(وكالة أنباء العالم العربي) - النجاح الإخباري - قبل ما يزيد على السبعة أشهر، كاد الطفل الفلسطيني آدم عفانة (خمس سنوات) أن يفقد حياته إثر قصف إسرائيلي طال منزل نزحت إليه أسرته في منطقة الشهداء بقطاع غزة.

نجا آدم من القصف؛ لكنّه فقد شقيقته وجدّتهما وعمّتهما وثلاثة من أولاد خالهما، بالإضافة إلى والده الذي لفظ أنفاسه الأخيرة في وقت لاحق متأثّرا بإصابته جرّاء القصف.

لم يسلم آدم حينها من أثر القصف، فقد أصيب هو الآخر في ذراعه وقدمه اليُسرى، واحتاجت تلك الإصابة تدخّلا جراحيّا فوريّا، لم يكن هناك مفر من إجرائه بدون استخدام أي مخدر أو مسكّن للألم، لعدم توفّر الإمكانات وقتها.

عيد عفانة، عمّ آدم، أوضح في حديث لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن عائلة الطفل كانت قد نزحت من مخيّم جباليا بناء على أوامر إخلاء شمال قطاع غزّة واعتباره منطقة حرب، واتجّهت إلى الجنوب قبل أن ينقطع الاتصال بها.

وقال "في تاريخ 29 أكتوبر تشرين الأول، وبعد نصف ساعة من معرفتي مكان تواجدهم، قُصف منزلهم لتستشهد شقيقته وجدّته وعمّته وثلاثة من أولاد خاله، بينما أُصيب والده ليستشهد في وقت لاحق جرّاء الإصابة".

* الخروج من غزّة

كانت رحلة آدم للخروج من قرية البرير في شمال قطاع غزّة إلى العاصمة اللبنانية بيروت للعلاج في الجامعة الأميركيّة طويلة.

وقال عيد "زوجتي وأولادي مكثوا حينها في خان يونس، وأفراد آخرون من عائلتي في مدينة رفح؛ استطعت تأمين خروجي مع آدم إلى مصر قبل ستّة أشهر، ومنذ شهرين استطعنا إجلاء إخوتي المصابين إلى مصر. وقبل أسبوع، وصلت مع آدم إلى بيروت بالتنسيق مع الدكتور غسّان أبو ستّة".

عُرف اسم الطبيب الفلسطيني أبو ستّة خلال الأشهر الأولى من حرب غزّة، كونه أتى من أوروبّا للمساهمة في علاج المصابين في مستشفيات القطاع؛ وكان موجودا في مستشفى الشفاء، حيث وقف أمام وسائل الإعلام بعد قصف المستشفى المعمداني وتحدّث عن الكارثة التي حلّت بالمرضى هناك وقتها.

لكنّه خرج في وقت لاحق من غزّة، وبدأ جولة لتقديم الدعم والمساعدة الطبية للقطاع، واختار بيروت لتكون مكانا لعلاج المُصابين.

وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّ اختيار بيروت بالتحديد "جاء لكونها تضم أطباء لديهم خبرة في علاج إصابات الحروب... نتيجة للحروب التي مروا بها والأحداث الأمنيّة، مثل انفجار مرفأ بيروت".

أضاف "من المُهمّ في بيروت وجود احتضان شعبيّ واشتراك في الثقافة والعادات التي تُسهّل لدى عائلة المصاب التأقلُم مع المجتمع، فهو جزء مهمّ من إعادة التأهيل النفسيّ".

وأشار إلى صعوبة في إخراج الجرحى من قطاع غزة لأسباب، ذكر من بينها "الوضع الأمني والتضييق من قبل الاحتلال، وخسارة العائلات أوراق الثبوتيّة... ويتم التنسيق مع جمعيّة أطفال فلسطين التي تُعنى بنقل الأطفال الجرحى من غزّة إلى مصر".

* أطفال مصابون

وحول الأوضاع في غزّة، قال أبو ستّة إن "نصف مصابي الحرب في غزة هم من الأطفال، وتتراوح أعمارهم من (سن صغيرة في) الطفولة حتى 12 عاما... وهم بالآلاف؛ فضمن كلّ عائلة يُقصف منزلها، هناك مختلف الفئات العمريّة".

وأشار إلى استشهاد 400 شخص من الكوادر الطبية العاملة في مختلف الاختصاصات، قائلا إنّ "منهم من جعلنا (فقده) نخسر بشكل كامل وجود اختصاصي في مجالات معيّنة، وهناك من بقي منهم طبيب واحد (في اختصاصه)".

وقال "هناك قرار داخل الصندوق لإعادة بناء القطاع الصحيّ؛ فإعادة التأهيل لا تشمل فقط بناء المستشفيات، وإنما تأهيل الكوادر التي يلزمها سنوات طويلة للتدريب... والتي سيتمّ تدريبها في الجامعة الأميركية ببيروت".

وفيما يتعلّق بالطفل آدم، قال أبو ستّة إنّ علاجه يشمل علاج الإصابات التي لحقت به "وإعادة دمجه في مجتمعه، عبر عودته إلى مصر بحال استمرار تعذّر عودته إلى غزّة".

وقالت دانية دندشلي، المتحدّثة الإعلاميّة باسم (صندوق غسان أبو ستّة)، خلال مؤتمر صحفيّ عُقد في بيروت اليوم الأربعاء إن الصندوق "تأسّس نهاية العام الماضي تزامنا مع وجود الدكتور أبو ستة في بيروت، حيث تداعى عدد من الأشخاص للمساهمة في إنشائه".

وأوضحت أنّ الهدف الأول من الصندوق هو "تقديم العلاج الشامل وإعادة التأهيل والتفكير باليوم التالي لانتهاء الحرب، لأنّ العلاج هو جسديّ ونفسيّ واجتماعيّ، وينتهي بإعادة دمج الطفل في مجتمعه... الهدف الثاني من الصندوق هو المساهمة في إعادة تأهيل القطاع الصحيّ في غزة".

وأشارت إلى أنّ الصندوق يعمل على استقبال أعداد إضافيّة من الأطفال لعلاجهم في لبنان، قائلة إنّ "العديد من المستشفيات عبرّت عن استعدادها لتقديم المساعدة".