نبيل عمرو - النجاح الإخباري - اظهر الشعب الفلسطيني وفاء يجسد التزامه الوطني الواعي وقدرته على التمسك بحقوقه رغم كل الظروف المعاكسة.

وانا اراقب الحشود الشعبية التي نزلت الى الشارع، تذكرت قول الرئيس الراحل ياسر عرفات بأن الشعب الفلسطيني متقدم على قيادته وهو الضمانة الاكيدة للحقوق الوطنية

وبعد ان اثبت الشعب الفلسطيني للمرة الالف قوة التزامه واستحالة رهان الأعداء عليه، بأن يرفع الراية البيضاء تحت حصار وضغوط العدو والصديق، ينهض سؤال يحتاج الى إجابة صادقة ومقنعة، ماذا بعد التظاهرات الضخمة، والاعلانات والشعارات ؟

 هل نعتبر المظاهرات رصيدا تتغذى عليه الطبقة السياسية الى ان تأتي مظاهرة أخرى وهكذا، وهل نظل نجمع ونطرح ارقام من معنا ومن ضدنا مثلما فعلنا على مدى عقود خلت.

ما العمل اذا فالمتظاهرون لن يبقوا في الشوارع الى ما لا نهاية، والمحافل الدولية لن تجهز جيوشا لاحقاق الحق وهزيمة الباطل.

العمل الذي يقنع ويجدي هو ما يفعل على ارض الوطن وما يوفر ثقة الناس وتجدد عطائهم، وهذا حتى الان لم تقدم عليه الطبقة السياسية المفترض انها صاحبة الشرعية حتى لو كانت متآكلة.

ما ان أعلنت صفقة القرن ولم يكن ضررها مفاجئا لنا، فقد حفظناه غيبا من خلال مقدماتها حتى عدنا من جديد الى لعبة عبثية مدمرة وهي خدمة الانقسام وليس التخلص منه.

سوّق لنا وجهاء الطبقة السياسية الاتصال الهاتفي الذي اجراه إسماعيل هنية مع الرئيس محمود عباس على انه ابلغ رد على صفقة القرن، واقوى صفعة توجه الى أصحابها، واشتعل الحديث عن وحدة وطنية مؤكدة وزيارة تسابق وجوه الطبقة السياسية على ادعاء التحضير لها والمقصود هنا ما تردد عن زيارة يقوم بها الرئيس محمود عباس الى غزة.

حسن النية عند الفلسطينيين دفعهم الى الاعتقاد بأن التحدي الذي اطلقه ترمب نتنياهو سيجعل القوم يخجلون من استمرار الانقسام ويسارعون الى انهاءه، فما الذي حدث بعد ساعات من هذه الفورة الكاذبة.

لقد عاد اقطاب الانقسام الى لعبتهم المفضلة، وفد وراء وفد ولقاء وراء لقاء واختلاف من الالف الى الياء.

لا يصدقن عاقل بان هذه اللعبة العابثة صار عمرها ثلاثة عشر سنة تتكرر كل يوم وتحقق كل يوم خطوة او عدة خطوات الى الوراء، ويتسائل اللاعبون في هذه الحلبة البائسة لماذا ينفض الناس من حولهم ولماذا تنعدم الثقة بهم.

افشال صفقة القرن يحتاج الى الى ما هو اكثر من مظاهرة ويافطة واهزوجة وشعار.

ان كلمة "لا" تصلح ردا اوليا ولكي تتحول الى سياسية وفعل فلا مناص من فتح كل ملفات الوضع الداخلي ومعالجتها دون ابطاء ودون التفتيش عن أسباب للفشل ودون الاعتماد على مقولة المؤامرة التي يعلق عليها الكسالى والفاشلون خيبتهم وسوء أدائهم لمهماتهم المفترضة.

بعد ما أدى الشعب ما عليه من رفض واع لصفقة القرن، دعونا نراقب ما الذي سيلي ذلك واولا وأخيرا على صعيد بيتنا الذي ان لم تتعزز جدرانه واساساته فسيكون ذلك بمثابة طريق ممهدة لفرض أسوء مشروع الحاقي والغائي للوجود وللحقوق.

مهمات ما بعد التظاهر واضحة لو ان الطبقة السياسية الفلسطينية لا تحب رؤيتها بل وتبتعد عنها. أولها انهاء الانقسام ، عودة المؤسسات المعطلة عن العمل ، التشريعية عبر الانتخابات العامة ومنظمة التحرير عبر مؤسساتها التي حمت القضية عقودا من الزمن، واذا ما تذرعت الطبقة السياسية برفض إسرائيل اجراء الانتخابات في القدس ، فإن لهذه الذريعة حلا نضاليا وليس تنسيقيا مع الاحتلال فلنملئ مدينتنا بصناديق الاقتراع وليكشر الاحتلال عن وجهه بإطلاق الرصاص عليها وهذا اقوى ما يؤكد فلسطينية القدس، وكونها العاصمة الحقيقية للفلسطينيين، وحين تصوب بندقية احتلالية نحو صندوق الاقتراع فهذا يبطل ادعاء الإسرائيليين بأن قدسنا لهم.