طلال عوكل - النجاح الإخباري - تتسارع الأحداث والتطورات، في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على نحو خاص خلال النصف الأول من هذا العام، لتحضير الميدان، نحو مواقف وسياسات ومخططات إجرائية خلال النصف الثاني منه. معلوم أن هذا العام، هو الثالث في عمر أسوأ إدارة أمريكية على الإطلاق بالنسبة للفلسطينيين خاصة، ما يجعله عام الحسم، لأن العام القادم هو عام الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. الحلف الأمريكي الإسرائيلي على عجلة من أمره، لاستغلال كل ساعة من هذا العام.

فالرئيس الأمريكي يسعى بشدة لفرض صفقة القرن، التي كان تعهد ترامب لإتمامها أبرز ما يميز إدارته منذ انتخابه، أما إسرائيل فتجد الفرصة التاريخية لفرض مخططاتها التوسعية، بغطاء أمريكي كامل. الولايات المتحدة خصصت جزءا كبيرا من دبلوماسيتها و تشريعاتها، وقدراتها ونفوذها لممارسة أقصى وأقسى الضغوط على منظمة التحرير والفلسطينيين عموما، بهدف إرغام القيادة السياسية على الانخراط في صفقة القرن، التي سيعلن كوشنير بعض ملامحها في اجتماع وارسو منتصف هذا الشهر.

 أما إعلانها بالكامل فسيتم بعد الانتخابات الإسرائيلية التي ستجري في العشرية الاولى من شهر إبريل، في هذا السياق وعدا ما تم اتخاذه من مواقف تجاه أبرز الحقوق الفلسطينية، ومن إجراءات عقابية قاسية، تتجه الولايات المتحدة لعقد مؤتمر تسميه دوليا في وارسو في الرابع من هذا الشهر، تحضره مع الأسف عدد من الدول العربية، ويبحث في ملف الشرق الأوسط لكن التركيز الأساسي في جدول أعماله هو ملف الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي.

القيادة الفلسطينية اتخذت موقفا رافضا للمؤتمر، ومحذرا ومطالبا الدول المدعوة إليه بالمقاطعة، والأولى من ذلك العمل على المستوى العربي لقطع الطريق على مشاركة أي دولة عربية، حتى لا يحظى المؤتمر بغطاء عربي. وفي السياق ذاته ينوي كل من جيسون غرينبلات، وجاريد كوشنير، للقيام بجولة تشمل خمس دول عربية خليجية بالإضافة إلى إمكانية زيارة دولتين أخريين، والهدف المعلن، المساهمة السياسية والمالية لتغطية نفقات واحتياجات صفقة القرن.

على خط مواز، تكثف إسرائيل من سياساتها وإجراءاتها، واعتداءاتها، واستيطانها، وتهديدها للضفة الغربية والقدس، ولإضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية وآخر ما لديها خصم ما يساوي الأموال التي تدفعها السلطة من خزينتها لصالح أسر الشهداء والجرحى، من أموال المقاصة، التي تشكل حقا نظيفا للسلطة، استنادا إلى اتفاقيات أوسلو وباريس الاقتصادية.

في الجهة المقابلة لا يزال الوضع الفلسطيني ضعيفا، منقسما على نفسه، يزداد التوتر والصراع بين أطرافه كلها الأساسية وغير الأساسية، بما يوفر لأطراف عربية وغير عربية المبرر، لتغطية مواقف وسياسات لا تخدم القضية الفلسطينية، وإنما تشكل مستوى جديد هابط من السياسة المرتهنة لمصالح الحلف الأمريكي الإسرائيلي. يمكن للسلطة أن تواصل تحذيراتها وتهديداتها، بعدم استلام أموال المقاصة في حال اقتطعت إسرائيل منها، المبالغ المخصصة للشهداء والجرحى، ويمكنها أيضا أن تشكو مظلمتها للأمم المتحدة ومؤسساتها، لكن هذه حبائلها طويلة، وربما نتائجها غير مضمونة بسبب التدخل الأمريكي الدائم والفاعل. وعلى هذا الجانب أيضا تنطوي على أهمية سياسة اللقاءات التي ستجري في موسكو وتبدأ في الحادي عشر من هذا الشهر، لجهة فحص إمكانية أن ترفع موسكو من مستوى اهتمامها ودعمها للفلسطينيين، ومغادرة سلبيتها، وإظهار حرصها على أمن إسرائيل.

 وضعف دورها في مواجهة التغول الأمريكي الإسرائيلي على الحقوق الفلسطينية وقرارات الأمم المتحدة في هذا الخصوص. على أن الدور الروسي في حال أصبح فعليا جزءا من استراتيجية الكرملين في المنطقة، يحتاج إلى بعض الوقت، ويحتاج أيضا إلى استعدادات وجاهزية فلسطينية، غير متوفرة حتى الآن، ولا تتناسب مع السرعة التي تتحرك فيها سياسات ومخططات الحلف الأمريكي الإسرائيلي.

والسؤال هو هل تدرك الأطراف الفلسطينية المتصارعة، أمام هذا الاحتمال الهام، مدى أهمية الاستعجال في إنهاء ملف الانقسام، والاستفادة من المناخ الداعم بالمعنى الاستراتيجي الذي توفره موسكو، حين تلتقي كل الفصائل في ظل إمكانية دخول روسيا على خط الصراع والمواجهة؟