موفق مطر - النجاح الإخباري - بعزة نفس وكرامة المناضل القائد لحركة تحرر وطنية، ورئيس شعب في خندق المواجهة الأول مع المشروع الصهيوني الاستعماري الاحتلالي يذهب الرئيس محمود عباس الى مؤتمرات القمة العربية والاجتماعات الطارئة لوزراء الخارجية العرب في الجامعة العربية والتي كان احدثها في القاهرة اول أمس.
لا يطلب من الأشقاء العرب وانما يذكرهم بما هو حق لفلسطين القضية المركزية للأمة كما يعتقدون ونعتقد، وبما هو واجب عليهم لحماية أمنهم القومي، من منطلق أن الأمن القومي العربي مرتبط بالأمن والاستقرار والسلام في فلسطين.
يؤكد الرئيس في كل مناسبة يجتمع بها مع الرؤساء والملوك والأمراء والوزراء العرب انتماء الشعب الفلسطيني للأمة، وأن فلسطين جزء من الوطن العربي، وأن العمل العربي المشترك والمواقف العملية هو ما نريد تجسيمه ليس في ملف القضية الفلسطينية وانما في كل القضايا العربية، ارتكازا على القرار الوطني المستقل لكل دولة وبالتحديد دولة فلسطين التي احوج ما تكون لدعمها في هذا الاتجاه، بما يؤمن مصالح الشعب الفلسطيني العليا، المرتبطة مصيريا بمصالح الأمة العربية العليا ايضا.
كانت الأراضي اللبنانية والسورية المحتلة ( شبعا والجولان ) حاضرة كالقدس في كلمة الرئيس ابو مازن امام وزراء الخارجية العرب، وفي هذا المضمون جوهر المعنى الذي نقصده من موضوعة الأمن القومي العربي، فقضايا الحرية والتحرر لا تتجزأ ولا يمكن فصلها عن بعضها، حتى وان أمكن تحقيق انجازات ثابتة في احدى جبهاتها.
منطق الرئيس أبو مازن السليم، وسرده المعلومات والبينات والحقائق، بصدق وصراحة كما عهدناه أمام صانعي القرار في الدول العربية، حتى يمكننا القول بأن كلمة الرئيس كانت ( رسالة تاريخية ) بكل ما تعنيه هذه الكلمة خاصة اذا قرأنا ما البعد الثالث في كل كلمة نطقها الرئيس.. وعلينا التذكر دائما ان الرئيس محمود عباس ليس معنيا بالمفردات والمصطلحات والشعارات الملهبة للانفعالات، فعنايته تتركز على مخاطبة العقول والضمائر باسلوب السهل الممتنع، المرفوعة على حقائق دامغة ومصداقية باتت العلامة البارزة في شخصيته الى جانب حكمته وعقلانيته وواقعيته السياسية وصبره وتوجهاته الانسانية البارزة فعلا في سعيه نحو تحقيق السلام وفق مرجعيات الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن المتعلقة بالقضية، وكذلك تمسكه بحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والطبيعية، وتلك المعترف بها من الشرعية الدولية، والتي على أساسها يناضل من اجل تحقيق انجاز استقلاله بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران من العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وضع الرئيس ابو مازن وزراء الخارجية العرب امام مسؤولية تاريخية، أولها يتعلق بمقومات الشخصية العربية، التي اذا تعهدت ووعدت اوفت، واذا وقعت التزمت مهما كان الثمن، والتي بناء عليها لا يجوز مخالفة نصوص المبادرة العربية كما اعلنتها القمة العربية في العاصمة اللبنانية بيروت في شهر حزيران من العام 1996 لشعوب الأمة العربية... 
كشف الرئيس ابو مازن حجم المعاناة في معركة صنع السلام وتحقيق الحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني ليس مع حكومات نظام تل ابيب المتعاقبة وحسب بل مع كل الادارات الأميركية التي لم تلتزم بتعهداتها وبمواقفها المعلنة على الأقل، ما يعني انه اراد توجيه انتباه الأشقاء العرب في المستوى الرسمي الى خطر انطلاق دول عربية للتطبيع مع دولة الاحتلال اسرائيل، ومخالفة نصوص المبادرة العربية، فالاحتلال والاستيطان العنصري الاسرائيلي ما زال قائما ويتمدد بدعم من ولي نعمتها وقوتها ومحرضها على التمرد على القانون الدولي الولايات المتحدة وتحديدا ادارة ترامب الأميركية... أما موضوع الثقة بمصداقية الادارة الأميركية من عدمها فيما خص الوفاء بوعودها وتعهداتها لدول عربية فاننا نعتقد ان الأمر خاضع لمستوى القراءة التحليلية التي قد يجريها المسؤولون العرب مجتمعين او منفردين لرسالة رئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس والعبرة سيستخلصونها بعد براهينه التي قدمها عن تجربته المريرة مع الادارات الأميركية وحكومات تل ابيب خلال بحثه عن سلام حقيقي يضمن للشعب الفلسطيني بعضا من حقوقه التاريخية والطبيعية في وطنه.
الرئيس ابو مازن نبه المسؤولين عن السياسة الخارجية في الدول العربية الى التهديد الداهم على الشعب الفلسطيني الذي يمس وجوده، وكشف امامهم نوايا ومخططات نظام تل ابيب لضم الضفة الفلسطينية او اجزاء كبيرة منها بعد ضم القدس، وأن قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال نظام الابرتهايد والاستيطان الاستعماري اسرائيل، والاقرار بسيادتها على الجولان العربي السوري كانت مؤشرات عملية مادية على أبعاد الحملة الاستعمارية الجديدة التي تقودها ادارة ترامب، وأهدافها من ادخال المنطقة في صراعات جديدة، وتغيير منحى الصراع الرئيس مع دولة الاحتلال اسرائيل وسياساتها الاستيطانية العنصرية.
دعا الرئيس ابو مازن الأشقاء العرب لتأمين شبكة أمان سياسية أولاً، والاستمرار بتأمين الغطاء للمعركة الدبلوماسية الفلسطينية في المحافل القانونية الدولية، وذكر بقرار قمّة عمان العربية عام 1980. التي اكدت على أخذ إجراءات سياسية واقتصادية عربية مشتركة ضد أي دولة تنقل سفارتها إلى القدس، وصولاً إلى قطع العلاقات معها..فالقدس هي جوهر الصراع، ومن يفقد القدس يفقد كل اوراق القوة المادية والمعنوية.
الرئيس ابو مازن عاد وأكد مركزية القضية الفلسطينية للأمة العربية، وان القرار الفلسطيني حتى وان كان مستقلا فانه يستمد قوته من قوة القرار العربي الفعلي الموحد، وان القيادة الفلسطينية تلتزم بما تقرره القواعد الأصيلة الممثلة لإرادة الشعب عند كل لحظة تتطلب تحولا مصيريا تاريخيا، لذلك ابلغ وزراء الخارجية العرب أن قراراتهم المعقودة على اساس الحق والواجب ستكون موضع بحث ودراسة في ( المجلس المركزي ) الفلسطيني الذي سيقرر طبيعة المرحلة القادمة بناء عليها.
الرئيس ابو مازن سأل القادة العرب عبر وزراء الخارجية " هل انتم فاعلون "، لكن ليس قبل اقناعهم بقدرة الشعب الفلسطيني على التحدي والمواجهة، وايضاح المطلوب من الدول العربية لدعم سبل صموده، وتأكيده رفض التفريط بمبادئ حركة التحرر الوطنية في قضية الوفاء للشهداء والأسرى، فدعاهم لتأمين شبكة أمان مالية بعد تأمين الشبكة السياسية بالمواقف والقرارات السياسية الحامية للقدس، فنحن لن تنفعنا كل اموال الدنيا اذا أطبق المحتلون المستعمرون العنصريون على القدس، واستكملوا مخططات تهويد مقدساتها.. وعندها سيفقد العرب أمنهم القومي حتى لو امتلكوا أحدث الأسلحة وخزائن مال الدنيا.