النجاح الإخباري - في غزة، حيث الأمل يتحدى الألم، تروي أم محمود زيارة أحوال رمضان الذي فقد بهجته. وكيف كانت الأعياد تجلب الحلويات والضحكات، لكن اليوم، تحت وطأة الحرب والحصار، تتحول الأمنيات إلى لقمة تسد الرمق.

مع انطلاق الصواريخ وتهدم البيوت، وجدت أم محمود نفسها وأسرتها تلتمس الأمان في مدرسة بحي النصر، حيث الفصول الدراسية أصبحت ملاذاً للعائلات النازحة. الأسواق خالية، والأسعار تصرخ عالياً، والمواد الغذائية تختفي، تاركةً وراءها جوعاً يلف الأجواء.

 أم محمود التي اعتادت أن تكون مائدتها عامرة بما لذ وطاب من الطعام في رمضان لكن الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ ما يزيد على خمسة أشهر جعلت أقصى أمانيها أن تجد ما يكفيها لسد رمقها هي وابنتها وسط شح المساعدات مع دخول الشهر الفضيل.

تقول:"كان رمضان يأتي بالبهجة والأطعمة الشهية، لكن الآن لا نشعر بقدومه"، تقول أم محمود. "الغلاء قد ذبحنا، والأسواق بلا طعام". ابنتها، التي تعتمد على الأنسولين، تواجه خطراً مضاعفاً، فالخبز بالنسبة لها ليس مجرد طعام، بل هو خط الحياة.

وتشكو أم محمود أنها لا تشعر بأجواء رمضان هذا العام في ظل غلاء الأسعار وعدم وجود مواد غذائية في الأسواق إضافة إلى معاناة ابنتها المريضة بداء السكري في ظل حاجتها إلى أدوية وأطعمة معينة غير متوفرة وسط هذه الظرف العصيبة.

وقالت "والله السنة اللي فاتت لما يجي علينا رمضان كان له بهجة وحاجة حلوة. نجيب الحلاوة والجبن والبيض وما نخليش ولا حاجة إلا لما نجيبها. الآن جي علينا رمضان مش حاسين أنه رمضان. من قلة ما يوجد بين أيدينا وما نواجه من غلاء. غلاء المعيشة ذبحنا ذبحا. بنروح على الأسواق ومش بنلاقي أكل".

وأضافت "بس بنتي هذه التي تأخذ أنسولين يعني صعب تتأقلم لأنها من غير أنسولين لا يمكنها أن تعيش. وإذا لم تأكل الخبز ستموت. لا يمكنها ان تأكل الأرز لأنها مريضة سكر".

أما أمجد الشوا، رئيس شبكة المنظمات الأهلية، فينقل صورة قاتمة عن الوضع في غزة، حيث المساعدات الدولية لا تكفي لمواجهة الاحتياجات المتزايدة. القصف، الحصار، والقيود على المعابر تضيف إلى الأزمة الإنسانية المتفاقمة. ومع دخول رمضان، تتعالى الدعوات لضغط دولي من أجل فتح المعابر وإدخال المساعدات الغذائية والدوائية.

وقال "كان لا يزال حجم المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة هو قليل جدا مقارنة بالاحتياجات الكبيرة الناجمة عن العدوان الإسرائيلي والحصار المستمر من قبل الاحتلال الإسرائيلي وبخاصة منع الإمدادات. ونخص هنا شمال قطاع غزة ومدينة غزة التي تعاني الأمرين جراء القصف وجراء أيضا سوء التغذية والجفاف والذي أودى بحياة عدد كبير من الأطفال والنساء".

وأضاف: "الأوضاع تتجه إلى مزيد من السوء في ظل القيود الإسرائيلية التي تفرض على دخول المساعدات. مع دخول شهر رمضان كنا نأمل أن يكون هناك ضغط دولي أكبر من أجل فتح كل المعابر دون شروط أو قيود ودخول كل أنواع المساعدات وبخاصة المساعدات الغذائية والدوائية إلى مختلف أنحاء قطاع غزة".

وأعلن برنامج الأغذية العالمي منتصف الأسبوع الماضي أنه تمكن بنجاح من توصيل أول قافلة مساعدات غذائية إلى شمال قطاع غزة منذ 20 فبراير شباط قائلا إنها تكفي 25 ألف شخص.

وقال الشوا "الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) وبرنامج الأغذية العالمي وعدد من المؤسسات الدولية والمحلية باتت الشريان الرئيسي لتقديم المساعدات لمختلفات قطاعات شعبنا الفلسطيني خاصة في غزة والشمال وأيضا في مراكز النزوح".

وأضاف "نتحدث عن قرابة 85 بالمئة من سكان قطاع غزة من النازحين الذين تركوا خلفهم كل شيء وهم بحاجة ماسة لتقديم المساعدات. هناك أيضا 80 بالمئة ممن فقدوا مصادر دخلهم مما يعني أنهم بدون أي مصدر دخل لقرابة ستة أشهر الآن".