منال الزعبي - النجاح الإخباري - في خضم تصاعد حدة التوترات الإقليمية، تتجه الأنظار نحو التحركات الإسرائيلية المرتقبة تجاه إيران، في وقت تتعقد فيه خيارات الرد الإسرائيلية. تتزايد التساؤلات حول مدى قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها الأمنية دون الانجرار إلى تصعيد شامل، خصوصاً مع التأخر الواضح في ردها على الهجمات الإيرانية الأخيرة.
ومع ذلك، يبقى دور الولايات المتحدة محوريًا في توجيه هذه التحركات، مما يجعل الأيام المقبلة حاسمة في رسم مسار المنطقة وسط مخاوف متزايدة من تصعيد إقليمي شامل.
تصريحات متضاربة
في الوقت الذي تتضارب فيه التصريحات حول طبيعة الرد الإسرائيلي، تشير تقارير إسرائيلية إلى عدم وجود قرار واضح، مما يزيد من حيرة المجتمع الدولي، في حين تشير تقاير أخرى إلى تأجيل مجلس الحرب الإسرائيلي للتصديق على الضربة المرتقبة يعكس أن الضربة قد تركز على المنشآت النووية والنفطية الإيرانية، لكن تبقى الموافقة الأمريكية ضرورية بالنسبة لإسرائيل قبل أي تحرك.
الضوء الأخضر الأمريكي:
يرى الكاتب المحلل السياسي عصمت منصور في حديثه لـ "النجاح"، أن الضوء الأخضر الأمريكي يعد عاملاً حاسماً في أي رد إسرائيلي محتمل، بقوله: " إسرائيل لن تتحرك بدون الضوء الأخضر الأمريكي"
ويضيف منصور أن إيران قد أبلغت واشنطن بأنها سترد على أي هجوم إسرائيلي، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة أمدّت إسرائيل بأنظمة دفاعية متطورة مضادة للصواريخ الباليستية والكروز، لتأمينها في مواجهة أي تهديدات إيرانية.
وحول طبيعة الرد الإسرائيلي، يوضح منصور قائلاً: "الأسئلة كبيرة حول شكل الضربة الإسرائيلية لإيران، لكن المؤكد أنها لن تتم دون ضوء أخضر أمريكي".
ويشير بقوله إلى أنَّ "نتنياهو يحاول كسب الوقت وابتزاز الأمريكيين وفرض جو من الرهبة في المنطقة." ويضيف أن الترقب للرد الإسرائيلي يعم المنطقة، فيما يحاول نتنياهو الاستفادة من هذه الأجواء لإحراز مكاسب سياسية، حيث يقول: "الدبلوماسية العالمية منشغلة الآن بهذا الصدد، حتى صار مطلب العالم أن تكتفي إسرائيل بضرب منشآت عسكرية وتجنب استهداف المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية."
ويرى منصور أن هناك توافقاً أمريكياً-إسرائيلياً على أن الضربة الإسرائيلية قد تحدث في فترة الأعياد العبرية، ويبدو أن نتنياهو قد حقق مكاسب قبل حتى أن يوجه ضربة لإيران، بقول: "تمكن نتنياهو من تزويد إسرائيل بأنظمة دفاعية، كما استفاد من مواقف بعض الدول التي بدأت بفرض عقوبات على إيران.
ويضيف: "أوروبا تقترح رزمة عقوبات جديدة، مما يعني أن نتنياهو حقق ما يريده قبل توجيه الضربة." وطرح منصور تساؤلات حول الموقف الإيراني إزاء هذا التصعيد قائلاً: "أميركا تحاول أن تكون وسيطًا يحقق لإسرائيل ردها ويضمن عدم رد إيراني جديد، لكن السؤال: هل ستوافق إيران؟
ردع أم هزيمة
سيناريوهات متعددة على طاولة المفاوضات
بدوره المختص بالشأن الإسرائيلي، خالد معالي، يؤكد في حديثه لـ"النجاح" على أن الدور الأمريكي حاسم في هذا الملف، حيث قال: "من غير الدقيق أن نقول رد إسرائيلي، والأولى أن نقول رد أمريكي، لأن الطائرات الأمريكية F-35 لا تطلق الصواريخ إلا بموافقة أمريكية."
ويضيف معالي أن وسائل الإعلام الإسرائيلية تتعامل مع الرد على أنه واقع لا محالة، لكنه يضع سيناريوهين محتملين: "إما أن يكون الرد باهتًا، وهذا يعني أن نتنياهو أقرَّ بالهزيمة ولم يؤثر على إيران ولو بنسبة 1%، أو أن يكون الرد صارماً وقوياً، وهذا سيشمل ضرب المنشآت النووية والاستراتيجية الإيرانية."
ومع ذلك، يحذر معالي من أن أي هجوم إسرائيلي قوي قد يؤدي إلى رد إيراني عنيف، موضحًا: "إيران تمتلك قوة عسكرية كبيرة، خاصة في مجال الصواريخ الباليستية، ولا يمكن الاستهانة بها. في حال توجيه ضربة قوية، فإن الرد الإيراني لا يُحتمل."
وأشار معالي إلى أن نتنياهو يسعى لاستعادة قوة الردع التي فقدها في العام الماضي، موضحًا: "حاول نتنياهو استعادة قوة الردع المفقودة منذ السابع من أكتوبر، إلا أنه لم يحقق أي إنجاز ملموس، بل اقتصر استهدافه على الحاضنة الشعبية للمقاومة دون أن يتمكن من التأثير على المقاومة نفسها."
الجبهات المتعددة المفتوحة ضد إسرائيل تضعها أمام اختبار حقيقي في كيفية توجيه ضربة عسكرية تحقق أهدافها دون الانجرار إلى مواجهة شاملة. كل الأنظار الآن تتجه نحو الأيام القادمة، حيث يمكن أن تشعل أي خطوة غير محسوبة فتيل تصعيد إقليمي أوسع، مما يجعل المنطقة في حالة ترقب مستمر.
ويبقى السؤال مطروحًا: هل ستستطيع إسرائيل إدارة ردود أفعالها بذكاء، أم ستجد نفسها في مواجهة عواقب قد تكون مدمرة للمنطقة بأسرها؟