أسامة الأشقر - النجاح الإخباري - على إثر قرار الإمارات والبحرين التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي قال شيخ الأزهر أحمد الطيب في حديث معه أن العرب فقدوا أنفسهم وأنه لن تقوم لهم قائمة بعد اليوم، هذه الجملة التي صدرت عن شيخ بقامة الشيخ أحمد الطيب شيخ أكبر وأهم صرح علمي إسلامي له دلالات ذات معاني عميقة، وذلك لأسباب عديدة أهمها أن هذه التصريحات تخرج من قامة دينية وعلمية مشهود لها بالاستقامة والعلم والورى والتقوى، ولأنها تأتي في الوقت المناسب، فالعالم الإسلامي والأمة العربة يمران بأخطر مراحلهما التاريخية، حيث تعصف بهما عديد الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. والأخطر من هذا كله هي حالة الضياع الفكري التي تضرب شعوب الأمة كلها، أيضاً فهذه التصريحات تشكل صرخة حقيقية من عالم يدرك حقائق الأمور وخطورة الأزمة التي تعاني منها دول هذه المنطقة جمعاء، لهذا كله يعتبر ما صرح به الشيخ الطيب جدير بالاهتمام والنقاش والتحليل، فهل فعلاً وصلت الحالة العربية ومن خلفها الإسلامية لمرحلة اليأس التي لم تعد تنفع معها أي علاجات، وهل أصبح من غير الممكن حتى محاولة الإصلاح، ولكي لا نبدو عبثيين لا بد لنا من النظر بعمق لمواطن القوة إن وجدت، وكذلك لمواطن الضعف التي تبدو واضحة للناظر العادي، فأهم عناصر القوة التي تتمتع بها الأمة العربية والإسلامية هي وحدة الخطاب الإلهي الذي تتمسك به برغم اختلافاتها الكبيرة، وكذلك مساحتها الجغرافية وثرواتها الطبيعية وطبيعة المجتمعات الشابة وتبقى اللغة العربية هي أهم مصادر القوة التي تتمتع بها الأمة العربية وكذلك فإن انعكاس هذه العوامل مجتمعة إيجابياً على الأمة الإسلامية يجعل من وحدة المصير العربي والإسلامي أمراً ثابتاً ومصدر قوة هام. أما ما يجب البحث والتعمق فيه فهي عوامل الضعف الكثيرة التي تحيط بالمجتمعات العربية والإسلامية من كل جانب فحالة التخلف والفقر والجهل والانقسام الطائفي والسياسي كلها تعبير لمرض مزمن أصاب شعوب العالم الإسلامي أجمع وهي امتداد لعقود كاملة من الإحباط الناتج عن حالة الاختراق التي عانت منها هذه الشعوب حتى أصبح أهم عنصر من عناصر القوة وهو العقل يعاني من أمراض فكرية خطيرة أدت فيما أدت إليه مجموعة النتائج التي بدأت تطفوا على السطح، فالخلل الواضح الذي تدركه مجموعة النخب الفكرية والثقافية هو في طبيعة التفكير الذي يعتمد على تحليل غير واقعي ومنطقي للأحداث وهو ما يدفع مجموعة من حكام الدول العربية والإسلامية لاتخاذ قرارات مصيرية بأساليب بدائية معتمدة على مدخلات مفبركة لها أهداف تمت بلورتها داخل مراكز التفكير الغربي بهدف الوصول للحالة التي تعيشها الأمتين العربية والإسلامية هذه الأيام والتي تؤكد أننا فعلاً قد فقدنا أنفسنا، فحالة الاغتراب والاحتراب والضياع الفكري تشير بوضوح لهذا الاستنتاج الذي وصل إليه الشيخ أحمد الطيب.