شبكة النجاح الإعلامية - النجاح الإخباري - في ضوء الشكاوى المتصاعدة حول توقف بعض البنوك العاملة في فلسطين عن قبول الإيداعات النقدية بعملة الشيكل، وجهت سلطة النقد الفلسطينية رسائل خاصة لبعض المصارف مطالبة بالتراجع الفوري عن مثل هذه القرارات.

إرباك وفوضى

وطالبت سلطة النقد البنوك بالتراجع عن قرارات وقف إيداعات الشيكل لما أحدثته هذه القرارات من إرباك

في السوق ولدى جمهور المتعاملين مع المصارف.

جاء ذلك في رسالة وجهتها سلطة النقد موقعة باسم المحافظ فراس ملحم، تؤكد على أن اتخاذ قرارات من هذا النوع بشكل منفرد ودون الرجوع لسلطة النقد من شأنه التأثير سلبا على الاستقرار المالي في فلسطين.

وأكدت سلطة النقد أن مثل هذه القرارات يجب أن تتخذ بتنسيق كامل معها لتفادي أي تأثيرات سلبية على الاستقرار المالي. وتحت طائلة المسؤولية القانونية، طالبت سلطة النقد بالتراجع الفوري عن قرار وقف استقبال الشيكل.

وقد تصاعدت الشكاوى خلال الأسبوع الأخير من رفض مصارف عاملة في فلسطين قبول الإيداعات النقدية بعملة الشيكل، في ظل تكدس هذه العملة في خزائن البنوك ورفض إسرائيل استقبالها.

تحديات اقتصادية وحلول مقترحة

الخبير المالي والاقتصادي والمحاضر في جامعة النجاح د. سامح العطعوط، قال في حديثه لـ"النجاح": إن

المشكلة الاقتصادية تفاقمت بعدما اتخذت البنوك قرارًا بعدم استقبال الشيكل، وهو ما يشكل تحديًا حقيقيًا في ظل تخوفات من تبعات هذا القرار. ومن المتوقع أن تتوقف البنوك الإسرائيلية عن التعامل مع البنوك الفلسطينية بالكامل بعد خطوة عدم استقبال الشيكل.

وأشار العطوط إلى أن استخدام "الفيزا كارد" قد يكون حلاً جزئيًا لتخفيف التعامل النقدي بالشيكل الإسرائيلي، نظرًا لعدم استقبال البنوك الإسرائيلية للشيكل من البنوك الفلسطينية، مما يرفع تكلفة التأمين بشكل كبير. لكنه أكد أن هذا الحل غير كافٍ، داعيًا إلى حل شامل يتطلب جهدًا من جميع المؤسسات والحكومة.

وأضاف العطعوط أن اتفاقية باريس لعام 1994، التي تنظم التعاملات المالية بين إسرائيل والفلسطينيين، تحتاج إلى تعديلات استراتيجية. وأشار إلى أن حجم التعامل البنكي بين الطرفين وصل في عام 2023 إلى حوالي 53 مليار شيكل، منها 34 مليار عبارة عن حوالات مالية و19 مليار شيكات مقاصة، مما يعكس العجز الكبير في الميزان التجاري لصالح إسرائيل.

كما أوضح العطعوط أن الحل يتطلب البحث عن شراكات جديدة مع الدول العربية والاستقلال الاقتصادي عن إسرائيل لتجنب الضغوطات المستمرة. وأكد على ضرورة تبني استراتيجية جديدة تشمل الأتمتة والاعتماد على الذات في توفير السلع والخدمات.

وأشار العطعوط إلى أن الشركات الفلسطينية تعاني من تحديات ناتجة عن القبض اليومي للشيكل والتزاماتها المالية. ونصح بإجراء تقارير صحفية لرصد وجهات نظر مختلف فئات المجتمع للوصول إلى حلول مشتركة.

لا خوف من الوضع المصرفي

وحول فكرة طرح عملة فلسطينية، نفى العطعوط إمكانية ذلك في الوقت الحالي، مشيرًا إلى المخاطر الكبيرة المرتبطة بهذا الخيار. وأكد على أن الوضع المصرفي في فلسطين لا يزال مستقرًا رغم التحديات، بفضل النسب المالية الجيدة والثقة بالنظام المصرفي.

تجدر الإشارة إلى أن الاتفاقات الموقعة بين الفلسطينيين وإسرائيل، مثل اتفاقية باريس الاقتصادية، تلزم تل أبيب باستقبال الأموال من الشيكل في ظل عدم وجود بنك مركزي فلسطيني، كما تقتضي القوانين بعودة العملة إلى موطنها الأصلي.

يذكر أن الكنيست الإسرائيلي أقر ما يعرف بـ"قانون لوكر"، الذي دخل حيز التنفيذ في بداية عام 2019، والذي يقيد المعاملات المالية النقدية التي تتجاوز 11 ألف شيكل، مجبرا العملاء على الدفع إلكترونيا. وتحت ذريعة محاربة "الإرهاب" وغسل الأموال ومكافحة الجريمة، توقفت إسرائيل عن استقبال النقد من البنوك الفلسطينية، مما أدى إلى تكدس الشيكل لدى البنوك في فلسطين.

وفي أعقاب القرار الإسرائيلي قبل خمسة أعوام، فرضت البنوك الفلسطينية قيودا على إيداع مبالغ كبيرة من عملة الشيكل، ووضعت شروطا معينة للإيداع في ضوء تراكم النقد لديها. وتجاوز النقد المتراكم لدى البنوك الفلسطينية 5 مليارات شيكل، مما يزيد من تعقيد المشاكل الاقتصادية.