حسام عز الدين - النجاح الإخباري - حينما تُفقد الثقة بوسائل الاعلام المعتمدة او التقليدية، يهرب الرأي العام الى وسائل التواصل الاعلامي باحثا عن أي شيء يلبي حاجته الاعلامية، وقد يجد ما يتطابق مع قناعته فيؤمن به.

الرأي العام اليوم يعيش حالة صارخة ومتقدمة من ثورة تكنلوجيا المعلومات وتناقلها، وهذا ما بات يحتم على وسائل الاعلام التقليدية ( صحف، تلفزيونات، اذاعة، مواقع انباء ) ان تخوض حربا لاكتساب الراي العام الى جانبها ، وهذا لا يأتي الا اذا حصرنا اسباب نفور الرأي العام من تلك الوسائل الاعلامية، والتي سببها بالأساس فقدان ثقة الراي العام بالوجبة الاعلامية التي تقدمها له هذه الوسائل.

تختلف وسائل الاعلام التقليدية عن وسائل التواصل الاعلامي، بانها تعتمد بشكل كبير على المعلنين لتغذية مصاريفها التشغيلية اليومية، وتحقيق ارباح في بعض الحالات النادرة، لذلك يجب الاشارة الى ان احد اهداف وسائل الاعلام التقليدية المشار اليها ، هدف اقتصادي اضافة الى الهدف الاعلامي.

 وفي ذات الوقت، فان المعلن المحترف يبحث عن مستوى متابعة الرأي العام لوسيلة الاعلام التي ينوي الاعلان فيها، فان كانت وسيلة اعلام تحظى بنسبة متابعة عالية فهي المكان الخصب الذي من الممكن ان يضخ فيه المعلن امواله ليصل الى اكبر عدد من المشاهدين، وان كانت نسبة المتابعة متدنية فان المعلن بالتأكيد سينفر من وسيلة الاعلام ولن يعلن فيها.

الخطوة الاهم !! فالخطوة الاهم لوسائل الاعلام التقليدية التي من المفترض ان تعمل عليها، تتمثل في رفع نسبة المتابعين لها، وهذا لا يتم الا من خلال الاهتمام بدقة المعلومة وصدقها وغزارتها. والدقة والصدق هي من اهم اساسيات اخلاقيات العمل الاعلامي المحترف.

والاهتمام بدقة المعلومة وصدقها يتطلب طاقم مراسلين ومحررين محترفين، ومتابعة حثيثة من سكرتير التحرير ورئيس التحرير، ومسؤوليتهم التدقيق في المعلومة الاخبارية قبل نشرها.

وهذه الامور الادارية في المؤسسة الاعلامية هي من الف باء تاء العمل الاعلامي المهني الصحيح، والاخلاقي.

وكي تحظى الوجبة الاعلامية بثقة المتلقي، وبالتالي ثقته بالمؤسسة الاعلامية، يجب ان يذكر معد هذه الوجبة لان ذكر اسمه يرفع من نسبة الثقة بالوجبة، بعكس ان كان المعد غير واضح او غير مذكور اصلا.

غالبية وسائل الاعلام التقليدية لا تعتمد اسم معد الوجبات الاعلامية، كون غالبيتها منقول او ( مسروق) من مواقع اخبارية اخرى، والسرقات الاعلامية من اهم المناقضات لأخلاقيات وقواعد مهنة الاعلام.

اعتماد النوع الجديد من الاعلام ( تدعيم المعلومة المكتوبة بالصور والفيديو( المالتي ميديا) كون المتلقي بات اليوم في حالة ثقافية جديدة يتوجب احترامها، تتمثل في اهتمامه بالسرعة والربط بين المكتوب والصور والفيديو عبر جهازه الذكي.

تتبع نسبة المتابعين لوسيلة الاعلام، وبشكل دوري، ونشر النتائج استنادا الى مفاهيم الدقة والصدق، لان المتلقي اليوم لم يعد جاهلا من الناحية التكنلوجية وبإمكانه التفريق بين المعلومات الاعلانية والمعلومات الحقيقية.

 غالبية عظمى لا تثق بعدد الصحف التي يتم توزيعها في الاراضي الفلسطينية، وتعلم تماما ان الارقام التي يتم الاعلان عنها ليس صحيحة، اضافة الى قناعة بان الاعلانات في هذه الصحف لا تتم وفق طريقة محترفة تستند الى عدد المتابعين بقدر ما باتت العملية نوع من استخدام هذه الصحف، من قبل المعلنين، كنوع من نشرات العلاقات العامة.

وبين الخطوة الاولى والثانية تفاصيل دقيقة، بالإمكان ان تشغل وسائل الاعلام الراغبة في تطوير نفسها لايام وسنوات، لكنها في النهاية ستصل الى ثقة المتلقي.

ترويج العملية للمعلن !! حينما تجد وسيلة الاعلام نفسها، وبصدق، باتت ملتزمة بأخلاقيات وقواعد مهنة الاعلام ( الدقة، الصدق، الادارة الفاعلة)، فان ذلك سينعكس تلقائيا على رفع ثقة المتلقي وبالتالي رفع نسبة المتابعين لها، بإمكانها ان تبدأ عملية ترويجية من خلال دائرة العلاقات العامة والاعلانات لديها، لتصل الى اهم المعلنين، لكن على قاعدة ان الخبر اهم من الاعلان، وهو ما تستند اليه ايضا قواعد اخلاقيات العمل الاعلامي.

وهذا الامر يقودنا الى قضية اخلاقية تسهم في اضعاف نسبة المتلقين لوسائل الاعلام التقليدية، والمتمثل في انجرار كثير من وسائل الاعلام الى الاعلان على حساب الاعلام، بمعنى ان كثير من وسائل الاعلام المحلية باتت اسيرة للشركات المعلنة مع ادارة ظهرها للمتلقين الذي من المفترض ان يهتموا بالإعلانات.

 ومثال على ذلك، اذا لا يعقل ان تفتح وسيلة الاعلام مساحاتها لشركة تبيع البيض ( على سبيل المثال)، وشاعت انباء عن هذه الشركة بان بيضها مكلف اضافة الى انه فاسد، وفي ذات الوقت تفرد وسيلة الاعلام مساحات اعلانية واسعة لهذه الشركة دون اعتبار للمتلقي، واحدى اخلاقيات وقواعد العمل الاعلامي، عدم تقديم الاعلانات على الاخبار، مهما قدمت هذه الاعلانات من ارباح مالية.

 الخلاصة: خبر دقيق وصادق – ثقة – رفع نسبة المتلقي – تهافت المعلنين = رفع المستوى الاقتصادي للمؤسسة الاعلامية.