النجاح الإخباري - مفهوم الإخوة الأعداء ليس حكراً على شعوب معينة، بل نجده حتى في.. ألمانيا. فالأخَوان أدولف ورودولف داسلر Adolphe & Rudolph Dassler تشاجرا عقوداً بالأحذية الرياضية.. طبعاً بتصنيعها وتسويقها والتنافس في تصميمها، وليس التراشق بها.

في البداية، طور الأخوان ورشة والدهما المتواضعة بماركة موحدة: «غيبرودر داسلر»، لقب الأسرة. وحظيت منتجاتهما بسمعة طيبة لجودتها، فاعتُمدت للرياضيين الألمان بدءاً من دورة الألعاب الأولمبية لعام 1928، في أمستردام. ثم ذاع صيتها خارج ألمانيا. ومع الشهرة والثروة، اشتد الخلاف وتعمّقت الغيرة. وباتت القطيعة «الرسمية» لا مناص منها، فحلّت فعلاً في عام 1948. احتفظ أدولف بالمصنع وبراءات الاختراع. لكن، تعيّن عليه تغيير الاسم. فاختار كنيته «أدي» مضافاً إليها الأحرف الثلاثة الأولى من لقب العائلة: «داس». فأصبحت الماركة «أديداس»، ذات الخطوط الثلاثة المعروفة.

كما أسهم تباين شخصيتي الأخوين في تكريس عدائهما. فالأصغر أدولف، كان تقنياً بارعاً، أبدع في إيجاد تصاميم فريدة وعكف على تطوير المنتجات ووسائل تصنيعها. كما مارس شخصياً الركض، مما عزز براعته في تصميمها.

في المقابل، كان البكر رودولف متحدثاً لبقاً، ضليعاً في العلاقات العامة والتواصل والتسويق، فطن إلى الإمكانات التجارية الكامنة الهائلة من لوذ الألمان إلى الرياضة كمتنفس. فألمانيا توجهت إلى التربية البدنية كوسيلة للتعويض عن الإحباط والمهانة إثر هزيمتها في الحرب العالمية الأولى.

وفتح رودولف مصنعه مباشرة قبالة مصنع أخيه، في الصوب الآخر من النهر. وفي البداية، وجد تسمية لماركته على غراره: «رو» أول حرفين من كنيته، مضافاً إليهما «دا»، أول حرفين من لقبه: «رودا». لكن، تبين أنه اسم غير مُغرٍ تجارياً، فغيّره إلى «پوما»، أي أسد الجبال، الحيوان الشرس الوثاب، مما يوحي بالسرعة والمرونة والخفة.

وثمة سبب آخر لعداء الأخوين: الغيرة والنميمة والحسد بين زوجتيهما. ففي أيام العز، كانت العائلتان تسكنان تحت سقف واحد، في فيلا فارهة. فأدى التعايش إلى حساسيات ومشاكل بين الكنّتين، مما عمق الهوة بين الأخوين كتحصيل حاصل. إلى ذلك، أثناء الحرب العالمية الثانية، تمّ تجنيد رودولف، بينما أعفي أدولف من الخدمة على أساس ضرورة دوره في الإشراف على إنتاج أحذية للجيش الألماني. فحقد رودولف على أخيه أكثر.

والطريف: طال الخصام سكان ناحية «هيرزوغن أوراخ»، حيث يقع مصنعا الأخوين، بين مؤيد لهذا أو لذاك، بما يُذكر بأنصار فريقي برشلونة ومدريد. ويلقّب الألمان تلك الناحية «مدينة ذوي الرقاب المتطأطئة». والسبب: حالما يلتقي اثنان من سكانها، يمدّ كل منهما رقبته نحو الأسفل لتحديد «مذهب» الآخر من حذائه: هل هو «أديداساوي» أم «پوماوي»؟