النجاح الإخباري -  أثار مقطع فيديو نشرته صحيفة "معاريف" العبرية زوبعة من الجدل حيث يظهر فيه جندي إسرائيلي من جنود "الاحتياط" يخدم في قطاع غزة، يهدد بتمرد عسكري واسع النطاق إذا لم تواصل الحكومة ما وصفه بـ"النصر الكامل" على حماس.

جاء هذا التهديد ردًا على احتمالية قرار وزير جيش الحرب يوآف غالانت بإدخال السلطة الفلسطينية إلى غزة أو الانسحاب من القطاع.

الحادثة، التي وصفتها معاريف بالصدمة، دفعت الجيش الإسرائيلي إلى فتح تحقيق فوري، مما يسلط الضوء على التوترات الداخلية والانقسامات العميقة التي تعصف بالمؤسسة العسكرية.

"גלנט לא יכול לפקד עלינו": אדם לבוש מדי צה"ל הצהיר על כוונה לבצע מרד, יאיר נתניהו שיתף | לידיעה המלאה >>> https://t.co/Cr8udfJIDM@ItayBlumental pic.twitter.com/019u6i9PRH

— כאן חדשות (@kann_news) May 25, 2024

وظهر جندي احتياط ملثم داخل ما بدا أنه منزل مهدم بقطاع غزة، ومن خلفه شعارات مكتوبة بالعبرية لحركة "كاخ" المتطرفة المصنفة إرهابية في إسرائيل، وفق صحيفة "معاريف" العبرية.

وقال الجندي: "لن أسلم أنا و100 ألف جندي احتياط مفاتيح غزة للسلطة الفلسطينية أو فتح أو حماس أو أي كيان عربي".

وطالب وزير الدفاع بالاستقالة، مضيفا: "لا يمكنك الانتصار في الحرب، ولا يمكنك أن تقودنا او أن تصدر لنا الأوامر".

وأضاف مخاطبا غالانت: "أقول لك: إذا لم نذهب إلى النصر، سيبقى 100 ألف من جنود الاحتياط هنا. لن نتحرك من هنا. وسندعو سكان "إسرائيل" إلى القدوم إلى غزة تحت حماية جيشنا".

وتابع "سنستمع إلى زعيم واحد. إنه فقط رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو)".

وكشف الجندي عن الميول الانتقامية السائدة داخل الجيش الإسرائيلي بقوله: "نريد أن نقتل كل من احتفل بذبحنا، كل الأطفال الصغار الذين داسوا على رؤوس إخواننا الجنود في غزة، لن يبقى أحد من هؤلاء حيا، وأنت يا سيد غالانت، لا تستطيع أن تفعل ذلك".

وبحسب "معاريف" أثار الفيديو صدمة داخل الجيش الإسرائيلي، وتداوله نجل رئيس الوزراء يائير نتنياهو على حسابه بتطبيق تليغرام.

وذكرت صحيفة "هآرتس" أن "ما قاله المتحدث في الفيديو إلى جانب نشره من قبل يائير نتنياهو، قد يشكل جريمة جنائية تتعلق بالفتنة ونشر الفتنة، والتي تصل عقوبتها إلى السجن لمدة خمس سنوات".

من جانبه، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي: "السلوك الموثق في الفيديو هو انتهاك خطير لأوامر وقيم الجيش الإسرائيلي، ويشكل شبهة ارتكاب جرائم جنائية"، وفق ذات المصدر.

وأضاف أن رئيس النيابة العسكرية أمر بفتح تحقيق من قبل الشرطة العسكرية في الواقعة.

وقال المتحدث إنه "نظرا لخطورة الحادث، وجه رئيس الأركان هرتسي هاليفي بإجراء حوار مع الجنود والقادة على كافة المستويات".

ومنذ شهور يطفو على السطح ما بدا أنه خلاف بين وزير الجيش غالانت ورئيس الوزراء نتنياهو بشأن مستقبل حكم غزة.

وفي أحدث صوره، حذر غالانت من تداعيات مضي إسرائيل نحو ترسيخ حكم عسكري في غزة، داعيا إلى إيجاد بديل فلسطيني لحماس يحظى بقبول عربي، ليتعرض لهجمات شرسة من وزراء متطرفين في الحكومة ودعوات له بالاستقالة.

من جهة أخرى تواجه وحدة المراقبة الإسرائيلية أزمة غير مسبوقة. حيث أكثر من 100 مجندة إسرائيلية أعلنّ عن رفضهن العمل في الوحدة، متأثرات بالهجوم المفاجئ الذي نفذته حركة "حماس" على قواعد عسكرية محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ووفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية فإنَّ الجيش يكافح لإعادة تأهيل المجندات للعمل كمراقبات بعد الصدمة التي خلفها الهجوم. وتُظهر الأرقام أنَّ نصف المجندات البالغ عددهن 346 في دورة التجنيد الأخيرة، رفضن الذهاب إلى قاعدة التدريب، وبقي حوالي 116 مجندة، أي ما يقارب 30% من الإجمالي، مترددات في الالتحاق بالوحدة.

وأوضحت أنه "من غير المتوقع أن يتم سجن المجندات اللواتي يرفضن ذلك، لكن سيتم نقل بعضهن، على الأرجح غداً إلى مركز الاحتجاز في قاعدة الاستقبال والفرز في تل هاشومير (وسط)، أو سيتم تعيينهن في مواقع أخرى".

وأشارت الصحيفة إلى أن "معظم حالات الرفض تتراوح بين أسباب الخوف من العمل في دور مختلف، منذ اختطاف أو قتل عشرات المراقبات من فرقة غزة على يد عناصر النخبة (الوحدة الخاصة في حماس) في 7 أكتوبر، وصعوبة النظر إلى الشاشة لمدة أربع ساعات متتالية من العمل، وقلة المعرفة بالمهمة".

ولفتت إلى أن المسؤولين أوضحوا للمجندات أنه "من المتوقع أن يحصلن على أسلحة شخصية أثناء خدمتهن، على عكس الماضي".

هلع وخوف

ونشرت صحيفة The Times البريطانية، نقلت فيه ردات فعل مجندات في صفوف جيش الاحتلال رفضن العمل في وحدات مراقبة الحدود ، حيث قالت المجندة الإسرائيلية "رومي فيشر"، التي حضرت إلى مركز تجنيد في وسط إسرائيل هذا الأسبوع بعد تلقّي استدعاء: «الأمر مخيف للغاية، ما حدث لهن (المجندات اللواتي قتلن على الحدود) يمكن أن يحدث لي"

وقالت فيشر إنَّها لن تتخذ قرارها بركوب الحافلة التي ستنقلها إلى القاعدة العسكرية من عدمه إلا في اللحظة الأخيرة. وصرَّحت للتليفزيون الإسرائيلي: «كلنا خائفات، ولا تريد أيٌّ منا فعل هذا فعلاً".

فيما قالت المجندة إيزابيلا، التي كانت في قاعدة عسكرية تقع أقصى شمال غزة حين خرج نحو 6 من ضفادع حماس البشرية من زوارقهم ودخلوا حدود مستوطنات غلاف غزة: "في السابع من أكتوبر/‏تشرين الأول، توقفت 4 من كاميراتنا في الميدان عن العمل، ثُم انقطعت كل الكهرباء في القاعدة، ثُمَّ توقفت هواتفنا عن العمل".

بينما قالت "ليات"، والدة مجندة جديدة أُرسِلَت إلى الحدود الشمالية لـ"إسرائيل"، حيث تراقب جنديات المراقبة الإسرائيليات أي عملية تسلل من جانب حزب الله وقوة النخبة لديه، قوة الرضوان: "آمل أن يكون الجيش تعلَّم الدرس. إنَّنا نرسل أبناءنا إلى هذه المهمة بقلب مُثقَل وليس برضا كامل".

وجاء في التقرير : "لا يزال سكان غزة يقتربون من السياج، والمتفجرات غير المنفجرة مُلقاة لا تتحرك، ولا تزال نقاط تفتيش الجيش، بما في ذلك معبر إيرز، في حالة يُرثى لها في ظل عدم وجود خطط معتمدة لتجديدها".

فقالت "أيالا": "دورنا الأول والأساسي هو الإبلاغ. ولا يوجد الكثير للإبلاغ عنه منذ السابع من أكتوبر/‏ تشرين الأول، لكنَّ الناس لا تزال تأتي لعبور السياج أحياناً. لا يوجد الكثير جداً من هذا، لكن الناس لا تزال تعبر السياج، الفقراء والفلاحون الذين ليس لديهم ما يأكلونه ويأتون لجمع الخيار من الحقول، لكن ليس كما كانوا معتادين في السابق".

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت أكثر من 116 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

كما تتجاهل إسرائيل قرارًا من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فورا، وأوامر من محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال "إبادة جماعية"، وتحسين الوضع الإنساني بغزة، وكان آخرها أمر الوقف الفوري للعمليات العسكرية في رفح الجمعة.