وكالات - النجاح الإخباري - تشهد الجبهة الشمالية تصاعداً كبيراً واتساعاً لرقعة النار بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله في جنوب لبنان؛ حيث تقول التقارير الإسرائيلية إن شمال "إسرائيل" شهد خلال شهر مايو/أيار الهجمات الأكثر شدة التي شنها حزب الله اللبناني منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 من تكتم شديد من قبل الجيش الإسرائيلي والرقابة العسكرية على حجم الخسائر البشرية.

وبحسب تقرير لمركز أبحاث "عالما" الإسرائيلي، فقد شن حزب الله 325 هجوماً على المستوطنات الشمالية في شهر مايو/أيار بمعدل 11 هجمة يومياً، بينما كان عدد هجمات حزب الله 238 في شهر أبريل/نيسان، بمعدل 8 هجمات يومياً. لكن أيضاً أصبحت هجمات حزب الله أكثر شدة كماً ونوعاً.

ويقول تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية إن خسائر حزب الله على الجانب اللبناني تزداد؛ لذلك بات الحزب يرد بقصف عنيف على عمق أكبر في شمال الأراضي المحتلة. ومع تصاعد الضغط الشعبي على الحكومة الإسرائيلية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، فإن احتمال نشوب حرب شاملة يلوح في الأفق، مما ينذر بدمار أكبر بكثير في الشمال الذي أصبحت مشاهد الاحتراق لا تفارقه.

وكشفت صحيفة لبنانية مقربة من حزب الله أن رسائل دبلوماسية وردت إلى بيروت تشير إلى أن إسرائيل على وشك شن حرب واسعة النطاق هذا الشهر.

بحسب التقرير، زعمت مصادر رفيعة في لبنان أن ممثلين سياسيين من عدة دول أعلنوا خشيتهم من خطورة التهديد الإسرائيلي. وأبرز هذه الرسائل جاءت من بريطانيا، مشيرة إلى أن التاريخ المقدر للحرب الإسرائيلية على لبنان هو منتصف يونيو.

كما أعرب مسؤولون قطريون كبار لنظرائهم اللبنانيين عن اعتقادهم بأن "إسرائيل لا تريد وقف إطلاق النار في غزة".

أفادت التقارير أنه قبل كشف الرئيس الأميركي جو بايدن عن الخطوط العريضة الإسرائيلية لصفقة الأسرى، تلقى رئيس مجلس النواب اللبناني اتصالاً من عاموس هوشستين، الوسيط الأميركي بين إسرائيل ولبنان. استمر الحديث بينهما نحو 40 دقيقة.

قال هوشستين إن حكومة بلاده "تصر على استكمال المفاوضات للتوصل إلى حل في لبنان، وتبذل جهداً للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة أيضاً. وعندما يحدث ذلك سنبدأ المفاوضات حول النقاط التي لم يتم الاتفاق عليها".

وأثار الحوار مع هوشستين دهشة رئيس مجلس النواب اللبناني، إذ لم يذكر هوشستين اقتراح صفقة الأسرى الذي كشف عنه بايدن بعد فترة وجيزة.

زعم مسؤولون كبار في لبنان أن "تفاؤل الوسيط الأميركي قد تضاءل بسبب تعامل إسرائيل مع الخطوط العريضة للصفقة". كما زعمت شخصيات سياسية بارزة في لبنان مرتبطة بالمفاوضات أن حزب الله "يضغط بقوة على الجبهة الشمالية، وأن إسرائيل لم تعد قادرة على تحمل هذا الضغط".

وأفاد التقرير بأن "هناك مطالب كثيرة في إسرائيل على المستوى العسكري والسياسي لردع حزب الله والحكومة اللبنانية".

تطورات تنذر بدمار كبير

وتقول صحيفة هآرتس، إنه من الناحية العملية، غالباً ما تكون "إسرائيل" هي التي تهاجم في عمق منطقة وادي البقاع في لبنان. فيما يكون القصف العنيف الذي يقوم به حزب الله رداً على حوادث قتل فيها الجيش الإسرائيلي مدنيين في جنوب لبنان، مع التركيز على الأهداف العسكرية الإسرائيلية. لكن في حالة نشوب حرب شاملة، سيكون الاستهداف أقل انتقائية وسيكون الدمار أكبر بلا حدود من كلا الجانبين.

والجمهور الإسرائيلي لم يعد مقتنعاً بأن الجيش الإسرائيلي له اليد العليا في الجبهة الشمالية، حيث إن الضغط الإعلامي على الحكومة وهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي "للقيام بشيء ما" يتزايد. ويتحول الوضع بالنسبة المستوطنين في المنطقة إلى الأسوأ، فقد أُمروا بالنزوح لمدة ثمانية أشهر، والآن لا يوجد موعد نهائي لعودتهم إلى منازلهم، باستثناء الأمل الغامض في أن يؤدي انتهاء القتال في  غزة إلى وقف القتال في الشمال.
وتضيف هآرتس أنه يجب على أولئك الذين يروّجون لاحتلال جنوب لبنان وهزيمة حزب الله أن يأخذوا في الاعتبار العواقب أيضاً؛ العبء الواقع على القوات النظامية وقوات الاحتياط، التي أنهكتها بالفعل القتال الطويل، والحاجة إلى كميات كبيرة من الأسلحة الدقيقة والتدخل غير المسبوق، وكذاك الأضرار التي ستلحق بالجبهة الداخلية الإسرائيلية، بما فيها منطقة حيفا ووسط "إسرائيل". والآن، نحن قريبون من فقدان السيطرة على الوضع على طول الحدود.

وحتى بدون حرب شاملة في الشمال، فإن العبء الملقى على عاتق وحدات الاحتياط يمثل بالفعل قضية حاسمة في إدارة الحرب. كما أن الحكومة وهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي لا تدركان حجم الصعوبات بشكل كافٍ، وتتعاملان مع جنود الاحتياط كمورد لا ينضب. ومن الناحية العملية، فإن الجنود الذين يتم استدعاؤهم إلى الجبهة للمرة الثالثة، في غضون مهلة قصيرة، يشعرون بأن صبرهم ينفد، وأن الأمل في عودتهم للمنزل أو لأعمالهم يتضاءل، ناهيك عن التفكير بحجم التكلفة للخدمة الطويلة والخطيرة.