نابلس - عقل أبو قرع - النجاح الإخباري - الجميع يعرف أن الإطار السياسي أو المظلة التي سوف تتم في إطارها الانتخابات القادمة هي مظلة اتفاق أوسلو، أي أن مخرجات الانتخابات سواء أكانت تشريعية في أواخر شهر أيار القادم، أو رئاسية في شهر تموز القادم أو غيرهما من الانتخابات، سوف تكون من مخرجات اتفاق أوسلو، كما كانت في الأعوام السابق من أعوام 1996 وحتى 2006، وبالتالي فالمزايدات أو محاولات عرض برامج أو خطط سياسية طموحة أو رنانة أو كبيرة، لن تجد الصدى عند الناس وبالأخص فئة الشباب، التي تعرف وتعي أن المرشحين والناخبين والعمليات الانتخابية بمجملها أتت من خلال أو امتدادا لاتفاقات تم توقيعها وبالتراضي بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في تسعينيات القرن الماضي.  
ولذا فإن من يشكل فرقا عند الناس، أو الأساس الذي من الممكن المنافسة من خلاله، واجتذاب الأصوات وبالأخص الأصوات المترددة أو غير المحسوبة أو غير المسيسة أو غير المنتمية، وهي الغالبية، هي الكفاءة أو البرنامج المهني للكتلة أو للأشخاص الذين يشكلون الكتلة، وحتى لو كانت الانتخابات الحالية هي انتخابات التمثيل النسبي، أي أن من يتم انتخابه هو الكتلة التي تملك برنامجا سياسيا أو فكريا أو أيديولوجيا، إلا أن الأشخاص الذين يشكلون الكتلة هم من سوف يكون الجزء الأهم في الاختيار.
وبالتالي فإن من يحكم عليهم في أعين الناخبين هي الكفاءة والنزاهة والإنجاز والعمل والبرنامج المهني الذي من المفترض ان تركز عليه الكتلة، بصرف النظر عن إطارها السياسي، أي البرنامج الذي يشمل العمل فيما يتعلق بحياة الناس اليومية، من عمل وبطالة وتعليم وزراعة واقتصاد وتوفير الاحتياجات وبالطبع في هذه الظروف الصعبة، التعامل مع وباء أو جائحة أرقت الجميع من صغير وكبير ومن تاجر ومزارع وعامل، ومن ثم كيفية توفير الفحوصات والأسرة واللقاحات وما الى ذلك.
وبالطبع فإن من يملك الكفاءة والمهنية من مرشحي الكتل، يجب أن يركز على احتياجات ومطالب الشباب، الفئة التي تشكل الغالبية في المجتمع الفلسطيني الفتي، والنسبة الأكبر في جمهور الناخبين سواء لانتخابات المجلس التشريعي أو الرئاسة، والتي من المفترض أن يحسب لها كل الأهمية، سواء في مجالات التخطيط أو التنمية أو طبيعة التغيير أو الجوانب الصحية والاجتماعية أو في موضوع اختيار الممثلين، أي في الانتخابات وبصرف النظر عن نوعها، وبما أننا سائرون نحو انتخابات تشريعية ورئاسية خلال أشهر من اليوم، فمن المفترض أن تحتل هذه الفئة الشابة الضخمة الأهمية والحيز المطلوبين، من حيث طبيعة البرامج الانتخابية، وبالأخص تلك البرامج التي تركز على مبدأ التغيير، سواء أكان تغييرا اجتماعيا أم تربويا أم اقتصاديا أم في حياتهم اليومية.
حيث تبرز أهمية الانتخابات القادمة للشباب وأهمية الشباب للانتخابات القادمة، لأنها تأتي بعد حوالي 15 عاما من آخر انتخابات عامة، وأن فئة كبيرة قد تصل الى حوالي الـ 20% من مجموع الناخبين سوف تنتخب لأول مرة، ودون شك أن هذه الفئة لها مفاهيم وتطلعات وخطط وتفكير وتوقعات وأفكار تختلف عن فئات عمرية أخرى، مارست حق الانتخاب في الماضي، وعاشت ضمن بيئات وتطلعات مختلفة.
وبالإضافة الى من سوف يشارك لأول مرة في الانتخابات من هذه الفئة العمرية الشابة، فإن الإحصاءات تشير الى أن فئة الشباب بين الـ 18 والـ 30 عاما تشكل حوالي الـ 50% من مجموع الناخبين، وإذ ازداد العمر لكي يصل الى الـ 40 عاما، فقد تصل هذه الفئة الناخبة الى حوالي الـ 60% من مجموع الناخبين، وهذه مجموعة ضخمة من المفترض أن يحسب لها المرشحون باختلاف أنواعهم، أو الكتل السياسية المختلفة من اليمين أو من اليسار كل الاحترام والحساب، لأن هناك قواسم مشتركة وتطلعات لا تختلف كثيرا لفئات الشباب، وبصرف النظر عن طبيعة الانتماء أو التأييد لهذه الكتلة أو لهذا المرشح أو ذاك.
حيث من المعروف، وعلى صعيد العالم، ان الناس او السياسيين او المشرعين يلجؤون الى الانتخابات من اجل أخذ رأي او حكم الناس، في مواقف وفي أوضاع وفي أشخاص حاليين وفي أمور حالية ومستقبلية، تخص الناس والمجتمع والبلد، وبالتالي فالمهم، ليس الانتخابات بحد ذاتها، وإنما نزاهة وشفافية وتغطية عملية الانتخابات، وكذلك نتائج او تطبيق نتائج هذه الانتخابات، أي تطبيق طبيعة اختيار الناس، والاهم كذلك هو احترام نتائج الانتخابات من قبل كافة الأطراف الحالية على الساحة، او من قبل القوى المتواجدة والفاعلة والمؤثرة في الوضع الفلسطيني.
ومع الأمل بأن تتم الانتخابات القادمة حسب ما هو مخطط لها وبسلاسة، وبأن يتم احترام نتائجها من قبل الجميع، ومع الترحيب والإقبال الكبيرين الذي شهدته عملية التسجيل للانتخابات حتى الآن، وبعيدا عن الشعارات السياسية الكبيرة والتي سئمها الناس من هذه الكتلة أو تلك، فإن ما يحتاجه الناس وبالأخص فئة الشباب وعشرات الآلاف من خريجي الجامعات والكليات الذين لا يجدون فرص عمل، هي الكفاءات أو المتخصصون أو المهنيون الذي يملكون البرنامج الواقعي الذي من الممكن أن يحسن من حياة الناس اليومية ولو بالشيء الضئيل، ونحتاج الى أعضاء مجلس تشريعي يتوقون للعمل وبإخلاص سواء من خلال سن القوانين التي تخدم أو تحسن حياة الناس، أو من خلال مراقبة وبشكل مهني أداء الحكومة التي من المفترض أن تعمل من أجل حلحلة الوضع لتحسين حياة الناس.