت تماماً، مع ذلك فإن الأقطاب المناوئة لنتنياهو، تنتظر تفجير قدراتها لإزالته من المشهد، بعد أن تتعرض حكومة بينيت – لابيد لاختبارات قد تؤدي لسقوطها، وهي المتعلقة بتمرير الموافقة على الميزانية وكذلك إقرار قانون التسويات الهادف إلى رفع القيود عن العملية الاستيطانية ومنع المحكمة العليا من التدخل في هذا الشأن، ذلك أنّ المعركة مع نتنياهو يجب ألا تحجب المعركة الأهم من وجهة نظر هؤلاء عن المعركة الأكبر والأهم والمتمثلة بإسقاط الحكومة.
وماذا لو سقطت الحكومة؟ هل هناك أي ضمانات لعودة نتنياهو لرئاستها؟ من الواضح أن الجواب بالنفي خلافاً لنتائج استطلاعات الرأي الأخيرة، ذلك أن فرصه بالبقاء زعيماً لليكود وقيادته للمعارضة باتت محدودة للغاية والصراعات الداخلية في الحزب مؤشّر أكثر من أي وقتٍ مضى على تراجع فرصه في رئاسة الحكومة، بعد أن تسلّح الأقطاب المتطلعون إلى استبداله بفشله إضافة إلى عدم قدرته على استخدام سلاح الثواب والعقاب بعد أن تخلت عنه رئاسة الحكومة.