نابلس - النجاح الإخباري - في بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول، أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وكبار المسؤولين أن الهدف هو "النصر المطلق" على حركة حماس، في إشارة لتحقيق كل أهداف الحرب المتمثلة في إسقاط حكم حماس وإعادة المختطفين.

لكن بعد أكثر من سبعة أشهر من الحرب، يتحدث إسرائيليون عن تغير في المفاهيم، ولم يعد هناك تمسك بفكرة "النصر المطلق" مع وجود الكثير من التحديات التي تعيق الوصول إلى مثل هذا الهدف.

واندلعت الحرب بعد أن شنت حماس هجوما مباغتا على دولة الاحتلال في السابع من أكتوبر تشرين الأول مما أسفر عن مقتل 1200 وأسر 253 رهينة، بحسب إحصاءات إسرائيلية، بينما تقول السلطات الصحية في غزة إن الهجمات الإسرائيلية أوقعت ما يزيد على 35 ألف فلسطيني بالإضافة لعشرات الآلاف من المصابين.

وتحدثت هيئة البث الإسرائيلية اليوم السبت إلى مسؤولين سابقين ومحللين عسكريين حول تلاشي فكرة "النصر المطلق".

ويؤكد الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (آمان) عاموس يدلين أن نهج "النصر المطلق لم يعد له صلة بالواقع".

وقال يدلين إن أهداف الحرب التي تم تحديدها في أكتوبر تشرين الأول بعيدة عن التحقيق، والحرب التي امتدت إلى الشمال وإيران تقود إسرائيل إلى نصر جزئي وليس إلى النصر الكامل.

ودعا يدلين إلى تحديث الاستراتيجية وتحديد الأهداف في ضوء ساحة الحرب المتغيرة وفهم حدود قوة الإسرائيليين لمعرفة كيفية تعزيز نقاط القوة ضد حماس وضد التحديات طويلة المدى إقليميا ودوليا.

وأضاف "تضع الحرب إسرائيل أمام مجموعة من التحديات الأمنية وهي مواجهة حماس وحزب الله وإيران وغيرهم".

وأكد يدلين أن الهدف الآن يجب أن يكون إعادة المختطفين قبل كل شيء. 

وقال "يجب تحديد هدف استعادة المختطفين كهدف رئيسي، وهذا التزام أخلاقي أسمى، وتحقيقه سيسهم أيضا في تعزيز القوة الوطنية. 

"وفي الوقت نفسه، يجب على إسرائيل العمل على ردع إيران عن تنفيذ عمليات مباشرة ضدها من خلال تحالف إقليمي ودولي بقيادة الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، مواصلة السعي لتفكيك القدرات العسكرية والتنظيمية والقدرات الحكومية لحماس... لكن هذا يجب أن يكون نفس الوقت الذي يتم فيه الترويج لبديل لحكم حماس".

ويرى المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أفنير غولوف أن إسرائيل تواجه بعد 76 عاما من قيامها كسرا على الصعيد الجيوسياسي يؤثر بشكل مباشر على قدرتها على الخروج من هذه الحرب بإنجازات والحفاظ عليها مع مرور الوقت.

وقال إن إسرائيل باتت تواجه بعض الرفض لخطواتها العسكرية من الولايات المتحدة في ظل انهيار النظام العالمي أحادي القطب، وبروز قوى وأقطاب أخرى في العالم ليست أقل شأنا من أميركا.

وأضاف "ما يجري من متغيرات في العالم بات يؤثر على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، فهي متغيرات ستحدد نوع العالم الذي سيعيش فيه أبناؤنا وأحفادنا، وما هي قواعد اللعبة فيه، وما هي مكانة الولايات المتحدة في العالم الجديد".

ويعتقد غولوف أن الولايات المتحدة لن تبقي على دعمها لإسرائيل كما كان الحال سابقا في ظل حاجتها لإدارة علاقتها مع العالم كله، بما فيه القوى العظمى التي ترفض الحرب على غزة مثل الصين وبعض دول الاتحاد الأوروبي.

وبحسب غولوف، فإن ما تريده الولايات المتحدة في ظل المتغيرات الدولية هو أن تكون إسرائيل ذراعا عسكريا قويا لها في المنطقة في ظل التحديات الكبيرة مع روسيا والصين، وهذا يتطلب من إسرائيل التخلي عن بعض أفكارها والموافقة على إقامة دولة فلسطينية لتخفيف التوتر في المنطقة.

ومن جانبها، ترى المديرة السابقة لوزارة العلوم والتكنولوجيا في إسرائيل هيلا خميلنيك أن الحرب شغلت إسرائيل عن صراع آخر في المنطقة وهو التفوق التكنولوجي، وبالتالي فهي بحاجة إلى إنهاء هذه الحرب والعودة للمنافسة في ساحة التطور التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم.

وقالت "إسرائيل فازت بلقب دولة الشركات الناشئة في العقود الأخيرة، بعد أن أثبتت نفسها كدولة رائدة على مستوى العالم في الابتكار التكنولوجي... لكن في عصر الثورات التكنولوجية المتسارعة، هناك تساؤلات حول قدرتها على الحفاظ على تفوقها التكنولوجي في مواجهة منافسيها العالميين والإقليميين في ظل انشغالها بالحرب".

وأضافت "لم تقم إسرائيل بعد بصياغة استراتيجية تكنولوجية شاملة ولم تخصص الموارد اللازمة لتنفيذها، وقد يؤدي هذا الاتجاه إلى تآكل التفوق التكنولوجي الإسرائيلي الذي تراكم على مر السنين، مما قد يؤثر على قوتها الاقتصادية والأمنية وقد يؤدي إلى هروب رأس المال البشري والإضرار بقدرة إسرائيل التنافسية على الساحة العالمية".

وتؤكد أن إسرائيل تحتاج لإجراء تغيير جوهري في ترتيب الأولويات الوطنية وتوجيه الموارد لتعزيز أنظمة البحث والتطوير المدنية، وتحسين أنظمة التعليم والتدريب التكنولوجي، كما أشارت إلى أن المكانة التكنولوجية الإسرائيلية على الساحة الدولية بدأت تتأثر بعد المظاهرات الرافضة للحرب.

وتابعت قائلة "بالنظر إلى المظاهرات ضد إسرائيل في أوروبا وفي الجامعات بالولايات المتحدة، يبدو أن إسرائيل تواجه مشكلة كبيرة على الساحة الدولية".