النجاح الإخباري - في وسط خان يونس بقطاع غزة، هرولت أم محمد الفرا بخطى مثقلة بالتعب باتجاه ما تبقى من ركام مدرسة حيفا الرسمية. تخرجت من هذه المدرسة العريقة، التي أصبحت الآن كومة من الحجارة والذكريات. وهي تتمتم باكية: "عوضنا عوض خير يا رب، حن علينا يا رب".

قالت أم محمد بصوت مخنوق بالحزن: "هذه مدرستي ومدرسة أولادي وأهلي وربعي كلهم. كلنا تخرجنا من هذه المدرسة، عمرها أكثر من ثمانين سنة، تخرج منها علماء مثل الدكتور فاروق الفرا رحمة الله عليه". ثم أضافت بحرقة: "كيف لا يحترق دمي على هذه المدرسة وكل المدارس التي دمرت".

تعرضت مدرسة حيفا، التي يعود تاريخ بنائها إلى عام 1943، لقصف إسرائيلي مدمر. هذا القصف حول أجزاء كبيرة منها إلى ركام، مما أضاع معالمها التاريخية. كانت المدرسة مبنية بالحجر الصخري المنحوت يدويًا على الطراز الهندسي المعماري الإسلامي، ومؤلفة من طابقين، وتزينها النباتات الوردية والياسمين الذي يمزج عبيره مع أريج الماضي والتراث الفلسطيني.

ينظر حسني صقر أبو محمد إلى المدرسة التي تخرج منها ويقصدها أولاده بحزن شديد، قائلاً: "هذه تراث من تراثنا، يعود تاريخها إلى الأربعينات، مدرسة حيفا في خان يونس قديمة وهي عنوان. يحصل لها ما حصل ولا أتحسر عليها، أنا وغيري سنتحسر عليها". 

وأضاف أبو محمد بمرارة: "والله انقهرت، ولكن ما في اليد حيلة. أنا بيتي احترق، ولكنني انقهرت على المدرسة أكثر. بإمكاني أن أصلح بيتي، لكن هذه المدرسة مبنى قديم، كيف يمكن إعادة بنائها كما كانت".

أبو محمد، البالغ من العمر 54 عاماً، تساءل عن الخطر الذي تشكله المدرسة التي كانت تأوي آلاف النازحين من سكان قطاع غزة قبل قصفها وتجريفها. ثم سار نحو الركام، يعاين الأحجار المتناثرة، ورفع إحداها بصعوبة وقبلها، قاطعاً وعداً بإعادة البناء.

بهذا المشهد المليء بالألم والأمل، تبقى مدرسة حيفا رمزاً لصمود أهل غزة، وتظل الذكريات التي تحملها تلك الحجارة شاهدًا على تاريخ طويل من الكفاح والنضال.

المصدر: النجاح + وكالة أبناء العالم العربي