النجاح الإخباري - أبلغ مصدر أمنيّ مصريّ وكالة أنباء العالم العربي (AWP) اليوم الثلاثاء بأنّ القوّات المصريّة موجودة داخل معبر رفح لحمايته، وقال إنه لا تغيير في وضع العاملين المصريين به ولن يتم إجلاؤهم من المعبر.

وأوضح المصدر أنّ شاحنات المساعدات ما زالت موجودة على الجانب المصري من المعبر في انتظار السماح لها بالدخول، قائلا إنّ القوات المصريّة "مستعدّة لكافة السيناريوهات".

وكان جيش الاحتلال قد أعلن في وقت سابق اليوم الثلاثاء السيطرة على الجانب الفلسطيني من المعبر في عمليّة عسكريّة مباغتة بمدينة رفح الفلسطينية.

تأتي هذه التطورات في الوقت الذي تجري فيه جولة جديدة من المفاوضات في العاصمة المصرية القاهرة سعيا لإبرام اتفاق هدنة، يشارك فيها ممثلون عن دول الوساطة، الولايات المتحدة وقطر ومصر، بالإضافة إلى وفدين من إسرائيل وحركة حماس الفلسطينيّة.

وفي أول رد فعل على الخطوة الإسرائيلية، أدانت وزارة الخارجية المصرية ما وصفته بالتصعيد الخطير وسيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وحذّرت من أنّ هذا يهدد حياة أكثر من مليون فلسطينيّ يعتمدون اعتمادا أساسيّا على المعبر، باعتباره شريان حياة رئيس لقطاع غزة ومنفذا آمنا لخروج الجرحى والمرضى لتلقّى العلاج.
 
في السياق، نقلت وسائل إعلام محليّة عن مصدر مصريّ وصفته بأنه رفيع المستوى أنّ القاهرة تواصل جهودها لوقف التصعيد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينيّة، قائلا إنّ الوفد الأمنيّ المصريّ حذّر من عواقب اقتحام معبر رفح من الجانب الفلسطيني وطلب وقف هذا التحرّك فورا.

* محور فيلادلفيا

وهذه هي المرّة الأولى منذ نحو 19 عاما التي توجد فيها قوات إسرائيليّة في محور فيلادلفيا، الذي تحظر اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل وجود أي آليات عسكريّة إسرائيليّة فيه، حيث كانت إسرائيل قد انسحبت في عام 2005 من معبر رفح ونقلت مُهمّة الإشراف عليه للسلطة الفلسطينيّة مع وجود مراقبين من الاتحاد الأوروبي.

يقع محور فيلادلفيا على الأراضي الفلسطينية بين شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة على طول الحدود المصرية مع القطاع؛ ويمتدّ من البحر المتوسّط شمالا حتى معبر كرم أبو سالم جنوبا، حيث نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزة وإسرائيل. ويشكّل المحور شريطا عازلا بين مصر والقطاع بطول يبلغ نحو 14 كيلومترا وعرضه بضع مئات من الأمتار.

وفي سبتمبر أيلول 2005، وُقّع اتفاق فيلادلفيا بين إسرائيل ومصر، والذي يُعتبر ملحقا أمنيا لمعاهدة السلام لعام 1979. ويُسمح هذا الاتفاق لإسرائيل ومصر بنشر قوّات عسكريّة محدودة في المنطقة (د) بعمق كيلومترين على جانبيّ الحدود، على ألا تتضمن تلك القوات أي انتشار لدبابات أو مدفعيّة أو صواريخ. 

كما يسمح الملحق بنشر قوات مصريّة على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، تتمحور مهمتها فقط في مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب، فضلا عن الكشف عن الأنفاق.

وأقيم على هذا المحور معبر رفح البري، الذي يمثّل المنفذ الرئيس لسكّان غزة إلى العالم الخارجي. وظهرت المنطقة العازلة محور فيلادلفيا، التي تعرف فلسطينيا باسم "محور صلاح الدين"، على أثر معاهدة للسلام بين مصر وإسرائيل، والتي نصّت على إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود بين الجانبين.
 
في عام 2007، سيطرت حركة حماس الفلسطينيّة على قطاع غزة، وأصبح محور فيلادلفيا بالتالي تحت سيطرتها. وفي نهاية عام 2013، شدّدت السلطات المصرية قبضتها على المنطقة، وبنت جدارا فولاذيّا قالت إن الهدف منه منع تسلل المسلّحين إلى أراضيها، في حين جرّفت حركة حماس مناطق حدوديّة ونصبت فيها أسلاكا شائكة.

وبحسب صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيليّة، فإن الجيش الإسرائيلي يسعى خلال الأيام المقبلة للسيطرة على المحور بالكامل جنوب قطاع غزة. وأثار إعلان إسرائيل سيطرتها على الجانب الفلسطيني من المعبر تساؤلات بشأن ما إذا كان هذا التحرّك يمثّل خرقا لاتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.

* ليس خرقا 
 
ويرى اللواء نصر سالم، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية في مصر، أنّ التحرّك الإسرائيلي لا يمثل خرقا لاتفاقية السلام، حيث قال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن "تمركز الآليات الإسرائيلية خارج المنطقة (د) وفقا لاتفاقية السلام، وتوجد في المعبر قوّات خاصة وليس دبابات".
 
واعتبر سالم أنّ الهدف الأساسيّ من سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطينيّ من معبر رفح هو الضغط على حركة حماس الفلسطينيّة لتقديم تنازلات في الجولة الجديدة من المفاوضات.
 
وقال "إسرائيل تقوم بما يُطلق عليه الردع المتدرّج لقادة حماس، خاصة وأنّ حماس فاجأت إسرائيل بقبول الورقة المصريّة الخاصة بوقف إطلاق النار، بعدما أعدّت (إسرائيل) العدّة لعمليّة عسكريّة في رفح".
 
وأضاف "حال موافقة حماس على تقديم تنازلات، فإنّ ذلك سيُعطي (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو انتصارا يُمكن أن يسوّقه للداخل، خاصة اليمين المتطرف؛ أمّا رفض حماس، فيمنح إسرائيل ذريعة لاجتياح رفح".
 
ويُحذّر سالم من ما وصفها بأنّها عواقب "كارثيّة" لاجتياح إسرائيل رفح الفلسطينيّة على أكثر من مستوى، حيث يقول إن "أكثر من 90 بالمئة من مقاتلي حماس خارج الأنفاق ومستعدون لمعركة رفح، ما سيكبّد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة، وستردّ إسرائيل باستخدام قوّة غاشمة تؤدّي إلى مقتل آلاف المدنيين".

أضاف "هذا الأمر سيدفع آلاف الفلسطينيين إلى الحدود المصريّة؛ ومن المستحيل أن تصوّب القوات المصرية فوّهات أسلحتها تجاه أشقائنا الفلسطينيين".
 
وبحسب مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، فإن مصر لديها خطط للتعامل مع كافة السيناريوهات؛ لكنّه قال إنه "ليس من الحكمة التصريح بتفاصيل هذه الخطط".
 
وأعلنت مصر في أكثر من مناسبة رفضها تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر، واعتبار ذلك خطا أحمر بالنسبة لها لا يمكن تجاوزه؛ كما أنّها أعلنت رفضها سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا.