أريج قيسية - النجاح الإخباري - عندما رأيت الحياة والتطور في الدول الاوروبية شعرت بأنه يجب على أن أخرج من القوقعة ‏وأن أوسع مداركي وأن لا أركز على الامور العادية في حياتي اليومية حيث أن هناك أشياء ‏كبيرة مهمة تستحق التركير عليها في هذا العالم. وأيضا عندما كنا نصل لأي مكان ونتفق ‏على الالتقاء بعد مدة معينة مثلا ساعة او ساعتين لنلتقي في نقطة الالتقاء التي نحددها، ‏علمني ذلك أن أنتبه وأدير وقتي بشكل جيد وأن أركز على حفظ الاماكن جيداً للاعتماد على ‏الذات عند رجوعي لنقطة الالتقاء بخير وسلامة، وهذه النقطة قد جعلتني أشعر بالثقة بأنه ‏يمكنني أن أتجول في المكان الذي أزوره لأول مرة حتى لو كنت وحدي. وجعلني ذلك أدرك ‏أن بإمكاني السفر لأي مكان لوحدي دون أي مشاكل وخوف. ‏

تعلمت من برنامج زاجل أهمية التطوع الذي يفتح آفاقاً وفرصاً كثيرة للطلاب والخريجين. إن ‏أهمية هذا البرنامج للطالب لا تقل عن أهميته للمجتمع، فالطالب هو المستفيد الاكبر من هذا ‏التطوع إذ يصقل شخصيته ويكتشف ذاته ونقاط ضعفه وقوته وكيفية معالجة نقاط ضعفه ‏وتعزيز واكتشاف نقاط قوته. ‏

عند زيارتي لمتحف دافنشي أيقنت بأن الانسان يجب أن يكون ملماً بكل العلوم والمعارف ‏وأن لا يقتصر جهده على تخصصه، فكما رأيت انجازات ليوناردو دافنشي العظيمة فقد ‏أدركت أنه ليس مجرد رسام شهير بل عالم اخترع الالات الحربية والاسلحة والرشاش ‏والعربة المدرعة والطائرة وشرح جسم الانسان بدقة وكان نحاتاً ومهندساً يتمتع بثقافة واسعة ‏جداً. فكيف كان له الوقت الكافي ليفعل وينجز كل ذلك!‏

كان هذا تساؤلي عند زيارتي لمتحفه في مدينة روما وتساءلت لماذا نتذرع دائما بأن 24 ‏ساعة في اليوم غير كافية لانجاز عمل واحد مع العلم أن ليوناردو دافنشي كان لديه نفس ‏الوقت الذي لدينا الان. ما ينقصنا اذا هو التخطيط ووضع الاهداف بشكل جيد وادارة الوقت ‏بطريقة ذكية.‏

أهم الفقرات التي امتعتني هي ركوب الدراجة الكهربائية. كانت تجربة رائعة حيث سرنا في ‏الشوارع والازقة وحول النهر. كان شعوراً رائعاً للغاية جعلني أتمنى أن أعيد التجربة عدة ‏مرات. جعلتني مدينة فلورنسا أشعر بالألفة حيث يعم اللون الاحمر الداكن المدينة بالكرميد ‏والقبب وهذا اللون يشعرني بالراحة والسعادة وهذا ما جعلني أشعر بأنها مدينة مميزة ‏ومختلفة عن باقي المدن الايطالية التي زرناها.

استفدت من التواصل مع الطلبة الطليان وأفدتهم لغوياً حيث كانوا يدرسون اللغة العربية في ‏جامعتهم في مدينة نابولي. ساعدونا ورافقونا للوصول والذهاب الى أفضل المواقع والمتاحف ‏المناسبة وقد شعرت بأنني قد أفدتهم حيث كنت أقوم بتعليمهم كلمات ومصطلحات باللغة ‏العربية أثناء سيرنا في شوارع نابولي ومتاحفها. كنت كلما أنظر الى شيء اقوم بترجمته ‏للغة العربية لمرافقتي الايطالية والتي كانت تقوم بتدوين ما تعلمته على هاتفها النقال.

لم اكن أريد الانتهاء من الجلوس على نهر التايبر في مدينة روما للتأمل في روعة وجمال ‏الطبيعة. شاهدت احاطته بالقلاع والاشجار والجسور التي جعلته نهراً مميزاً ومدهشاً. إن هذا ‏الجمال يجعلك تشعر بأن لا داع للتركيز مرة أخرى على بسائط الامور في الحياة اليومية ‏والتي تأخذ الكثير من الوقت والجهد والاعصاب حيث انه لا شيء يستحق أن تتعب تفكيرك ‏من أجله في هذه الحياة وأنه مهما كانت مشاكلك فهناك عالم آخر جميل يستحق أن تزوره ‏وتراه. هناك الكثير من المعرفة والتنوير في هذا العالم بانتظارك. آن الاوان لتخرج من ‏قوقعتك حالاً وترى كل هذه المعرفة والتنور.

أفتقد في حياتي اليومية الى سماع خرير المياه. وجدت في ايطاليا الانهار والبحار التي تبعث ‏الراحة والسكينة بمجرد النظر اليها والتي تجلعني أرى جمال الله بها وأشكره على إبداعه ‏وجمال تصويره ونعمه التي لا تعد ولا تحصى.

تجربتي مع وسيلة المواصلات المائية في فينيسيا كانت مفاجئة وفيها نوع من الفكاهة في ‏نفس الوقت. فكما في القطارات والباصات تجد محطات للوقوف تنتظر فيها وسيلة النقل ‏وتقرأ مواعيد قدومها، تجد نفس الفكرة في المواصلات المائية. هناك غرفة خشبية كبيرة ‏تتأرجح بك على الماء وتنتظر بداخلها وصول القارب كي يقلك الى جزيرة أخرى وتتفاجأ ‏بوجود مقاعد في القارب مصطفة تماماً كما في نظام القطار أو الباص. فلا مفر من النظام ‏حتى لو كنت في المياه.‏

لقد جربت السفر وحدي قبل سنتين ولكن سفرتي مع مجموعة زاجل جعلتني أدرك بأن السفر ‏مع مجموعة ودودة مع بعضها البعض ومتفهمة للظروف ويقودها شخص قيادي بمعنى ‏الكلمة يزيد من متعة السفر حيث تضمنت الرحلة الكثير من المرح والذكريات الجميلة. ‏تعرفت على زميلات رائعات قضيت معهن أجمل اللحظات وتبادلنا الافكار في جميع الاماكن ‏التي زرناها فاذا رأيت أي صورة لمكان سياحي في ايطاليا على الانترنت سأتذكر كل لحظة ‏جميلة عشتها برفقة زاجل.‏