ناجي شراب - النجاح الإخباري - تتفق كل الحكومات الإسرائيليه بكل تكويناتها على إستبعاد مقاربة حل الصرع مع الفلسطينيين والتي تقوم على إيجاد حلول جذريه للقضايا الشائكه كالقدس واللاجئيين والدولة والحدود. فهذه القضايا محسومة فكرا وايدولوجيه، فالقدس عاصمة موحده، ولا عوده للاجئيين تحت ذريعة قومية الدولة والشعب، ولا للدولة الفلسطينية بالمعنى السيادي والحدود، فالقبول يكون لدولة برتوكوليه بدون حدود وبدون سياده، ولا للسيطرة الفلسطينية على الموارد المائيه ولا على المناطق الحدوديه كغور الأردن للحيلوله دون إستمرارية العمق العربي. فهذه المقاربه هي التي تفسر لنا إستمرار العمل باتفاق أوسلو الذي يعطي إسرائيل كل السلطات ألأمنية ، لكن في نفس الوقت تدرك إسرائيل ان هناك صراعا وشعبا له وجود تاريخي وله حقوق أقرتها الشرعية الدوليه، ولا تستطيع ان تغمض عينيها على الصراع في شكله العسكري ، ولا يمكن أن تتجاهل ان هناك آلاف الأسرى الفلسطينيين يذكرونها كل لحظه انها سلطة إحتلال وأنهم أسرى حريه. هذه الحقائق على ألأرض فرضت على إسرائيل مقاربة إدارة الصراع بالعمل على إحتواء العنف وتوسيع دائرة الحقوق الإقتصاديه والإجتماعيه من خلال سلطة حكم ذاتي فلسطينيه وظيفتها في ألأساس إدارة شؤون أكثر من خمسة ملايين نسمه في الضفة وغزه. وفي عهد حكومات نتانياهو نجحت إلى حد كبير في إدارة الصراع بالإستمرار في التنسيق الأمني والمحافظة على الهدوء في الضفة الغربية وبسياسة الجزرة والعصا في غزه ، وإستغلال ذلك في التوسع الإستيطاني بشكل غير مسبوق في الأراضي المخصصه للدولة الفلسطينية وهو ما يؤكد لنا فرضية عدم القبول بدولة فلسطينية في قلب إسرائيل، تعرف إسرائيل انه ستكون النهاية لها. سياسة إدارة الصراع لم تحقق أهدافها فبقيت العلاقات تتسم بالتوتر والتصعيد في كثير من ألأحيان والمواجهات والتي كان آخرها في ألأقصى والتي إمتدت لداخل إسرائيل بالحراك العربي وهو الذي يشكل الخطر الحقيقي عليها. ومع حكومة بينت التي تجمع قوى من اليمين واليسار وأول حزب إسلامي ، فهي بكل المعايير حكومة ليست قويه وقابله للسقوط. وإستمرارا للسياسات السابقه تخرج الحكومة الجديده وعلى لسان رئيسها بينت بمصطلح جديد في مفرداته قديم في مضمونه وهو تقليص الصراع, والهدف واحد ولكن الآليه قد تختلف قليلا. الهدف تجميل الاحتلال وشرعنته وإستدامته، اي أن الهدف العمل على شطب مفهوم الاحتلال من الذاكره الفلسطينية ، وتقديم إسرائيل في صورة جديده للعالم انها ليست سلطة إحتلال، وان النزاع مجرد نزاع ثنائي على قضايا تتعلق ببعض المطالب وليس الحقوق ، وهذا هو الهدف الثاني ان المشكله هي مطالب وليست حقوقا للفلسطينيين.بينت يقول ان على الفلسطينيين أن يتحملوا المسؤوليه عن أفعالهم وأن يفهموا ان العنف سيواجه برد حاسم، وأن الهدوء الأمني وإنشغال الفلسطينيين بالشؤون المدنية سيؤديان إلى تطورات في المجال الإقتصادي وتقليل الإحتكاك مع الجيش الإسرائيلي ومن ثم تقليص الصراع. من قبله نتانياهو تبنى مقاربة سلام مقابل سلام بدلا من سلام مقابل الأرض ومقاربة السلام الإقتصادي والتي تحدث عنهما بينت ولبيد وزير الخارجية وأشارا في أكثر من تصريح من أن الظروف غير مواتيه وغير ناضجه لأي حل سياسي،وأن حكومة بينت لن تبرم إتفاقا لحل الدولة..وهذا المفهوم يستند على تغطية الاحتلال من خلال إجراءات وسياسات ومقترحات قدمها الكاتب الإسرائيلي غودمان في كتاب له بعنوان مصيدة 67 ومقال له في مجلة ليبرال الإسرائيلية وهو الأقرب لبينت. وتنفيذا لمقاربة تقليص الصراع وكما أشرنا تجميل الاحتلال ومحاولة تصوير إسرائيل انها ليست دولة إحتلال يقدم ثمانية تصورات ومقترحات أساسها إزالة التوتر والمواجهه والإحتكاك بالجيش ، فالإحتلال رديف الجيش وما يقوم به، وإذا ما عملت إسرائيل على إزالة هذا الإحتكاك فكأنها تلغي مفهوم الاحتلال. وأبرز هذه المقترحات إنشاء بنية تحتيه من الأنفاق تحت ألأرض بين المدن حتى يتمكن المواطن الفلسطيني من التحرك دون أن يرى الثكنات العسكريه، ومنح مناطق إضافيه للسلطه على هوامش القرى والمدن للبناء .والعمل على تسهيل سفر الفلسطينين للخارج في فترات زمنيه قصيره جدا، ومنح مزيد من تصاريح العمل للعمال الفلسطينيين لما يقارب 400 ألف تصريح، تخصيص مناطق في منطقه “ج” لإنشاء مدن صناعيه مشتركه،والعمل على ربط التجار الفلسطينيين مباشرة بالمنافذ الإسرائيليه الجويه والبريه، والعمل على إلغاء إتفاق باريس ومنح الفلسطينيين إستقلالا إقتصاديا كاملا.واخيرا الإعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحده ، دوله بلا حدود وبلا سياده.ومقابل هذه الخطوات تظل إسرائيل تحتفظ بكل السلطات الأمنية والعسكرية المباشره في الآراضي الفلسطينية والبقاء الدائم في منطقة غور الأردن الإستراتيجيه .ويبقى الفضاء الكهرومغناطيسى تحت السيطرة الإسرائيليه . بقراءة هذه الخطوات التي تبدو شكلا مقبوله لكنها تذهب أبعد من تقليص الصراع إلى إنهاء الصراع. والسؤال ما هي المقاربات الفلسطينيه للرد على هذه المقاربه الإسرائيليه.