نابلس - النجاح الإخباري - على مدار عقود طويلة ساهمت الصحافة الفلسطينية والكتاب الفلسطينيين في تطوير الحركة الصحافية الفلسطينية العربية، والصحافة الورقية الفلسطينية لا شك أنها واكبت التقدم التكنولوجي بموقعها، واختارت الحفاظ على نسختها الورقية التي لا يزال يقرأها العديد من أفراد المجتمع الفلسطيني، ويكتب فيها نخبة الكتاب الفلسطينيين.

ولكن في عصر السرعة والتطور التكنولوجي وانتشار المعلومات والأخبار كالنار بالهشيم خاصة بعد الأحداث المتصاعدة في قطاع غزة والضفة الغربية بعد الـ 7 من أكتوبر، يرى المحرر سائد أبو فرحه والذي تخصص في مجال الإعلام المكتوب وعمل في صحيفة الأيام منذ عام 1999 أن وضع الصحافة المكتوبة ليس بأفضل حال، وذلك يعود لأسباب كثيرة، من أبرزها انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، فاليوم يميل المجتمع إلى المعرفة السهلة لكن غير العميقة، بمعنى أن الاخبار مثلا تصل للناس على اجهزتهم الخلوية دون بذل جهد كبير.

وأضاف "نحن نعيش في مجتمع غير قارىء، بالتالي لا يجب توقع إقبال الناس عموما على وسائل الإعلام المقروءة، وقد يقترح البعض تقديم محتوى مدفوع لكن ذلك لا يبدو منطقيا في ظل ضعف الإقبال أصلا على قراءة الصحف وغياب المجلات المتخصصة عموما في الساحة الفلسطينية.

وذكرأبو فرحه أن قطاع الإعلام بشكل عام مكلف، وهذا أثر على موارد وسائل الإعلام المقروءة او المكتوبة، إذ أن وسائل الإعلام هذه تعتمد على الإعلان أساسا في تمويلها، بيد أن وسائل التواصل الاجتماعي وتحديدا فيسبوك قدم خيارا ممتازللمعلنين.

أما بخصوص مسألة بقاء هذه الوسائل ومستقبلها أشار أبو فرحه أن الأمر لا يبدو وردياً وهو يعتمد على عدة عوامل من ضمنها قدرتها على توفير المال اللازم للاستمرار، ما يستدعي في أحد جوانبه تنويع مصادر الدخل أسوة بما يجري في الكثير من دول العالم، وإن بيع المحتوى ليس خيارا متاحا في الحالة الفلسطينية لأن الجمهور عموما غير قارىء وثقافة الإقبال على المحتوى المدفوع ليست دارجة لديه بشكل عام.

وأوضح أبو فرحه أن تمويل الإعلام المقروء مسألة صعبة، وفي فلسطين نرى أن الإعلام الحكومي هو من يحظى بالدعم من هنا يصبح حال الإعلام الخاص أكثر صعوبة وخاصة المكتوب، الذي تبدو خياراته قليلة، بالتالي ينبغي لهذا الإعلام ان يسعى إلى تجنيد التمويل عبر وسائل مختلفة مثل الاعتماد على عامل الطباعة، إلى غير ذلك.

أم عن المادة المقدمة للجمهور في الإعلام المقروء فهي تمتاز بتركيزها على الشأن المحلي، لكن في ظل تقديم الفيسبوك الخبر السريع والآني تبدو وسائل الإعلام المقروءة وكأنها تقدم أخبارا مكررة او قديمة، حتى وإن توفرت فيها مسألة الاستفاضة.

وتابع أبو فرحه:"أعتقد ان عامل توثيق الاحداث هو ما يعتبر العامل الأبرز في عمل هذه الوسائل دون تغييب حقيقة وأن هذه الوسائل تقدم مادة إعلامية تمتاز بالدقة والمهنية مقارنة مع كثير مما يقدم عبر مواقع التواصل الاجتماعي من حيثيات تفتقر إلى الموضوعية والصحة كما أثبتت التجربة في كثير من الأحيان.

أما المحاضر في المحاضر في كلية الإعلام في جامعة النجاح الوطنية الدكتور أسامة عبدلله فيشير في حديث لـ"النجاح"أن حال الصحافة الورقية الفلسطينية لا يسر صديق، بل أنها لم تعد تلك الصحف التي لمع بريقها مع بداية قدوم السلطة خصوصا مع هامش الحرية التي تمتعت به. إلا أنها اليوم لم تعد تذكر بين وسائل الاعلام الحديثة.

وأشار عبدلله إلى أن الصحف الفلسطينية الثلاث أصبحت تدور في فلك الدوائر الحكومية أو في مقرات الأحزاب ومحطات الوقود، بحيث يراها الجمهور المتلقي مجرد وسيلة إعلامية عادية لا تقدم أفضل أوعلى أقل تقدير مثل وسائل الإعلام الأخرى.

وأوضح أنه وبطبيعة الحال أثرت الصحافة الإلكترونية على نظيرتها التقليدية بأن جذبت الأولى الجمهور لصالحها لسرعتها وتنوعها وسهولة الوصول اليها، كما ان الإعلام الإلكتروني جفف أهم منبع للتمويل من خلال الإعلانات المدفوعة.

و يرى الكتاب الفلسطنيين أن الصحافة الورقية لم تعد للنخب أيضا، وأن  من يتابعها هم الرعيل الأول، ومن لا تستهويهم التقانة الحديثة فقط.