نابلس - هيا قيسية - النجاح الإخباري - " أكلنا من صبر البلاد" ..

قالها الأسير المنتزع لحريته من سجن جلبوع، والمعاد اعتقاله بعد خمسة أيام من الحرية، محمد العارضة، حين زاره محاميه رسلان محاجنة، منتصف الليلة الماضية، للمرة الأولى منذ إعادة اعتقاله.

ولعلها جملة أثلجت صدور الفلسطينيين الذين شغل بالهم حال الأسرى ووضعهم بعد انتزاع حريتهم. وكانت الأرض معطاءة وفية لأبنائها، فلم تتركهم جائعين، فتحت لهم أحضانها لتطعمهم التين والصبر، تعويضا عن صبرهم لأكثر من 20 عاما من الحرمان.

كان سهل مرج بن عامر " أسير الاستيطان" هو الملاذ لأسرى نفق الحرية، فما هي قصة هذا السهل؟

تبلغ مساحة سهل مرج بن عامر نحو 351 كم،  مابين الجليل وجبال نابلس شمال فلسطين، يأخذ شكل المثلث الذي يضم بأضلاعه حيفا وجنين وطبريا.

ويتكوّن مرج بن عامر من تجمعات سكنية عربية وعددها خمسة عشر فقط، بينما  يغتصب الاحتلال ماتبقى منها لـ 39 تجمعا يهوديا، أكبرها العفولة.

أطلق الكنعانيون عليه سهل يزراعيل نسبة لقرية زرعين، بينما أطلق عليه الرومان اسم اللجون ويعني جميع مرج بن عامر دون استثناء وبما فيها جنين.

أما العرب  فأسموه بن عامر نسبة إلى قبيلة بني عامر، وبنو عامر ينتمون إلى قبيلة كلب القحطانية، وتعتبر قبيلة بني كلب وجذام من أول القبائل التي سكنت في فلسطين.

لعل المشاركة الوجدانية بين احتضان السهل لأسرى نفق الحرية، والأحداث التاريخية التي مر بها عبر الزمان، تجعلنا نتذكر ونبحث عن هذه الأحداث، لنجد أن معارك عدة حدثت على أرض هذا السهل منذ زمن بعيد.

فمن أشهرها معركة مجدو مع تحتمس الثالث، الذي قام بغزو مجدو وعمل على فتحها.

كما وقت معركة كبيرة بين الإنجليز والجيش العثماني، حينها قُتل عدد كبير من الجيش العثماني  وأخذ الجيش يدعو جنوده للاستبسال والدفاع عن أرضهم.

سهل مرج بن عامر لمن يمر بمحاذاته من جهة جنين، يرى الخضار والمساحات الواسعة في صورة  تجعله من اجمل السهول في العالم، فأرضه خصبه، ومزروعاته متنوعة، ملائم لزراعة الحبوب، ويعتبر سلة خبز فلسطين.

كما مرت  من سهول مرج بن عامر خطوط السكك الحديدية الحجازية، وأنابيب البترول العراقية، وكان السهل بمثابة بوابة فلسطين ومفتاحها، حيث مر من خلاله  ومن خلال أوديته الفاتحون والغزاة.


ومع قصة الأسرى الذين انتزعوا حريتهم من سجن جلبوع ولجأوا لهذا السهل العظيم، زادت محبته وتعلق الفلسطينيين به أكثر من السابق، فكان للأسرى يدُ عونٍ تطعمهم، وتحتضنهم عندما يغلبهم النعاس سويعات.