وكالات - النجاح الإخباري - الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ألحق الكثير من الضرر بالعلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية. وبقاؤه أربع سنوات إضافية سيكون بمثابة كابوس بالنسبة إلى الكثيرين من الساسة في الاتحاد الأوروبي.

في حال فرض جو بايدن نفسه في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، كما يقول يانيس إيمانويليديس ستكون هناك آمال بالنسبة للعلاقات بين ضفتي الأطلسي. "ليس هناك أحد بهذه السذاجة ليعتقد أنه ستحصل عودة إلى وقت ما قبل ترامب. لكن الأمل يسود في أن الأمور قد تتحسن"، كما يقول مدير مركز الدراسات الأوروبية في بروكسل.

"نهاية كابوس"

وإذا لم ينجح مرشح الديمقراطيين في الحل محل الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، فإن الخبير الأوروبي إيمانويليديس يخشى في المقابل أن تسوء العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي أكثر. "ربما سيعمل في فترة حكم ثانية على ممارسة مزيد من الضغط على أوروبا أكثر من الفترة الأولى. لقد وصف أوروبا كشر أكبر من فاعلين آخرين في العالم. وهذا ما قاله علنا علما بأنه قال الكثير في السنوات الأربع الأخيرة".

البحث عن التعاون ـ مع من كان

وحتى النائب الأوروبي والمتحدث باسم الخضر للشؤون الخارجية راينهارد بوتيكوفر لا يولي إلا قليلا من الاهتمام لتصريحات دونالد ترامب حول السياسة. "إذا قال ترامب بأن الاتحاد الأوروبي خصم، فإن ذلك لا يساعد تماما في إظهار واشنطن على وجه إيجابي في النقاش الأوروبي". لكنه يعتقد أنه في الحكومة وداخل الكونغرس ـ حتى بين الجمهوريين ـ يوجد الكثير من السياسيين الذين يعرفون بأنهم يحتاجون التعاون مع أوروبا للتفاعل مع الصين وروسيا وآخرين.

رئيس مثل جو بايدن لن يفعل كل شيء بطريقة مختلفة، كما يقول بوتيكوفر، لكن يمكن الانطلاق من أنه سيعتمد على الحلفاء التقليديين وسيستمع إليهم ويبحث عن جوانب مشتركة، "سيان من يفوز في نوفمبر/ تشرين الثاني، وجب علينا الاستثمار في التعاون. لدينا مجال تحرك في بعض الموضوعات مثل إصلاح منظمة التجارة العالمية. هنا يمكن لنا عزف نفس النغمة".

فقدان الثقة عبر الأطلسي

في دراسة أجراها في الصيف "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" في بروكسل، قيل إن الأوروبيين فقدوا الثقة في الحليف الوثيق سابقا الولايات المتحدة الأمريكية. ولاسيما "التدبير الفوضوي لوباء كورونا من طرف الرئيس ترامب ساهم في أجواء قاتمة".

وينطلق الباحثون في المجلس الأوروبي من أن الفائز الانتخابي جو بايدن سيبحث عن التقارب مع الأوروبيين. وهم يتوقعون أن تنضم الولايات المتحدة  مجددا لاتفاقية باريس لحماية المناخ ومنظمة الصحة العالمية. وحكومة تحت بايدن ستعمل على تقوية الناتو كحلف حتى ولو أن الديمقراطيين مثل الجمهوريين يضغطون لرفع ميزانيات الدفاع الأوروبية. وسبق للرئيس باراك أوباما والكثير من أسلافه أن طالبوا بنفقات عسكرية أكبر. وفي حال انتخاب ترامب لفترة حكم ثانية، يتنبأ مستشاره الأمني السابق جون بولتون بأنه يجب على الناتو أن يتهيأ لما هو أسوء. فحسب بولتون هدد ترامب حتى بانسحاب من الناتو، ما سيعني نهاية الحلف.

حتى بايدن له طلبات

وعلى إثر ذلك أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الناتو يعاني من "موت دماغي" وعبر عن طلبات للحصول على "سيادة أوروبية" أكبر. وحتى زعماء حكومات آخرين في الاتحاد الأوروبي يرون دورا جيوستراتيجيا أكبر للاتحاد الأوروبي في علاقته مع الولايات المتحدة الأمريكية، على خلاف دونالد ترامب. فرئيسة المفوضية الأوروبية، أورزولا فون دير لاين تتمنى خصوصا عودة إلى نظام مبني على قواعد. "الحقيقة هي أن إصلاح النظام المتعدد الأطراف بات ملحا أكثر من ذي قبل، فنظامنا العالمي يعاني من شلل متسلل". وتفيد فون دير لاين أن قوى كبيرة تنسحب من مؤسسات دولية أو "تأخذها رهينة لمصالحها الذاتية".

والأمل السائد في بروكسل هو أن تتحقق هذه الأشياء مع رئيس مثل جو بايدن. لكن يانيس إيمانويليديس من مركز الدراسات الأوروبية يحذر من أوهام. فالموقف الناعم الذي عاملت به أوروبا إلى حد ما الصين حتى الآن لن يروق لرئيس ديمقراطي. "قد يتمثل أحد التحديات في أن تتعاون حكومة بايدن الجديدة في موضوعات دولية في حماية المناخ وفي منظمة التجارة العالمية، لكنها ستطلب في المقابل من أوروبا أن يكون لها ظهور أقوى تجاه الصين". وحتى مع بايدن في سدة السلطة قد تطالب الولايات المتحدة بتحمل فرض عقوبات، مثلا على شركة هواوي للتكنولوجيا دون نقاش والقيام برد على استفزازات عسكرية في بحر الصين الجنوبي.

قضية محورية التجارة توحد الاتحاد الأوروبي

وبعد الانتخابات يعتزم الأوروبيون، كيفما كان الرئيس الأمريكي، التحدث عن العلاقات التجارية. ومازال يسود تهديد ترامب الرامي إلى فرض رسوم جمركية عالية على السيارات وبضائع أخرى عبر الأطلسي. ولقد اتفق في يوليو/ تموز 2018 مع الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على نوع من وقف إطلاق النار، لكن النزاع يبقى بدون حل. وحينها مجد دونالد ترامب بشكل مفاجئ الاتحاد الأوروبي كأكبر شريك تجاري للولايات المتحدة. وفي الحملة الانتخابية لم يلعب الموضوع أي دور لدى ترامب ولا بايدن.

وتأمل غالبية رؤساء حكومات ودول الاتحاد الأوروبي في فوز جو بايدن كرجل ليبرالي ليس له شحناء في خطابه. فالعلاقة بين المستشارة أنغيلا ميركل والرئيس دونالد ترامب لم تكن ودية. وبولندا ودول أوروبية شرقية أخرى لها حكومات شعبوية كانت لها علاقة أفضل مع ترامب.

وفي النهاية سيقف الاتحاد الأوروبي في صف واحد لتمثيل مصالحه تجاه الولايات المتحدة بصرف النظر عمن من الرجلين سيجلس في المكتب البيضاوي، كما يعتبر الخبير إيمانويليدس.

المصدر: DW عربية