النجاح الإخباري - في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والهجوم على رفح، تثار تساؤلات كثيرة حول الأهداف الحقيقية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفيما إذا كان يخطط لإعادة احتلال القطاع عسكريًا، وكان نتنياهو صرح يوم أمس الأربعاء إن رؤيته تقوم على هزيمة حماس ونزع السلاح بشكل مستدام في قطاع غزة ثم تشكيل إدارة مدنية يديرها فلسطينيون من غزة نفسها، ولك بشرط ألا يكونوا منتمين إلى حركة حماس أو يسعون إلى تدمير إسرائيل.

لكن محللين وخبراء فلسطينيين وإسرائيليين يؤكدون أن نتنياهو يخطط إلى تهجير سكان غزة والسيطرة عسكريا على ما تبقى من السكان، أي إعادة احتلال.

 المحلل والباحث في قضايا الصراع نزار نزال يقول لـ"النجاح": "نتنياهو مصمم على تحقيق رؤيته لهذه الحرب والتي تتمثل بهدفين رئيسيين لا ثالث لهما، الأول هو تقليل عدد السكان داخل قطاع غزة من خلال القتل ومن خلال الممر أو الرصيف المؤقت فيما يتعلق بالتهجير الطوعي في وقت لاحق للسكان. هذا الهدف الأول والهدف الثاني إخضاع السكان المتبقين أو الذين سيبقون في قطاع غزة إلى الاحتلال العسكري المباشر. هذين الهدفين يسعى لهما نتنياهو هما. وهذين الهاتفين يأتيان ضمن العقلية الأمنية التي لا يترجى من خلالها نتنياهو أن يكون هناك أي مفاوضات ما بين الإسرائيليين وما بين الفلسطينيين، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة".

وكان ألوف بِن، رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، أعتبر في مقال له، أن نتنياهو، يسعى إلى نكبة جديدة في قطاع غزة.

ورأى بِن أنه "منذ أن انتعش من الهلع الذي انتابه لدى نشوب الحرب، بات نتنياهو مثابرا على استعراض سياسته لـ’اليوم التالي’: احتلال إسرائيلي لقطاع غزة من جديد. وهكذا أعلن في كانون الأول/ديسمبر: ’غزة ستكون منزوعة السلاح بعد القضاء على حماس، تحت سيطرة أمنية إسرائيلية، ولن يكون فيها أي جهة تهددنا وتربي أولادها على الإرهاب’".

وفي شباط/فبراير، أضاف نتنياهو إلى تصريحاته عبار "الانتصار المطلق". وتساءل بن أنه "كيف سنتعامل مع نتنياهو إذا كان يقصد ما يقول، وأنه يقصد فعلا الانتصار على غرار ما حصل في (النكبة) (عام 1948)، ومن خلاله تحتل إسرائيل غزة، ويغادر الكثير من سكانها إلى دول عربية وغربية، وتقام فيها مستوطنات يهودية؟ فهذه النتيجة ملائمة بالضبط للبند الذي يفتتح الخطوط العريضة للحكومة الحالية: ’للشعب اليهودي حق حصري غير قابل للتقويض على كافة مناطق أرض إسرائيل’".

وأشار إلى أن "العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة تسمح بتحقيق النتيجة التالية: طرد السكان، تدمير القرى والمدن، صعوبة نقل غذاء ووقود إلى اللاجئين، تقسيم القطاع بشارع عرضي وإقامة قواعد الجيش الإسرائيلي على طوله، الدخول التدريجي إلى رفح. والحكم العسكري الذي يطرحه الآن هو مرحلة أخرى في العملية العسكرية المتدحرجة نحو ’ تهويد غزة’".

وحول رفض الولايات المتحدة لإعادة احتلال غزة، قال بن: "فهو يعلم أن أميركا عارضت مرة تلو الأخرى خطوات رأت إسرائيل أنها حيوية، وتراجعت أمام الإصرار الإسرائيلي. وهكذا حصل لدى الإعلان عن قيام الدولة، ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين، وبالإعلان عن القدس كعاصمة إسرائيل، وبإقامة المفاعل النووي في ديمونا، وبإقامة المستوطنات في المناطق (المحتلة) وتوسيعها، وحتى في العملية العسكرية الحالية في رفح".

وأضاف أن "إسرائيل أصغت للأميركيين في جميع هذه الأحدث وفعلت العكس. تماما مثلما يتجاهل نتنياهو الآن الرئيس جو بايدن ومبعوثيه، الذين يأتون ليكرروا الحديث حول ’إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة’. والحديث حول صفقة لإعادة المخطوفين مقابل وقف إطلاق النار وانسحاب إسرائيلي بالنسبة له هو مجرد طريقة لتمرير الوقت إلى حين يعتاد العالم على الواقع الجديد الذي سينشأ في غزة، مثلما اعتاد لنتائج الحرب الأهلية في سورية".

يقول المحلل السياسي الفلسطيني أشرف العكة لـ"النجاح" إن نتنياهو يحاول تنفيذ رؤيته المتعلقة باحتلال غزة، وقال: "هو يكسب الوقت ويدمر ويقتل ويعني وعمليا ينفذ كل المخططات وتلك الفرصة السانحة بعد السابع من أكتوبر ليعني لتنفيذ برنامج اليمين الصهيوني، الاستعماري، الإحلالي".

وأكد المحلل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ناحوم برنياع، على أن "نتنياهو يسعى إلى دحرجة الجيش الإسرائيلي إلى بقاء دائم في القطاع، كجيش محتل أولا ثم كحكم عسكري"، مثلما كتب بِن.

وكتب برنياع أنه "إذا كان غالانت وغانتس محقان، فإن التحولات لدى نتنياهو لم تكن نظيفة من اعتبارات شخصية وسياسية داخلية. ولذلك يسعى نتنياهو إلى تحويل التوحل في غزة إلى توحل مزمن".

واعتبر برنياع أنه "على الرغم من أنهم في إسرائيل استخلصوا العبر الآن ويحاذرون في التعامل مع السكان المدنيين، إلا أن الصور التي تخرج من مخيمات المهجرين إلى أميركي، وهي صور لا ينشرونها كثيرا في إسرائيل، تجبي ثمنا سياسيا (من بايدن)".