حمدي فراج - النجاح الإخباري - لا تستقيم أمور الدول العصرية وشعوبها بدون الانتخابات من أجل ان تحتكم الأقلية الى الأغلبية التي يجسدها الشعب تجسيدا مباشرا كل اربع سنوات مرة ، ولهذا يلتزم النظام بإجراء الانتخابات في موعدها، وينسحب ذلك على أحزاب هذه الدولة التي تضطلع بتمثيل قطاع من الشعب بغض النظر عن حجمه.

ولهذا رأينا بأم أعيننا كيف لم تستطع الكورونا وهي جائحة عالمية ان تمنع الكثير من الدول اجراء انتخاباتها في موعدها، أما أشباه الدول فإنهم يبحثون عن اي مبرر لعدم اجراء انتخاباتهم، بما في ذلك المطر او الثلج، ويستطيع الحاكم ان يجريها في اي وقت، صيفا أو شتاء، ويستطيع ان يحلها ويلغيها بجرة قلم لمجرد انها لم ترق له، فاي ديمقراطية يمكن ان تحبل بها مثل هذه الانتخابات في هكذا دول .

من ضمن ما يتعذر به الحاكم بعد وصوله الى السلطة، ان الظروف الموضوعية هي التي حالت دون اجراء الانتخابات في موعدها، ويمكن تفهم ذلك شهر شهرين ، سنة سنتين ، لكن مستحيل ان تظل الظروف الموضوعية عائقا امام اجراء الانتخابات عشرات السنين، ولماذا لم تحل الظروف الموضوعية – في حالتنا - دون اجراء الانتخابات البلدية، فنصل الى النتيجة الحتمية ان العائق هي الظروف الذاتية، رغبة الحاكم في تأبيد حكمه، حتى لو اضطر مناطحة الشعب بقرون من طين .

جزء من الظروف الذاتية، عدم الايمان بالانتخابات من باب عقائدي ديني ، أحزاب وحركات أصولية عديدة تعتبر ان الانتخابات حرام، أيمن الظواهري قال عندما وافقت حماس على الانتخابات: عظّـّم الله أجر الأمة في حماس. وبالأمس القريب قال الدكتور القيادي في الحركة محمود الزهار في مقابلة مع الميادين: نخشى من تحديد التواريخ لأنها تشكل وسائل ضغط. فكيف يمكن اجراء انتخابات بدون تحديد تواريخ . وبالمناسبة، فإن تأخر الانتخابات الفلسطينية 15 سنة، لم يكن المرة الاولى، فقد تأخرت قبلها عشر سنين في ظل حياة الراحل ياسر عرفات، وما كانت لتجري لو لم ينتقل الى رحمة الله.

فما هي ضمانة ان تجري الانتخابات القادمة بعد اربع سنين؟ ولماذا تجري هذه المرة على ثلاث دفعات؟ اي مصلحة وطنية في ذلك؟ خاصة واننا بتنا نعرف ان الحركتين الكبيرتين الحاكمتين في الضفة وغزة قد توافقتا على كل المسائل الرئيسية، بما في ذلك القائمة المشتركة بينهما، وهو ما كرره امين سر فتح جبريل الرجوب اكثر من مرة ، من أننا في موضوع الانتخابات مع حماس في شراكة.

فهل الشراكة اقتصرت على التشريعي فقط دون التوافق على شخص الرئيس؟ كل الدلائل تشير الى انهما اتفقتا، وما موافقة حماس على الانتخابات المتباعدة الا مؤشر واضح على ذلك، فاعفونا اذن من ثلاثة مواعيد واجعلوها يوما واحدا في قسيمة واحدة. ولكن اعكفوا واعزموا ان تكون الانتخابات القادمة بعد اربع سنوات، لا عشرين، حينها سيكون للانتخابات معناها الديمقراطي وفحواها الحضاري.

 

نقلا عن صحيفة القدس